الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

قطعُ الطرق "تكتيكٌ" قَسَمَ المتظاهرين، فهل يلجأون إليه مجدداً؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
قطعُ الطرق "تكتيكٌ" قَسَمَ المتظاهرين، فهل يلجأون إليه مجدداً؟
قطعُ الطرق "تكتيكٌ" قَسَمَ المتظاهرين، فهل يلجأون إليه مجدداً؟
A+ A-

قطع الطرق تكتيك قسم المتظاهرين منذ اندلاع الانتفاضة بين مؤيد ومعارض له، سواء في النقاشات المباشرة بينهم أو على منصات التواصل الاجتماعي، وبين اعتباره وسيلة للضغط على السلطة أو التضيق على المواطنين كاد في الأيام الأخيرة أن يجرّ البلد إلى أمور خطيرة بعد تحرك مناصرين لـ"حزب الله" و"حركة أمل" وافتعال إشكالات لترهيب من يقدم على هكذا خطوة.

الجدل بين النشطاء على موضوع قطع الطرق يتصاعد، سواء لرفض قطع الطرق الحيوية أو لانتقال بعض المتظاهرين الى قطع الطرق الداخلية، أو بسبب ما شهده جسر الرينغ قبل يومين من نزول محتجين حوّلوا المكان الى ساحة حرب على مدى ساعات، متوعدين كل من يعيد الكرّة بالويل والثبور وعظائم الأمور، الى أن كانت الفاجعة في الأمس بخسارة ضحيتين على أوتوستراد الجية الذي كان مغلقاً بفواصل حديدية، ما دفع بعض المتظاهرين المؤيدين لقطع الطرق إلى إعادة حساباتهم ووضع مخطط جديد كوسيلة للضغط من أجل تحقيق مطالبهم وعلى رأسها الدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة اختصاصيين.

أداة ضغط

إذا كان تكتيك قطع الطرق نجح في الأيام الأولى للانتفاضة دافعاً الحكومة إلى تقديم استقالتها، فإن السؤال الذي يطرح هنا، ماذا يمكن أن يقدّمه الآن بعد مرور ما يزيد على أربعين يوماً على التحركات؟ عن ذلك أجابت الناشطة سارة بغدادي (الحاضرة بشكل شبه دائم عند قطع جسر الرينغ وغيره من الطرق): "الهدف الأساسي من قطع الطرق تسجيل موقف والضغط على السلطة للوصول الى نقاش معها"، وشرحت: "عند قيامنا بذلك في الايام الاولى للانتفاضة انصاع السياسيون لنا نوعاً ما، وعند شعورنا بتململ المواطنين وعدم تفهمهم لخطوتنا بدأنا قطعها بين الحين والآخر"، مؤكدة: "نحن لسنا قطاع طرق كما يطلق البعض علينا، نحن متعلمون، مثقفون، متنوعون، حيث يوجد معنا مالك شركة، موظف، عاطل عن العمل، وطالب وغيرهم، لم نتعرض يوماً لأحد، بل تعرضنا للاستفزاز ومحاولة الدهس والضرب عدة مرات، وعلى الرغم من التهويل علينا في اليومين الماضيين، ما زلنا في الساحات ندعو لضبط النفس"، وعن إمكانية معاودة قطع الطرق، أجابت: "لا يمكن الجزم بذلك، الأمر يتعلق بما يفرضه الواقع، وفي كل مرة نقطع فيها الطريق ننسّق بين بعضنا البعض قبل يوم أو أكثر".

خيار قائم

كما اعتبر الناشط طارق أبو صالح قطع الطرق وسيلة فعالة للضغط على الطبقة الحاكمة والدليل أن السياسيين عبّروا عن انزعاجهم منها لا سيما التيار الوطني الحر، إضافة الى أمين عام حزب الله الذي شدد على رفضه لهذه الخطوة في عدة خطابات"، وأضاف: "لو تواجدنا في الساحات فقط لن يبالوا بنا، مع العلم أنهم يحاولون شيطنة تحركنا منذ اليوم الاول للانتفاضة، حيث وصفونا بالمجرمين والزعران وقطاع الطرق، متناسين أن كل الأحزاب والقوى السياسية في لبنان كانت تلجأ الى هذه الوسيلة لتحقيق مطالبها السياسية". وعن الذي حصل من مواجهات بين المتظاهرين والمحتجين على قطع الطرق، أجاب: "يحاولون تخويفنا، لكنهم فشلوا في ذلك، وأكبر دليل بقاء المتظاهرين على جسر الرينغ في وجه الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها". وعن معاودة لجوء المتظاهرين الى هذه الوسيلة، أجاب: "الأمر يتعلق بتجاوب الطبقة الحاكمة مع مطالبنا وخياراتها السياسية".

قرار لم يُحسم بعد

الوجع دفع جمال ترو كما غيره من اللبنانيين الى النزول للشارع وقطع الطريق عند نقطة برجا حيث قال: "هدفنا من ذلك الضغط من أجل الوصول الى حقوقنا وليس مطالبنا، حاولنا إيصال صوتنا من خلال الساحات من دون أن يلقى آذاناً صاغية"، مؤكداً: "لم نقطع الطريق على ابن الجنوب وغيره، فهم أهلنا كما باقي المناطق، نحن أبناء برجا الوطنية التي تنبذ الطائفية، وكنا نسمح للحالات الانسانية، المرضى، والعسكر بالعبور، كما فتحنا مسرباً على الطريق البحري، إذ ليس هدفنا خنق المواطنين، نحن لسنا زعراناً نقطع الطرق من أجل افتعال أزمة، بل نحن على الارض بسبب وجود أزمة، ونرفض ان يجرنا أحد الى أماكن لن ننجرّ لها بالتأكيد"، وأضاف: "نأسف على استشهاد حسين شلهوب وسناء الجندي ونحترم الدماء التي سالت، وأنتظر كما غيري من الثوار القرار الذي سنأخذه في ما إن كنا سنستمر في قطع أوتوستراد برجا من عدمه"، مشيراً الى أن "أنبل ما في الثورة أنه ليس لها كبير، أو شخص يفاوض باسم الآخرين".

قرار يحدده الهدف والظرف

في المبدأ العام، استاذة التواصل السياسي والنوع الاجتماعي في قسم العلاقات الحكومية والدولية في كلية الحقوق والعلوم السياسية ربى الحلو، ليست ضد قطع الطرق من أجل تحقيق هدف سامٍ والعدالة الاجتماعية، مع تشديدها على فكرة القضية العادلة، فكرة "العمل المباشر" كمصطلح نشاط سياسي ليس بالجديد، وشرحت: "يمكننا مراجعة الخلفيات التاريخية التي نشأت عبرها استراتيجيات وتكتيكات الحراكات الاجتماعية، المدنية والسلمية تجاه سلطة أينما كانت. وفي هذه الحالة قطع الطرق هو نتيجة فقدان الأمل وأذكّر بقول كلاسيكي للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو جاء فيه ما معناه، أن الأقوى لا يمكن ان يكون قوياً بما يكفي إن لم يحوّل القوة الى حق. وعلى ما يبدو الحق مفقود في عملية التواصل الحاصلة في لبنان حالياً". كذلك اعتبر الناشط مهدي كريم أن "قطع الطرق وسيلة ضغط شرعية، كل ساحة تقررها حسب ظروفها وما تراه مناسبا لنجاح هذه الثورة، مع الاشارة إلى أننا تعلمنا قطع الطرق عندما كنا نلبي تظاهرات الاحزاب السياسية لإسقاط الحكومات".

رفض ليس مطلقاً

من جانبها، ترفض الاستاذة الجامعية ووزيرة الصحة في حكومة الظل في حزب سبعة، الدكتورة فاطمة مشرف حماصنة،  قطع الطرق على المواطنين وتعطيل أعمالهم وإن كانت مع هذه الخطوة من وقت الى آخر للضغط على السياسيين، وقالت: "لا أحد يمكنه إنكار أن قطع الطرق في بداية الثورة لعب دوراً في استقالة الحكومة، لكن بعدها توجهنا الى المرافق العامة والتظاهرات التي لها فعالية اكبر من دون ان تعرض حياة الناس للخطر"، وشرحت: "ليس للثورة قائد ومرجع، لهذا لا يمكن ضبط التحركات الفردية"، متطرقة لما حصل قبل يومين، حيث اعتبرته "استغلالاً للوضع وتجييشاً عشوائياً يأخذ البلد الى الهاوية، وليس من مصلحة الشعب ولا الطبقة الحاكمة التي تحاول جر البلد الى مكان لا أحد يريده، وجميعنا يعلم ان هذا الطريق هو أخطر طريق، الهدف منه شل الثورة ولن يصل بنا الى الأمان بالتأكيد"، لافتة الى أن "تحركاتنا معنوية وليست فوضوية، واليوم سنقوم بمسيرة سلمية الى بعبدا لإيصال صوتنا إلى فخامة رئيس الجمهورية".

لا لتسجيل مواقف سياسية

"إذا كان قطع الطرق مطلوباً في بعض الحالات لا سيما عند بدء الانتفاضة لشل البلد"، كما قال الناشط المدني المحامي حسن بزي، فإن "الاستمرار باعتماد هذه المنهجية يلحق الضرر الكبير بنا وبالمواطنين، لذلك حان الوقت لتغيير الاستراتيجية إذ لم يعد مقبولاً ما يحصل"، وشرح: "لو بقي المتظاهرون وحدهم في الشارع أو لو كان لدينا القدرة على إغلاق الطرق على مدى ساعتين أو ثلاثة في اليوم، فمن ممكن عندها ان نسير بهذه الخطوة، لكن تسلق الاحزاب للحراك، وهي معروفة بالاسماء، يحول دون قبولنا بها، وأنا من المحامين الذين مُنعوا من الوصول الى الجنوب للمشاركة في جلسات لموقوفين من المتظاهرين، ما يعني انه بات واضحاً ان اغلاق الطرق الآن هو لتسجيل مواقف سياسية من احزاب السلطة المستقيلة على باقي أحزاب السلطة"، وأضاف: "باختصار، أغلبية المتظاهرين ضد اغلاق الطرق وإعطاء غطاء لأي عصابات للحصول على خوّات وضد أي أحزاب متسلقة، هدفنا الاساسي الآن تطوير العمل من خلال القضاء والضغط لإقفال مجلس النواب لإلزام رئيس مجلس النواب على وضع قانون استقلال السلطة القضائية في قائمة الاولويات، والانطلاق الى الاعتصام أمام مرافئ الدولة الحيوية لشلها، فهذا هو العمل الصحيح للانتفاضة".

رسائل متعددة الاتجاهات

إغلاق الطرق في الايام الاخيرة اعتبره الدكتور في جامعة هاكزيان حاتم حلاوي"رسائل بين الافرقاء السياسيين، ومنذ اليوم الاول قلنا لا نستبعد تدخل السفارات، فهو امر طبيعي كونها راعية للحكومة، وهو امر لا علاقة لنا به، ونحن نشدد ان مطالبنا شعبية"، وشرح: "ما يحصل حالياً هو شد حبال بالنسبة للحكومة، وقد يكون الرسالة منه انهاك المواطنين للقبول بأي تشكيلة، فهم يحاولون تحسين شروطهم سواء بقطع الطرق او الاعتداء على المتظاهرين"، مؤكداً أن "لدينا وسائل ضغط اكبر من إغلاق الطرق". كما يرفض الناشط طلال كباره إغلاق الطرق في قلب مدينة طرابلس كونها تضر بالحراك وبتحركاتنا للضغط على الدولة"، شارحاً: "نقوم بالكثير من النشاطات بالتنسيق مع الهيئات النسائية والطلابية، هدفنا اغلاق المرافئ الحيوية التي توجع السلطة وليس المواطنين"، معتبراً "أن اغلاق الطرق يحول دون وصول المتظاهرين الى ساحة النور عدا عن ان حرق مستوعبات النفايات يضر بالسكان، ومن يقوم بذلك مندسون لافتعال مشاكل، كما يحصل في باقي المناطق".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم