الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

في وصف السلطة الكاملة السلطات لكن الفاقدة الشرعيّة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
في وصف السلطة الكاملة السلطات لكن الفاقدة الشرعيّة
في وصف السلطة الكاملة السلطات لكن الفاقدة الشرعيّة
A+ A-

أصف السلطة الكاملة السلطات – مع هامشٍ نسبويٍّ محدودٍ من الغلط التقديريّ، متحرّكٍ صعودًا ونزولًا – بما يأتي: أنا السلطة الكاملة السلطات، أملك السلطة التنفيذيّة، وأملك السلطة التشريعيّة، وأملك السلطة على السلطة القضائيّة، وأملك السلطة العسكريّة، وأملك السلطة الأمنيّة، وأملك السلطة الإستخباراتيّة، وأملك السلطة الماليّة، وأملك السلطة على إجراء الانتخابات، والسلطة على تعديل الدستور، وأملك السلطة على حلّ مجلس النوّاب، وأملك السلطة على فرض الضرائب على الناس الفقراء، وأملك السلطة على التهرّب من دفع الضرائب، وأملك السلطة على إبرام الصفقات وتوقيع العقود وتلزيم المشاريع، وأملك السلطة البارا- عسكريّة، وأملك السلطة على قطّاع الطرق، وأملك السلطة على الزعران، وأملك السلطة على المخبرين، وأملك السلطة على الجواسيس، وأملك السلطة على التهريب ومعابر التهريب، وأملك السلطة على البحر والبرّ والجوّ، وأملك السلطة لفبركة الاتهامات وبثّ الشائعات وترويج الأخبار وتلفيق الأكاذيب، وأملك السلطة على الشركات، وأملك السلطة على المصارف، وأملك السلطة على الأموال المغسولة والأموال المهرّبة إلى الخارج والداخل، وأملك السلطة على رجال الأعمال، وأملك السلطة على النقابات...، لكنّي لا أستطيع أنْ أحكم. فماذا تراني أكون؟!

ما سبق وصفه، هو تبسيطٌ تقريبيٌّ مفهوميٌّ للسلطة المالكة كلّ السلطات، بهدف إلقاء الضوء على ما تستطيعه نظريًّا وعمليًا، سلطةٌ كهذه، مالكةٌ للسلطات، لكنّ شعبها لا يحبّها، ولا يرغب فيها، ولا يريدها، بل يتظاهر ضدّها، ويتمرّد على ظلمها واستبدادها واستخفافها به، ويثور على فراعنتها، ويحلم بتغييرها وتغييرهم، ويعلن عدم اعترافه بشرعيّتها وشرعيّتهم، وإنْ كان ذلك يكلّفه أنْ يجوع، أو يمرض، أو يتشرّد، أو يفتقر، أو يتألّم، أو ييأس، أو يُذَلّ، أو يهاجر، أو يموت.

ما سبق وصفه، ينطبق على صورة السلطة التي تحكم لبنان واللبنانيّين، وإنْ يكن هذا الوصف على شيءٍ من التبسيط والتعميم، وهذا الشيء التعميميّ هو جانبٌ ضئيلٌ من المشهد، لا يغيّر كثيرًا في جوهر الوصف، ولا في دلالاته، ولا خصوصًا في مآلاته.

أمام وصفٍ كهذا الوصف، كيف تجرؤ سلطةٌ كهذه على أنْ تظلّ تتنكّر لحقيقتها وطبيعتها، رافضةً الاعتراف بما هي عليه، ورافضةٌ في الآن نفسه الاعتراف بما يشعر بها مواطنوها حيالها.

أمام وصفٍ كهذا الوصف، ألا تستحي سلطةٌ كهذه، من كونها سلطةً، وهي تمعن في الإنكار، وفي تشويه ما يجري في شوارع المدن والقرى، وفي ساحاتها، بقاعًا، وجنوبًا، وعاصمةً، وجبلًا، وشمالًا؟!

إنْ هو سوى وصفٍ تقريبيٍّ وتبسيطيٍّ لسلطةٍ مالكةٍ كلّ السلطات، هي هذه السلطة اللبنانيّة المالكة سعيدًا، لكنّها السلطة الفاقدة شرعيّتها لدى مواطنيها، والفاقدةُ احترام شبابها الثائر: هذا الشباب الوطنيُّ، الفروسيُّ، البهيُّ، النقيُّ، النظيفُ، الأبيُّ، المطالِبُ فقط بالكرامة، والحقّ في الحياة، وفي الحرّيّة.

أمام وصفٍ كهذا الوصف، هل يملك الثوّار الأحرار إلّا أنْ يستمرّوا؟!

مستمرّون!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم