الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

وعلى الباغي تدور الدوائر

المصدر: النهار
عمار الحيدري
وعلى الباغي تدور الدوائر
وعلى الباغي تدور الدوائر
A+ A-

يقول دوستويفسكي (روائي وكاتب روسي 1881-1821) "أين نحن الآن؟ في القاع... جيد، على الأقل لن نسقط ثانيةً".

من هذا المنطلق المنطقي الذي يصف ما آلت إليه الحال في لبنان، ننطلق على بركة الله في محاولة البحث في المدى المنظور عن آفاق الحل لإيجاد طريقة ما لبداية التخلي عن القاع.

فلنعد للوراء قليلاً... فالرؤية تختلف تسعين درجةٍ حسب مقياس الوعي المطلوب وخاصةً اليوم.

إنتهت الحرب الأهلية اللبنانية (علماً أنها فعلياً لم تنتهِ بعد ولمّا نزل نعيش فصلاً من فصولها ولكن بصمت) قدّر البعض أن خسائر لبنان المادية في تلك الفترة هي حوالي 25 مليار دولار أميركي، والخسائر البشرية حوالي 150 ألف قتيل و17 ألف مفقود و300 ألف معوق وجريح.

لكن خسارة لبنان الحقيقية ليست فقط في هذه الارقام، فهنالك خسائر جسيمة وعميقة إضافةً لتلك الخسائر وهي الفرز الطائفي والمناطقي الذي قصم ظهر المكوّن اللبناني وشتته لمجموعات ودول ضمن الدولة الواحدة التي من المفترض على ساستها العمل على مسح تشوهات تلك الحرب من ذاكرة اللبنانيين وإعادة إعمار البشر قبل الحجر.

لكنهم (أي الساسة اللبنانيين) سعوا بشتى الوسائل لزيادة وتكريس هذا الشرخ المميت في الحياة اللبنانية كافة، وكُرِّس ذلك في الإتفاق الخديعة (إتفاق الطائف) الذي كان بمثابة عصا موسى، فخُيل لنا به كطوق نجاة لكنهم حولوه لسكينٍ باردةٍ على عنق لبنان دولةً وشعباً (من حيث عدم تطبيق بنوده كاملة حتى الآن).

إن ما آلت إليه الأوضاع في لبنان هي نتيجة تقاسم غنائم الحرب بين أمرائها الذين يتناوبون على نهب مقدرات الشعب اللبناني أمام سكوت وتواطؤ السواد الأعظم من هذا الشعب الذي بدوره شاءت الظروف، وبسحر ساحر، أن يقوم اليوم بما يشبه ثورة، وهي بالتالي إن استمرت فهي ثورة على نفسه قبل كل شيء.

ربما من أهم مكتسبات هذه الثورة هي تجلي الحقيقة بشكل واسع، وكمية الوعي التي ظهرت لدى قسم كبير من الثائرين، وكذلك الوقاحة المستفزة عند الطبقة السياسية اللبنانية التي لم تزل، رغم كل المتغيرات، متوهمة بأنها قادرة على معالجة الأمور بطرق باتت بالية ومكشوفة، لكنها مصرّة على تصرفاتها اللامبالية كما جرت العادة فيما مضى.

وعلى الباغي تدور الدوائر...

نعم شيئاً فشيئاً يُسحب البساط من تحت أقدام المتحكمين بمفاتيح هذا البلد سياسياً ومالياً، والآتي ينذر بمؤشرات السقوط الفعلي أمام إرادة الشعب الذي برهن من خلال ردة فعل عفوية فطرية أنه لن يُقهر بسهولة، وخاصةً بعد أن كسر حاجز الغبن والجهل عنه، وأزال تلك الغشاوة عن قلبه قبل بصره، ليعود كما طائر الفينيق من رحم القهر والذل يتذوق طعم الحرية والحسّ الوطني ولسان حاله يقول:

أعطني قليلاً من الشرفاء وأنا أحطم لك جيشاً من اللصوص والمفسدين والعملاء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم