طائر الفينيق في ساحة الشهداء... "الثورة لا تموت"
كلّما مات طائر الفينيق، انبعث مجدّداً من رماده، عملاق لا يهاب الصعاب؛ هكذا شعب لبنان لا ينكسر؛ نَزَف طيلة سنين الحرب واللاسلم وها هو ينفضُ عنه غبار المآسي ويؤمّ الساحات مطالباً بإعادة بناء الدولة واستعادة الاستقلال الفكري الناجز.
يوم 22 تشرين الثاني، في ساحة الشهداء، شُيّد مجسّم لطائر الفينيق من الحطام التي خلّفتها الاعتداءات على خيم المتظاهرين، مجسّداً "ثورة لا تموت".
طرابلسية الأصل، لبنانية الانتماء ورسّامة على القماش، واظبت حياة ناظر على تخطيط لوحات خلال الثورة السلمية في الشارع وصمّمت الطائر في خيالها؛ همّت إلى تنفيذه صباح ذكرى الاستقلال في ردّة فعل على إحراق قبضة الثورة في بيروت. ناظر التي لم تصنع مجسّماً في حياتها تعبّر لـ"النهار" أنّ إحراق كلمة الثورة مسّ بها في العمق فتصرخ "لا أحد يحرق ثورتنا". من حديد الخيم المحطّمة قرّرت تنفيذ رؤيتها معلّلة "حرقونا وكسّروا خيمنا لكنّنا ثوّار لبنانيون لا نتلَكّأ، نحوّل الخراب إلى أعمال جميلة... والحقّ سينتصر".
من مبادرة فرديّة، تَحَوَّلَ التطبيق إلى عمل جماعيّ تعاوني. وُلِدَ الفينيق بمجهود الثوّار وتضامنهم، في صورة عابرة للمناطق والطوائف والطبقات الاجتماعية. تروي: "بدأتُ بجمع الحديد فهبّ الناس إلى مساعدتي: المهندس، الطفل، العجوز، المرأة... عملوا جميعاً يداً بيد، تعرّض البعض منهم لجروح، لكنّهم أبوا التوقّف، ثابروا حتى أنجزوا العمل". التمَسَت ناظر في الناس حبّ الوطن وايمانهم ببعضهم. تتابع، عمليّاً، تمّ ربط القضبان والمواد المستخدمة بأسلاك حديدية رفيعة تصلح لمناشر الغسيل، فما لزم تلحيمها.
أمّا بما يخصّ التمويل فلقد اقتصرت المصاريف على بعض المدفوعات البسيطة كشراء مواد التلوين. قدّم كثيرون أدوات من منازلهم كالشواكيش وأحضروا الماء والطعام.
تحرص الشابة على التأكيد أنّ العمل ليس موجّهاً ضدّ أحد خصوصاً المعتدين الذين تعرّضوا للممتلكات. "الناس التي كسّرت هم اخوة لنا... ولديهم بصمة في العمل" فالفينيق ليس للثورة فقط بل للجميع. وهو دلالة على قدرة الإبداع وعلى قوّة الحياة...
وستعمد حياة ناظر إلى رفع الطائر ليحلّق في سماء بيروت كما أنها ستضع رموز الثورة التي استخدمها المعتصمون من طناجر وملاعق أسفل التمثال تخليداً لذكرى سلميّة ثورة تشرين.