السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

إلى رئيس الجمهورية اللبنانية

وديع الأسمر
إلى رئيس الجمهورية اللبنانية
إلى رئيس الجمهورية اللبنانية
A+ A-

إلى رئيس الجمهورية اللبنانية،

من أنا لأوجه رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية، جوابي المباشر:

أنا لا أمثل سوى نفسي ومن قد يجد نفسه معني بما كتبت. لا ولن أدّعي تمثيل الثوار أو فريقٍ منهم، إنما أكتب هذه الرسالة كمراقب لما يحصل في الساحات ليس منذ شهر ونيّف، إنما منذ سنوات. أكتب ليقيني أن ما ناضلت من أجله منذ بداية التسعينيات لم ولن يذهب أدراج رياح غطرسة البعض، ولا ثمناً لرفضهم قراءة تغيّرات شعب.

ما يحصل في لبنان أبعد من الحراك المجتمعي أو الانتفاضة الشعبية، إن لبنان أصبح في حالة ثورة وقاب قوسين من العصيان المدني.

إن الاستمرار بمقاربة الوضع بأدوات الماضي التقليدية سيؤدي حتماً إلى انهيار الثقة ليس فقط بالسياسيين إنما بالسياسة و الديمقراطية كوسيلة لإدارة العقد الاجتماعي. هذا الانهيار سيشكل عبئاً عندما يحين وقت الحوار وإيجاد الحلول. إذا كان غياب مفاوضين أو قادة من طرف الثورة أمرٌ طبيعي ومحبذ، إلا أن غياب الرؤيوية ورجال الدولة بين من يُمسكون مفاصل الدولة لأمرٌ مقلقٌ.

أمام الوضع الحالي، وبعد أكثر من أربعين يوماً من غياب أي أفقٍ للحلول، ومع تزايد العمل المخابراتي المباشر أو غير المباشر لتشويه صورة الثورة المطلبية المسالمة، يبدو أن الوقت قد آن كي يتحمل رئيس الجمهورية مسؤولياته ويخرج من قصره الافتراضي ويتخذ بعض الإجراءات التي يملكها، أدناه لائحة لا يستطيع رئيس الجمهورية التهرب منها بحجة الصلاحيات أو الميثاقية أو أي حجة أخرى:

التعهد علانيةً أنه لن يوقع مرسوم إنشاء أية حكومة لا تكون غير استفزازية للشارع ومن أشخاص ذوي رؤية سياسية ولكن من خارج المنظومة الحاكمة حالياً المتهمة بانهيار لبنان.

اتخاذ إجراءات مباشرة لدى الوسائل الإعلامية التي تدور في فلككم المباشر أو غير المباشر كي تتوقف عن بث الحقد والكراهية واستفزاز كل من في الشارع، وأن تمتنع عن استقبال أشباه المحللين المعروفين باستفزازيتهم وبترويجهم لشائعات تثير النعرات وتحرض على العنف.

إطلاق سراح جميع موقوفي الثورة، وخاصة المعتقلين في مراكز المخابرات وموقوفي صور.

وقف التدخلات السياسية في القضاء والسماح للقضاة المستقلين بملاحقة وتوقيف جميع الذين اعتدوا علانية على تجمعات الثوار في كل لبنان، وتكليف الأجهزة الأمنية بحماية أماكن الاعتصام وبتغيير طريقة التعامل مع الثوار، علماً أن الجميع أجمع على أحقية مطالبنا.

التنصل علانيةً واستنكار خطابات بعض أركان السلطة الذين يتهمون المتظاهرين بالعمالة وتنفيذ خطط خارجية.

تخفيف التشنج لم يكن يوماً مسؤولية المتظاهرين أو الثائرين، إنما هو مسؤولية من هم في سدة المسؤولية، أي خيارات لا تأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحملكم لهذه المسؤولية التاريخية ستفشل، وأية محاولات للالتفاف على الناس من خلال التهرب من حكومة تمثل تطلعات الثائرين ستفشل ويفشل معها الوطن.

التحدي اليوم هو إنقاذ الوطن وليس إنقاذ المشاريع الفئوية أو الشخصية لأركان الحُكم. التحدي الذي يواجهكم هو في قدرتكم على الارتقاء إلى الدور التاريخي لرئيس دولة تنبثق من القعر الذي أوصلته إليه المنظومة الفاسدة، أو أن هذه الدولة ستنبثق بدونكم وسيذكركم التاريخ كرئيس الفرص الضائعة، الرئيس الذي تهرب من تحمل المسؤولية والذهاب لملاقاة تطلعات الشعب كي يحافظ البعض على مكتسبات آنية.

إعادة بناء ما انهار من ثقة، وإصلاح جسور الحوار هي الأولوية، إرسال رسالة واضحة للثائرين أن صرخة وجعهم سُمعت والتوقف عن استفزازهم هي الخطوة الأولى لجعل المقترحات العقلانية مسموعة ومناقشتها. إن التلفزيون والراديو التابعين للتيار الذي أنشأتم يجب أن يكونا مقدامين ويجريان تغييراً واضحاً وجلياً في الخط التحريري وأن يتوخوا الموضوعية في تغطية الأحداث والابتعاد عن التحريض الطائفي. من ناحية أخرى يوجد عشرات الأشخاص ممن نجحوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية والذين ينتظرون موافقتكم لتثبيتهم، إن القيام بهذه الخطوة دليل على أن شيئاً ما قد تغير وأن حقبة الخطاب الطائفي قد طويت. أخيراً، دمج مشروعي قانون الأحوال الشخصية الموحد مع قانون حق المرأة بإعطاء الجنسية لأولادها قرار شجاع يضع جميع الأفرقاء أمام مسؤولياتهم في إقراره أو رفضه.

الإصلاحات والمطالب، واضحة وموثقة ولكن البدء بأي حوار أو نقاش لا يمكن أن يحصل في ظروف كالظروف الحالية، وليس من واجب الثورة أن تفاوض أو تراوغ مطالبها واضحة وهي سياسية بالدرجة الأولى، فالسياسة هي الأساس في إدارة المجتمع، والحقوق هي مطالب سياسية ولكن المسؤولية لخلق الارضية المناسبة لأي حوار هي مسؤولية من في الحكم وهذه الأرضية لا توجد بالصدفة إنما من خلال اتخاذ إجراءات عملية وظاهرة للعيان ومن خلال اجتراح حلول ومن خلال حكومة يقبل الشارع بإعطاها مئة يوم لتظهر أننا أصبحنا على الطريق الذي سيؤدي الى إعادة بناءِ عقدٍ اجتماعي في لبنان.

السياسي يغذي الخوف ويستغل الأزمات للاستمرار ولو على حساب الوطن، أما رجل الدولة فهو يبعث الأمل ويحارب الأزمات باجتراح الحلول ليبقى الوطن وليس الأشخاص.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم