الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حقوق الإنسان في بلدنا تحت مجهر الأزمة

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
حقوق الإنسان في بلدنا تحت مجهر الأزمة
حقوق الإنسان في بلدنا تحت مجهر الأزمة
A+ A-

حسب مقدِّمة الدستور، إنّ لبنان "عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثیقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان"؛ غير أنّ الأزمة الحالية مستعصية والأوضاع الإنسانية مأسويّة ما يستوجب اللجوء إلى حلول جذريّة تصون ما جاء في المادة الثالثة من هذا الإعلان: "لكلّ فرد الحقّ في الحياة والحريّة وفي الأمان على شخصه".

عام 1948 دخل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيّز التنفيذ، واعتمدته الجمعية العامّة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول من السنة نفسها. شارك في تطويره السياسي والديبلوماسي اللبناني د. شارل مالك مساهماً في بلورته وتحريره من خلال عضويّته ثمّ ترؤّسه لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة خلفاً لإليانور روزفيلت، زوجة الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفيلت.

بعد 71 سنة على صياغة النصّ الذي كرّس الكرامة البشريّة لشعوب الأرض دون أي تفريق عرقي، ثقافي، مذهبي، ما مدى احترام حقوق الإنسان في لبنان؟ كيف تؤَمَّن لكلّ فرد حقوقه الأساسيّة؟

يرى الكثيرون أنّ حقوق الإنسان في لبنان منتهكة. كيف؟

إنّ أكثرية المواطنين يكافحون من أجل لقمة عيشهم، ويتضوّر البعض منهم جوعاً. يبحث عدد منهم عن سقف يؤويه ومستشفى يستقبله ودواء يستطيع شراءه... يأمل الجميع بعمل يضمن له ولعائلته الاستقرار، وبشيخوخة آمنة.

وحين شعَرَ المواطن بأنّ حقوقه الأساسية غير متوفّرة انفجَرَ غاضباً وراح ينتفض في الساحات ويعلي الصوت؛ وللأسف، انتَحَرَ من أحسَّ بأنّ آفاقه باتت كلّها مغلقة. 160.000 شخص صُرفوا مجدّداً من عملهم بسبب الأزمة الاقتصايّة. 160.000 عائلة مهدّدة بالجوع عشيّة الميلاد. بحسب تقارير السنوات الأخيرة، إنّ أكثر من ثلث اللبنانيين، فقراء وحوالى 1.5 مليون إنسان يعيش تحت خطّ الفقر. ألا أن الفقرة الأولى من المادة 25 تنصّ على أنّ "لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشي يكفي لضمان صحته والعيش الكريم له ولأسرته بما يخصّ المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبّية والخدمات الاجتماعية الضرورية في حالات البطالة والمرض والعجز والترمُّل والشيخوخة".

على صعيد الأوضاع المعيشيّة-الاقتصاديّة والحرّيات

في حديث لـ"النهار" غداة اليوم العالمي لحقوق الانسان، يؤكّد الدكتور غسان مخيبر أنّ الحقوق الأساسية في لبنان منتهكة، فواقع الحقوق المدنية والسياسية مأزوم. منذ بداية الثورة، لم تُحتَرَم حريّة الرأي والتعبير، وأوقف الكثيرون وتمّ التحقيق معهم خلافاً لقانون الأصول الجزائية والوقاية من التعذيب. أمّا بما يتعلّق بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية فالانهيار الاقتصادي له تأثير كبير خصوصاً في حالات الصرف الجماعية التي تؤدي إلى الوقوع في الفقر. ويصرّ مخيبر على أنّ المعالجة يجب أن تأتي سريعاً من قبل السلطات المختصّة، ويشير إلى أهمية تطبيق الخطة الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقت في عام 2014، وإلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ تقي المجتمع من الانهيار الاقتصادي وتعيد الحقوق للمواطنين الذين يشعرون بانتهاك كراماتهم.

بحسب الصحافي جاد شحرور، المسؤول الإعلامي في مؤسسة سمير قصير، إنّ حقوق الإنسان مخترقة في مجالات عدّة مرتبطة بملفات العمّال والموظفين.أمّا في موضوع الإعلام والحرّيات فتخطى عدد الانتهاكات الاعلامية والثقافية ال320 في السنين الثلاث الأخيرة من خلال التحقيق مع الصحافيين وحجز الناشطين... فلا يحقّ أن تتعدّى مدة التحقيق الـ48 ساعة، وفي الحالات القصوى الـ4 أيّام، "لكننا شهدنا على احتجاز أشخاص في العشرين من العمر بين أسبوع و15 يوماً. وهذا إجراء غير قانوني يمسّ بالحريّات وبحقوق الإنسان". هذا، وجاء في المادة 19 أنّ "لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود". 

بنظر شحرور "المشهد الأمني القمعي في البلد ليس نمطيّاً، فالأجهزة تتحرّك حسب من يُنتَقَد". ويضيف أنّه لا يحقّ أخذ كلمة السر لفتح الهواتف ومحو بوستات في مواقع "فايسبوك" و"تويتر". فهذا خرق للقانون لأنه غير مذكور فيه أصلاً. ويذكّر أنّ للشعب حريّة التجمع وقول ما يريد والتعبير والدلالة على الفساد؛ فهذا يرتبط بمصيره. لكنّ الثورة تُواجَه بشكل قمعي يتخلّله الضرب والاحتجاز والإخفاء القصري إذ إنّ لجنة المحامين بحثت عن معتقلين ولم يُصَرَّح لها عن موقع احتجازهم في الأيام الأولى. "التظاهرات سلميّة لكنّ القوى الأمنية ترمي قنابل مسيّلة للدموع وتضرب المعتصمين ولا تواجه أو تفرّق مناصري الأحزاب حين يعتدون على الثوّار، وفي ذلك خرق للقانون واستنسابية في تطبيقه".

كيف تُستَعاد إذاً الحقوق الأساسيّة الاجتماعية-الاقتصادية والمدنية-السياسية؟ 

تشدّد الدكتورة أوغاريت يونان، وهي من روّاد النضال المدني في لبنان منذ 1983 ومؤسسة جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان AUNOHR مع الدكتور وليد صليبي، أنّ اللاعنف وحقوق الانسان مرتبطان ارتباطاً متيناً؛ وتحدّد 4 ركائز لنيل الحقوق الأساسية بطريقة لاعنفية. أوّلاً، على المطالبين أن يكونوا لا عنفيّين. ثانياً، ألّا يقبلوا بأن يعنّفهم أحد رفضاً للظلم. ثالثاً، العمل على الوصول إلى الهدف دون أذيّة. رابعاً، معرفة أن لا استعادة للحقوق الجوهرية، كمحو الظلم واسترداد الأموال والحفاظ على البيئة والحصول على المطالب المرتبطة بالتربية والسجون والمرأة والتعبير والمعيشة، إلّا بالمواجهة. تستطرد أنّ الحقوق لا تُقدَّم هدايا للناس، عليهم النضال لنيلها وقيادة الصراع من أجل استعادتها واستعادة العدالة والكرامة. والنضال لا يمكن أن يكون بالعنف المدمّر. فالثورة تحتاج لاستراتيجية ولشبان مناضلين لا يسكتون عن الظلم وينتفضون عليه... يفترشون الساحات حتى عندما تعمّها السيول، لا يردّون على الضرب بالضرب، ينظمون مسيرات لتفادي الفتنة كمسيرة الأمهات في عين الرمانة والشياح، يعتذرون عن كلمة مسيئة... وإذا كان قطع الطرقات يزعج البعض، فهناك أكثر من 300 وسيلة باستطاعة الثوار اللجوء إليها. فاللاعنفي شجاع يواجه بإصرار وينتصر. 

ومن الجدير ذكره أنّ اللاعنف نجح عبر التاريخ في أماكن عدّة من العالم. فهل يتمكّن الشعب اللبناني من استعادة حقوقه الأساسية التي ساهم في صياغتها شارل مالك وطبّقتها أكثرية شعوب ودول الأرض، وتشمل كافة نواحي الحياة الكريمة من التربية والطبابة والعمل والغذاء والمسكن واستقلالية القضاء وحريّة التعبير وأصول التوقيفات والمساواة؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم