الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حركة عمل وإنتاج في ساحة الانتفاضة

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
حركة عمل وإنتاج في ساحة الانتفاضة
حركة عمل وإنتاج في ساحة الانتفاضة
A+ A-

شكّلت المشاريع الإنتاجية النموذجية المقدمة في خيم ساحة النور، مع قطاع البياعين، حركة اقتصادية لا بد منها، لتغطية نفقات حياة المواطنين، والبائعين، ونماذج للعمل المستقبلي على المستوى الزراعي، في زمن يُخشى فيه من شحّ المواد الغذائية الأولية.

ففي ساحة النور، أحد معاقل الحركة الاحتجاجية التي تشهدها البلاد، بيئة مستدامة من العمل، والحيوية، والدينامية، والتنوع، لم تنقطع يوماً، ولم تتراجع، وظلت جامعة في حضورها التزام الساحة بمعانيها المتجددة، وفي الوقت نفسه، بالمصلحة الخاصة التي كانت تتصاعد فترة وتتراجع فترات، لكنها لم تدفع البياعين، وأصحاب المبادرات والمشاريع للتردّد في الالتزام بالساحة، وحضورها، يغطّون بوجودهم فيها بالمئات حيزاً واسعاً من الساحة، ويحيون بحضورهم روح الانتفاضة فيها.

البائعون كثر ولأصناف متعددة، تشمل كل قطاع عربات البيع الجوالة في الأزمنة العادية، وجدوا في الساحة ملجأهم؛ فمن ناحية ينضمون إلى بقية المحتجين للمطالبة بإصلاح البلد، ومن ناحية ثانية يمارسون عملهم، وينتجون ما يمكن أن يسدّ رمق عيالهم.

أحمد الدايخ ٢٥ سنة، متزوج وله ولدان، يعمل في النراجيل، ذكر أنه "قبل الحراك، كان المدخول اليومي ٣٠-٤٠ ألف، وتكاليف النرجيلة الواحدة ألف ليرة، ومبيعها كان بثلاثة آلاف ليرة،أما اليوم، فارتفعت التكاليف إلى ثلاثة آلاف، والبيع بخمسة آلاف، هذا التغير جعل العمل متراجعاً، حيث أبيع خمس نراجيل كمعدل وسطي كل يوم، وهذا التراجع أدى إلى خسارة، ولا يبقى لي أكثر من عشرة آلاف في آخر النهار."

بالمقارنة مع السابق يذكر أنه "تراجع مستوى معيشته من ٤٠ ألف يومياً، إلى عشرة آلاف نتيجة الضغط على كل الناس، وتفلّت الأسعار من الرقابة"، مؤكداً أنه "مضطر للعمل، وأنه لولا الساحة لما تمكّن من العمل أبداً في هذه الظروف"، كما قال.

عماد الحجل، بائع قهوة، رغم كل ضغط الجمهور، يبيع بالحد الأدنى، ويأتي إلى الساحة للتضامن معها، ويقول: "مهما أنتجنا، نعيش بما ننتج". وشكا من "التراجع من٣٠-٣٥ ألفاً في الأيام العادية، إلى ١٥ ألف ليرة، الآن، مع العلم أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير بالنسبة للقهوة والسكر، وكانت الكلفة سابقاً للمصبّات بين ١٠و١٢ ألف ليرة في اليوم، فأصبحت اليوم ٢٠-٢٣ ألف ليرة لبنانية".

بائع الذرة محمود الحسن، ٣٥ عاماً، ربّ عائلة من ثلاثة أولاد، أفاد أنه يحضر إلى الساحة أساساً للمشاركة مع الانتفاضة، وثانياً، هي مناسبة للعمل لتغطية تكاليف معيشة العائلة.

وقال إنه يبيع عرنوس الذرة بألف وخمسماية ليرة، فكثيرون يحبون مذاقه، وهو يشكّل لهم وجبة عشاء، بسعر زهيد، كما أن سخونته تعطي ارتياحاً للجسم.

لكنه شكا كما بقية البائعين من "قلة المدخول بالمقارنة مع الفترات السابقة، لأن وضع الناس صار أصعب، ومداخيلهم صارت أقل، ولذلك يتراجع البيع يوماً إثر يوم".

وأكد إصراره على البقاء في الساحة مهما صار، فـ"الثورة أملنا للخروج من مشاكلنا"، كما قال.

بالنسبة للمشاريع الإنتاجية البديلة، خصوصاً في أوقات الشدة وفقدان المواد الأولية، ثمة مشروع تجريبي صغير يقدم نموذجاً عما يمكن عمله، اسم المشروع "حركة حبق"، أسسه بركات أبو ضاهر مع مجموعة ناشطين، كل منهم باختصاص، يَذكر أنه "نقدم مبادرات إنسانية، وعندنا المشروع الزراعي، حيث نشجع الزراعة في كل خيمة، ونسوّي أرضها، وننكشها، ونغرسها، ونقدم الشتول أو البذار، فنحن قادمون على أيام قد تضطرنا لاستخدام إنتاج البلد".

وشرح بعض خطوات زراعته: "نقدّم بعض الإرشادات الزراعية للخيم حيث لا يعرفون، تشجيعاً لهم على اعتماد الزراعة والاتكال على الذات. وقد بدأنا بثلاث خيم، ونواصل نحو البقية بالتدريج. كما نسعى مع البلدية لتعطينا إذناً بزرع كل المستديرة الوسطية في ساحة النور".

وعما يخطط له مع مجموعته: "ستكون عندنا مكتبة بذور مجانية، تقدم البذور للراغبين بالزراعة، والهدف هو إيجاد عدوى في المجتمع لحُبّ الزراعة في البيوت، والاعتماد على الزراعات العضوية في المنازل، فلا يقتصر الناس على الاقتصاد الجاهز الاستهلاكي القائم على الاستيراد والتصدير. ويمكننا أن نكتفي بالزراعات الموسمية، والزراعة التي ليست في موسمها يمكننا الاستغناء عنها، ونسعى لتلافي السمسرة عندما يريد الزارع تسويق إنتاجه".



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم