الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أمي تُناجدني بسرها!!

المصدر: النهار
وداد كاج
أمي تُناجدني بسرها!!
أمي تُناجدني بسرها!!
A+ A-

أمي الحبيبة

لقد مرّت فترة وجيزة وأنا أترقّبكِ

أترقّبكِ بصمت

صمت شاحب... قاتل.

ترقّبتُ برقّة عينيكِ التي تشنّ غارات غموضٍ مُبْرم!

تُخَبّئينَ وراء غزلة مُقلتيكِ حزناً دفيناً، شحيحاً.

أمّي... أنتِ امرأة عظيمة

باللّه عليكِ اعترفي

من أين تستمدّين القوة؟

أُقسمُ لكِ، ودموعي تنهمر كشلّالاتِ عِلْم الغزالي والفارابي، وبطول قصائد المتنبّي... أنّ لا صبراً قد يُضاهي صبركِ...!

أنتِ فارسةٌ مِغوارة.

أمّي... أعترفُ لكِ أنّني

كنتُ أقْتفي آثار غرفتي ليلاً، أدخلها... وبعد عشر ثوانٍ، أُطْفئ الضوء، لتعتقدي أنّني قد هَرعتُ للنوم...

ولكن، يا أمي، لم أكن أفعل هذا، بل كنتُ أقفُ على باب الشّرفة،

أناظركِ، أُتابع صمتك الدّاكن...

إلى أيْن سيُفْضي بكِ؟!

هواجِسُكِ تكاد تمزّق عقلكِ... هرباً منكِ باتّجاه الهلاك، لتصبّ في قارعة المجهول!

كلّ يوم، أتحسّسُ ضياعكِ، سكونكِ، صمتكِ، وحيرتكِ.

أتحسّسُ ألمكِ... إنّه كالعَلْقَمِ، مرير!

أنا عاجزة يا أمّي... عاجزة عن التصرّف

لقد تنبّأتُ أموراً، لم أكنْ أَعِيْها مسبقاً

أمدّيني ألمكِ المروّع

أترقّب وحدتكِ

صمتكِ يُقلقُني

صمتكِ يمنحني فرصة التجوال في عقلك، فأعودُ من صرعِ أفكاركِ وتخبّطها... إلى فراشي.

أقْتفيها بعناية، أحاول كتْمَ استفاضة عينيّ من البكاء... ولكن، دون جدوى!

..............................

ربّما تسألين نفسك... ما سبب هذه الرسالة؟

أعتقدُ ـ إن لم يخبْ ظنّي ـ أنّك تساءلتِ: لماذا ابنتي حمقاء؟

لأنني قد كتبتُ مُخالفةً للهامش

لماذا برأيكِ؟

لماذا لم أقْتطِع الأطراف المتعرّجة من الجانب الأيسر للورقة؟

ليسَ إهمالاً منّي فحسب، بل تعمّدتُ ذلك

أخالفُ التّيار...

أبَيْتُ اليوم، أن يقيّدني هامش ورقة!

ولكنّ السّطور قد أخضعتني

حتّى وإن اتّخذتُ زاوية من الورقة... إلّا أنني لا أزالُ مقيّدة.

لا مفرّ، إنها تحكمني، تُسَيّرني بمزاجها.

اخترتُ اليوم أن أُطلق العنان لأفكاري المتشتّتة.

أعاكس هَوايَ

لأَزفّ إليكِ جنازة حرّيتي...

لا أريد أن أظلّ عالقة في أوهامي

مخاوفي تقتلني كلّ يوم...

لا تتركيني أمي.

أحبّك..

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم