الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سيناريو شمال شرق سوريا في شمال شرق آسيا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
سيناريو شمال شرق سوريا في شمال شرق آسيا؟
سيناريو شمال شرق سوريا في شمال شرق آسيا؟
A+ A-

"لا رحلة مجّانيّة"

أشار مراسل موقع "دايلي بيست" في كوريا الجنوبيّة دونالد كيرك إلى "ارتباك قاتل" خلقه ترامب بقراره السوريّ. ونقل عن الباحث البارز في مؤسّسة "راند" الأميركيّة بروس بينيت قوله: "يقلق زملائي الكوريّون من أنّ الانسحاب من سوريا قد ينطبق أيضاً على كوريا، مع احتمال تداعيات شبيهة سلبيّة جدّاً. التحركات مثل الانسحاب من سوريا تؤدّي إلى أن يقلق حلفاؤنا من أنّهم قد يكونوا التالين، وهذا يقوّض قوّة حلفنا".

المشاكل التي تواجهها كوريا الجنوبيّة واليابان مع الولايات المتّحدة كانت مرتقبة بوجود رئيس ينظر إلى التحالفات من زاوية الكلفة المادّيّة فقط. دفعت سيول هذه السنة 900 مليون دولار إضافيّة في مقابل كلفة القواعد العسكريّة الأميركيّة على أراضيها وهي زيادة تقارب 8% عن عن السنة الماضية. لكنّ ترامب يريد 5 مليارات دولار. يشرح كيرك أنّ الموفد الأميركيّ الذي يتولّى هذه المفاوضات جايمس ديهارت غادر على عجلة اجتماعاً مع نظيره الكوريّ قبل أن يصدر بياناً يصف فيه سيول بأنّها "غير مستجيبة لطلبنا بتقاسم منصف ومتساوٍ للأعباء". وأضاف أنّه لهذا السبب قطع اجتماعه على أمل تقديم الكوريّين لـ "مقترحات جديدة...".

ذكرت "رويترز" أنّ صحيفة "شوسون إيلبو" الكوريّة الجنوبيّة كتبت نقلاً عن مصدر ديبلوماسيّ من واشنطن لم تسمّه أنّ الولايات المتّحدة كانت تدرس سحب من 3 إلى 4 آلاف جنديّ. غير أنّ وزارة الدفاع نفت ذلك نفياً "قاطعاً" وفقاً لما جاء في بيان صادر عنها. وجاء تقرير الصحيفة الكوريّة بعد يومين على فشل المحادثات الأخيرة. من جهته، قال الموفد الخاص إلى كوريا الشماليّة ستيفن بيغان: "كوريا الجنوبيّة هي من بين أهمّ شركائنا في التحالف. لا يعني هذا أنّ أيّ أحد سيحصل على رحلة مجّانيّة. لدينا مفاوضات صعبة حول تقاسم الأعباء ونحن في نصفها مع الكوريّين الجنوبيّين".

حلف ثلاثيّ غارق في الخلافات

يفرض ترامب ضغوطاً على حلفائه الكوريّين الجنوبيّين واليابانيّين في وقت بالغ الحساسيّة مع الجمود الذي تشهده المفاوضات الأميركيّة-الكوريّة الشماليّة. والأبرز أنّ هذا الجمود تتخلّله تجارب عسكريّة من بينها اختبارات على أسلحة "جديدة". وكان آخرها أمس الخميس حين أجرت بيونغ يانغ تجربة على "منظومة إطلاق صواريخ عملاقة متعدّدة الفوهات وأثبتت التفوّق العسكريّ والفنّيّ لمنظومة الأسلحة تلك وإلى أيّ مدى يمكن الاعتماد عليها" وفقاً لوكالة الأنباء المركزيّة لكوريا الشماليّة. وأجرت بيونغ تجارب خلال الأشهر الأربع الأخيرة. لكنّ هذه التطوّرات العسكريّة قد تكون أقلّ ما يقلق المراقبين حاليّاً في "مثلّث" التحالف الأميركيّ-الكوريّ-اليابانيّ.

لقد دخلت سيول وطوكيو في صراع ذي أصول تاريخيّة حول استخدام اليابان مواطنين من كوريا الجنوبيّة في أعمال السخرة خلال الحرب العالميّة الثانية. لا يبدو أنّ أيّاً من الدولتين مستعدّة للتراجع في هذا التوتّر المستجدّ. وفرضت اليابان قيوداً على صادرات كيميائيّة إلى سيول بعدما حكمت محكمة عليا على شركات يابانيّة بضرورة التعويض عن الأعمال القسريّة.

يلخّص الأميرال والقائد السابق للقيادة الأميركيّة في المحيط الهادئ دنيس بلير الوضع المتدهور بين هذا الثلاثيّ في صحيفة "ذا هيل" فكتب: "يختار الرئيس مون صراعاً مع اليابان حول مسألة تاريخيّة اقترب أسلافه من حلّها وأثار قضيّة أرض في جزيرة ضئيلة بأهمية استراتيجيّة صفريّة. رئيس الوزراء آبي (...) يتّخذ نهجاً قانونيّاً وذاتيّ التبرير إزاء مسائل تاريخيّة عوضاً عن قيادة حلّها بتواضع، كرم وخيال (...). الرئيس ترامب بقراراته التائهة في الشرق الأوسط وإلغاء تدريبات عسكريّة التي يرتكز عليها ردع التحالف، يقوّض قوّة يضمنها الأمن الأميركيّ لكلتا الدولتين، بينما يطالب في الوقت نفسه بزيادة قدرها 300% من المدفوعات النقديّة على انتشار القوّات الأميركيّة في كوريا واليابان معاً، وهو انتشار يخدم مصلحة أميركا نفسها."

استعداد "للمراهنة"

انتظر كثر أن تبادر واشنطن لكونها الطرف الأقوى في المعادلة على إطلاق مساعٍ لتخطّي هذه المشاكل. لكنّ تركيز واشنطن على الناحية المادّيّة يجعل التوتّر أكثر قابليّة للاستمرار وأكثر تسبّباً بالأضرار المعنويّة ثمّ السياسيّة. نقلت صحيفة "الواشنطن بوست" عن المستشار الرئاسيّ الخاص للأمن القوميّ الكوريّ الجنوبيّ مون شونغ-إن قوله: "من ناحية، تتراجع الصدقيّة الأميركيّة. من جهة أخرى، أميركا تطلب المزيد من المال. الكوريّون الجنوبيّون محبطون جدّاً. وسيبدأ الكوريّون الجنوبيّون يبدون شكاً عميقاً بالدوافع الأميركيّة."

القرار الأميركيّ حول سوريا لم يكن بعيداً من أعين المسؤولين في كوريا الجنوبيّة. فقد ذكرت الصحيفة نفسها أنّ النائب الكوريّ الجنوبيّ وون يو شول لم يستبعد أن يستيقظ على تغريدة لترامب يعلن فيها بشكل مفاجئ سحب قوّاته من شبه الجزيرة الكوريّة.

بغضّ النظر عن عدم إمكانيّة تخفيض ترامب القوّات الأميركيّة هناك إلى ما دون 22 ألفاً بلا تبرير للقرار أمام الكونغرس، يبقى أنّ هذه الخطوة غير مستحيلة، بل هي حتى قريبة، بالنسبة إلى المحاضر في جامعة فيكتوريا النيوزيلنديّة فان جاكسون. فهو قال لـ"الدايلي بيست" إنّه على استعداد "للمراهنة" بأنّ ترامب سيسحب جنوداً أميركيّين من المنطقة خلال السنة المقبلة، إذا لم تقدّم كوريا الجنوبيّة تنازلات ضخمة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم