الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قبل أنْ تطير جلساتٌ مقبلة و... "أشياء" أخرى

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
قبل أنْ تطير جلساتٌ مقبلة و... "أشياء" أخرى
قبل أنْ تطير جلساتٌ مقبلة و... "أشياء" أخرى
A+ A-

السلطة السياسيّة تُواصِل اللعب بالقمار. تُواصِل وتخسر. وبلا هوادة. علمًا أنّها، إذ تحرق أصابعها، لا تكون تتورّع عن حرق قلب لبنان.

ثمّ هي تعيد الكرّة، هذه السلطة السياسيّة المتعجرفة، من دون أنْ تحسب حسابًا للفواتير المستحقّة، مادّيًا ومعنويًا.

هي تعيد الكرّة، وتقع في الغلطة نفسها. علمًا أنّها تواجه شعبها – تقريبًا كلّ شعبها الجائع – وتزدريه، وتحتقره، وتتكبّر عليه، وتنتهك إرادته، وتغتصب كرامته، وتبصق بصقًا مهينًا على رغيف جوعه.

سلطةٌ مقامرةٌ وموتورةٌ كهذه، لا بدّ أنْ تكون صاحبة أوراقٍ غير مكشوفة (يقول قائلٌ منجِّم)، لم يأتِ أوان إماطة اللثام عنها بعد. فما هي أوراقها غير المكشوفة، وعلامَ تسند ظهرها، هذه السلطة الغاشمة؟

إذا كان يدور في خلدها، هذه السلطة الذكيّة جدًّا (أذكيّةٌ هي أم متذاكية؟!)، أنّ شعبها على الأرض ستخور قواه، وسييأس، وسينسحب تدريجًا من الشارع، فعلى الأرجح، بل في الغالب الأعمّ، بل من المؤكّد، أنّ حساب حقلها لن يكون موازيًا لحساب البيدر.

الثابت الوحيد في هذه المعادلة، معادلة السلطة الغاشمة والشعب الثائر، أنّ قلب هذا الشعب يضطرم، ويتأجّح، ويتجمّر، وأنّ ناره التي من ذاته، لن تبقي كرسيًّا واحدًا (ولا عرشًا بالطبع) بدون أنْ تلتهمه براكينه الذكيّة.

وإذا كان ثمّة بين العقلاء مَن لا يزال يتساءل: أتراه، محض خطأٍ في التقدير (تصرّف السلطة هذا)، أم هو عنادٌ مقامِرٌ، لا يلوي على شيء، ولا ينصت إلى شيء؟ فإنّ الجواب الوحيد المعقول، والمستخلَص من مواقف السلطة النظريّة، وأفعالها العملانيّة، ثمّ من ردود أفعالها المتتالية، النظريّة والعملانيّة، ينبئ بأنّها قد فقدت رشدها تمامًا، وبأنّها – إذا استمرّت على غيّها الفالت من عقاله – قد ترتكب ما ليس في حسبان أحد.

هذه هي أحوال السلطات الاستبداديّة في كلّ مكانٍ وزمان. لكنّها كلّها ذهبت إلى الجحيم. ونعم المصير!

ليس ثمّة استثناءٌ واحدٌ بين السلطات الديكتاتوريّة نأى بنفسه عن هذا المصير، ونجا، قبل فوات الأوان.

السلطة اللبنانيّة، بأطرافها كافّةً، وبمؤسّساتها، ومجالسها، ورئاساتها، تنحو هذا المنحى، وتقامر، ثمّ تعيد الكرّة، وتقع في الغلطة نفسها.

وإذ تعيد الكرّة، كرّة المقامرة والعناد والسلبطة والعربدة، بصمّ آذانها عن ثورة الجوع، وانتفاضة الجياع الأحرار، فإن السلطة توسّع بذلك فوّهة قبرها، إلى أنْ يصير هذا القبر قبرًا رحبًا بالجميع. ومتّسعًا للجميع، لجميع مَن ينتمي إلى هذه السلطة في الوطن وفي المهاجر كلّها.

تنبيه دقيق: مَن يراقب تصرّفات هذه السلطة، يستنتج أنّها لن ترتدّ على أعقابها، ولن تعقل، ولن ترعوي. بل ستمعن في الغيّ، وسترتكب.

ثمّة، هنا، مَن يدعوها (فقط) إلى الاتّعاظ والرشد، وإلى الاسترشاد ببوصلة الشارع الثائر (حكومة انتقاليّة مصغّرة، مستقلّة، متخصّصة، ذات خبراتٍ مشهودٍ لها في الإدارة، وصلاحيّاتٍ تشريعيّةٍ استثنائيّة) قبل أنْ تطير جلساتٌ مقبلةٌ كثيرة، و... "أشياء" أخرى ليست في الحسبان.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم