الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أمسيات شعريّة في طرابلس...جولات الإقتتال تتحوّل قصيدة زاهية!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
A+ A-

إعتبروها الوسيلة الفضلى ليشقوا من خلالها "طريقهم الإبداعي"، بعيداً من "أنهر الإقتتال الجليديّة" التي تُحيط بمدينتهم طرابلس.


إنطلقوا في مُغامرتهم الأدبيّة هذه منذ ما يُقارب ال6 سنوات، وها هم اليوم يتعاملون مع أول أربعاء مطلع كل شهر وكأنه واحد من أسباب العيش وسُبُله.
هو طقس محوري في يوميّاتهم التي إعتادوا "جانبها القاتم" والمُزخرف بإسراف بطيف العنف.
بدايةً، "تظلّلوا" تحت إسم Measure Of Splendor(مستوحى من قصيدة للكاتب الفلسطيني علي طه محمد)، ومع الوقت إختاروا أن يطوفوا في مُختلف أنحاء المدينة بلا إسم مُحدّد.
إكتفوا بالقراءات الشعريّة التي أعطتهم الحافز و"استفزّتهم" ليتحدّوا لحظات "حاسمة" يعيشونها في واقعهم الأليم.
إجتمعوا حول حبّهم للشعر والقصائد والكتابة على أنواعها. ومع الوقت أمست هذه اللقاءات الشهريّة "جُرعة الأمل" التي لا بدّ من التعلّق بخيوطها للتمكّن من الإستمرار. وراحوا يُصرّون عليها كباراً وصغاراً، غير مُكترثين بـ"الأوضاع ومزاجيتها". هذا يقرأ قصيدة لذاك الشاعر وتلك تُقدّم إبداعها الشخصي. لا فرق. المهم أن يتواصلوا بطريقة وأخرى الآن وقد أصبحوا عائلة واحدة.
وكَتَبَ السطور الأولى لهذه القصّة "الزاهيّة" الأستاذ الجامعي في جامعة البلمند سامر أنوس الذي كان يلتقي بإنتظام وزميله الأسكتلندي مايكل أور في إحدى غرف الجامعة الشاغرة ليقرأوا مواداً أدبيّة. رويداً رويداً راح أصدقاء وبعض هواة وذوّاقة ينضمّون إلى المجموعة. فإنتقلت القراءات إلى طرابلس التي لم يكن في البال أن تُبدّل ذات يوم ثوبها الأنيق تبعاً للظروف. وعرفت هذه الّلقاءات نجاحاً باهراً مع عشرات إرتاحوا للأجواء المُسترخية التي "سيّجت" الساعات الثلاث أو الاربع التي شملت الشعر والطرب والحوارات الودّية...و"كيف كان نهارك اليوم؟"، و"شو بتخبّرنا عن إيامك؟". وإستمرّت على رغم جولات الإقتتال التي تواجه طرابلس منذ فترة ليست بقصيرة.


وأمسية هذا الشهر، إستُهلّت بتوقيع فوزي يمّين كتابه، "تمارين عن تمديد الوقت". عنها يقول سامر أنوس، "هذا الوقت الذي يمرّ بسرعة فيحترق، وها هي المدينة تنهار أمامنا عوض الإزدهار كما كان حلمنا. نعيش الأمل باستمرار ونُشجّع بعضنا على قراءة القصائد معاً وسط أجواء غير رسميّة ومُريحة... ما في تكلّف. ما في صفوف أماميّة. في المجموعة الناس يبنون صداقات ويعيشون الراحة".
طرابلس بالنسبة لأنوس والأصدقاء الذين أمسوا عائلة واحدة، "مدينة للتواصل. وكم نفرح عندما ينضمّ إلينا مطلع كل شهر بعض أصدقاء من عكار وزغرتا وجبيل والبترون...يعني متل ما نحنا تمسحنا بدنا حدن يتمسح معنا، يعني ليضلّ هالأمل. تأقلمنا على اليوميّات التي صارت جزءاً من حياتنا".
يُعلّق: "الصديق محمّد الشعّار ينضم إلينا غناءً، وإبرهيم رجب(18 سنة) يعزف على العود بطريقة جميلة جداً...هي جمعة بتجمع الشعر والموسيقى والطرب".
أمسية هذا الشهر كانت في حانة Right Spot القائمة في الميناء القديمة في الأسواق. يُعلّق أنّوس: "ما كان في محل حدن يقعد. إمتلأ المكان بالأصدقاء وكل من يعشق الشعر. هذه الأمسية الشعريّة وغيرها من النشاطات المُنتشرة في بعض المقاهي في المدينة أشبه بواحات صغيرة. هدفنا أن نُحافظ على السعادة التي تجمعنا. حتى وإن أجبرتنا جولات الإقتتال على إلتزام المنازل، سنُكمل. نُشجّع بعضنا ولا نسمح لأحد بالإستسلام".
يضيف: "بعضهم قَدم من جونية هذه المرّة. ربما كانت هذه الأمسيات المكان الأنسب لنصبّ فيه أحياناً غضبنا، وهي المكان الأنسب لكل من يشعر بالتعب ليستعيض عن هذا الشعور بالراحة. هو أقرب إلى نادٍ. واحة ولو بالشتاء. مساء الأربعاء مطلع كل شهر صار طقساً أساسياً من حياتنا".



[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم