الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

طرابلس سيندروم والثوار الجدد

طلال خوجة
Bookmark
طرابلس سيندروم والثوار الجدد
طرابلس سيندروم والثوار الجدد
A+ A-
لم يكد ينتهي الرئيس عون من مقابلته الإعلامية مع إعلاميين بارزين ومختارين بعناية إلهية، حتى انفجر الشارع المنتفض غضباً، رافعاً حرارة غضبه إلى درجة غير مسبوقة منذ انفجار الانتفاضة في مساء ١٧ ت١. وقد اهتزت الساحات والشوارع استنكاراً لما جاء على لسان الرئيس في الشكل، حيث استعمل عبارات رأى فيها المنتفضون استفزازاً لكرامتهم الوطنية، وفي المضمون حيث رأوا فيها استهتاراً بالدستور، واستخفافاً بانتفاضتهم العفوية البريئة الموحدة، والتي أذهلت القاصي والداني، وحولت "الشعوب اللبنانية" إلى شعب واحد بهوية واحدة وعلم واحد ووطن واحد، اسمه "لبنان" .لذا لم يكن غريباً أن يتقاطرالشباب والصبايا بالآلاف وفي كل المدن والمناطق إلى الشوارع والاتوسترادات والعمل على تسكيرها بشتى الوسائل السلمية، إدانة ورفضاً لما رؤوا فيه من استخفاف بحراكهم العفوي والصامد والمستمراندفاعاً وتوسعاً وتصاعداً. وفي هذا الجو العابق بالغضب، سقط في خلدة الثائر علاء ابو فخرشهيد الغدر والإجرام والحقد أمام أعين زوجته وولده، ليتحول بسرعة إلى أيقونة الثورة، حتى أن الناس استعادت صورة الشهيد محمد الدرة الذي أيقظ استشهاد ضمائرالشعوب الراكدة في انتفاضة فلسطينية طيبة الذكر، ما جعل صورة علاء تقض مضاجع رموز السلطة، خصوصاً الساعين للإيقاع بين الشعب المنتفض وجيشه الوطني.لا شك أن زوجة الشهيد علاء لديها شجاعة ‏امرأة عطوف وقاسية معاً، تدمع عيناها لقصة ترويها لها، ثم تتصرف معك كأن قلبها من اسمنت. وفي هذا الصدد، يُسجل لوليد جنبلاط شجاعة الحضور إلى الشويفات المفجوعة باستشهاد ولدها لدرء الفتنة، رغم معرفته بأن الغضب يطاله، إلا أن رفع صور الشهيد في كل المناطق والساحات واعتباره شهيدها كان له الوقع الأقوى في مواجهة قوى السلطة المذهبية.هكذا يعبر الشباب والصبايا من مرحلة "الهويات القاتلة" الى مرحلة "الهوية الواحدة"، وليرتاح حامل جائزة غونكور "أمين معلوف" في محترفه الثقافي.أما مدينة الجداريات طرابلس و"عروس الثورة" كما يحلو للجميع تسميتها، فقد سارعت بتنفيذ جدارية للشهيد تحولت إلى مزار ومكان للتبريك وأخذ الصور التذكارية لزوار ساحة الانتفاضة.وهكذا تحوّل علاء إلى شهيد كل بيت، وتحول وداعه إلى لحظة تضامن جماعي مع عائلته، وخصوصاً مع زوجته التي أقسمت على متابعة الطريق وصولاً للأهدف التي استشهد من أجلها.وفي ٢٩ت١، أدت غزوة شبيحة حزب الله وحركة أمل لساحة الشهداء إلى ارباك المنتفضين وعموم اللبنانيين المذهولين من تلكؤ القوى الأمنية في حماية المعتصمين السلميين من بطش وإرهاب المهاجمين. ذلك أن لساحتي الشهداء ورياض الصلح رمزية كبيرة تمتد جذورها لحراكات كثيرة طوال القرن الماضي، وصولاً لانتفاضة الأرز التي جذبت الملايين إلى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم