تواكبُ الولاياتُ المتّحدةُ الأميركيّة الأحداثَ الجاريةَ في لبنان لسببَين على الأقل: تأييدُها التقليديُّ للبنان، ومناهضتُها النفوذَ الإيرانيَّ فيه. السببُ الأوّلُ يجعل لبنانَ بالنسبةِ إلى الأميركيّين كلًّا من كلٍّ، والكلُّ هنا هو لبنانُ بحدِّ ذاته. والسببُ الآخَر يَجعل لبنانَ جُزءًا من كلّ، والكلُّ هنا هو الشرقُ الأوسَط الموسَّع. في السببِ الأوّل لبنانُ هو الغايةُ، وفي السببِ الآخَر لبنانُ هو الوسيلة. هذه الازدواجية تُقلِقني لأنَّ السوابقَ التاريخيّةَ منذ سنةِ 1958 أثبَتت أنَّ واشنطن ضَحّت مرارًا بمصلحةِ لبنان (السيادةُ والاستقلالُ والتوازنُ الديموغرافيّ) لحسابِ أولويّاتِها الأخرى في المنطقة.مأخذُنا على واشنطن لا يُلغي مسؤوليّةَ الدولةِ اللبنانيّة في جهلِ كيفيّةِ التعامل مع الإداراتِ الأميركيّة المتعاقِبَة، وفي فشلِها في جعلِ القضيّةِ اللبنانيّةِ مصدرَ اهتمامٍ خاصٍّ لدى هذه الإدارات، خصوصًا أنَّ لبنانَ يَمتلكُ أوراقًا هامّةً للتأثيرِ في واشنطن وفي طليعتِها الأميركيّون من أصلٍ لبنانيّ. غير أنَّ الدولةَ اللبنانيّةَ عِوضَ أن تجعَلَ القضيّةَ اللبنانية مِحورَ علاقاتِـها مع الولاياتِ المتّحدةِ الأميركيّة، طَرحَت قضايا الآخرين: بين الستّينات والسبعينات كرَّست الدولةُ اللبنانيّةُ علاقتَها مع واشنطن للدفاعِ عن القضيّةِ الفلسطينيّة، ومن التسعينات حتى الآن للدفاعِ عن الوجودِ السوريِّ تارة، وعن سلاحِ "حزبِ الله" تارة أخرى. وفي كل الحالات رَفعت لواءَ العَداءِ الـمُفرِط لإسرائيل، فيما الفلسطينيّون والعربُ تصالحوا معها. بمعنى آخَر، رَفعَ لبنانُ لِواءَ الدفاعِ عن الأطرافِ الّذين هم على...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول