الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كلمة واحدة من المطران عودة أقلقت "حَمَلة السلاح"

طوني بولس
كلمة واحدة من المطران عودة أقلقت "حَمَلة السلاح"
كلمة واحدة من المطران عودة أقلقت "حَمَلة السلاح"
A+ A-

كلمة واحدة من المطران عوده، متروبوليت بيروت وتوابعها في الكرسي الأنطاكي للروم الأرثوذكس، أثارت ردود فعل كبيرة من حزب الله ومؤيديه في لبنان وفلسطين المحتلة، علماً أنها جاءت استطرادًا خلال عظته في قداس على راحة نفس الشهيد جبران تويني.


وبدا الرد مع النائب محمد رعد تلاه مطران القدس في كنيسة أورشليم ووزير الدفاع في لبنان إلياس بو صعب والنائب جميل السيد والأمير طلال أرسلان وبعض الآخرين الذين ينتمون الى الخط الممانع العقائدي الداعم لسلاح حزب الله، متهمينه بأنه قال كلامًا طائفيًّا أو تحريضيًّا.


لكن ما الذي قاله المطران عوده الذي أثار هذه الردود من هؤلاء؟ فخلال عظته، توقف وارتجل جملة جاء فيها: "اليوم هذا البلد يحكم من شخص، كلكم تعرفونه، ولا أحد يفتح فمه" ثم استطرد وقال: "ويحكم من جماعة تحكمنا بالسلاح". وأضاف: "أين الثقافة، أين العلم، أين مستوى اللبناني الذي نفتخر به؟" ثم عاد ليتكلم عن الشخص الذي يحكم البلد قائلاً: "شخص لا نعرف ماذا يعرف ويحكم بنا، يرجع إليه ولا يرجع إلى الأعلى منه". هذا هو كل الموضوع، حيث تكلم عن قلة ثقافة شخص ينصّب نفسه مرجعًا سياسيًا بدل المرجع الأعلى أي رئيس الجمهورية، وهو يحتمي بمجموعة تدعمه وهي تحكم بالسلاح.

ويبدو ان المجموعة التي تحمل السلاح، هبت للرد بدلًا عن الشخص الذي تحميه والذي نصّب نفسه رئيسًا بدل الرئيس. هل أصبح هذا الحزب مفلسًا معنويًّا لهذه الدرجة في بيئته ليسخّر الناطقين باسمه للهجوم على قامة وطنية ودينية كبيرة بمستوى المطران عوده وما يمثله، تحويراً للأنظار نحوهم بدلًا من الشخص الذي يحكم البلد، اَي من يمثل السلطة الحالية، التي يتمسك بها حزب الله بالرغم من الثورة عليها.


والملفت في الردود أنها ركزت على عدم جواز صدور هذا الكلام من شخصية دينية لأنه تدخل في الشؤون السياسية. لا بد أنهم تغاضوا عن دور رجال الدين من مختلف الطوائف في السياسة.


وليس ذلك حديثاً، فالدور الذي لعبه بطاركة الموارنة في تاريخ لبنان حافظ على الهوية اللبنانية ومن أبرزهم البطريرك الحويك الذي لعب دورًا كبيرًا في تأسيس لبنان الكبير، والبابا حنا بولس الثاني الذي ساهم في الثورة ضد الاتحاد السوفياتي في بولندا، والبطريرك صفير في الاستقلال الثاني وبطريرك الكنيسة الروسية الذي سمى حرب الجيش الروسي في سوريا بالمقدسة. هذه أمثلة قليلة عن دور الكنيسة في السياسة خاصة خلال مراحل مفصلية ومهمة للشعوب.


فقط، كلمة من المطران عوده، الذي عودنا على رفع الصوت باسم الحق منذ أربعين عامًا، كلمة واحدة عن شخص يحكم البلد بدل الرئيس بتغطية من سلاح حلفائه، أصبحت تدخلاً من رجل دين في السياسة وتحريضًا طائفيًا. كفى استخفافًا بعقول الناس ومحاولات كم أفواههم ومن يتكلم عن معاناتهم، وكفى تمسكًا بسلطة تنهار وينهار معها الوطن، كفى خوفًا على أنفسكم ومكتسباتكم وأدواركم وركزوا ولو لمرة على ما يريده الشعب فعلًا، فما أوصلتم إليه البلاد يفوق بكثير ما فعله العدوان الإسرائيلي في حرب ٢٠٠٦ من ناحية تدمير الاقتصاد والمجتمع اللبناني، فأصبح تصرفكم أخطر على لبنان من العدو الخارجي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم