الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مَن يلوي ذراع مَن؟ وبأيّ خططٍ تلوي ثورة الجياع الأحرار أذرع السلطة؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
مَن يلوي ذراع مَن؟ وبأيّ خططٍ تلوي ثورة الجياع الأحرار أذرع السلطة؟
مَن يلوي ذراع مَن؟ وبأيّ خططٍ تلوي ثورة الجياع الأحرار أذرع السلطة؟
A+ A-

في لحظةٍ ما، كهذه اللحظة، يحتاج المرء إلى ابتعادٍ قليلٍ ليرى أوسع، وأعمق، وأبعد.

في ضوء هذا الابتعاد القليل والبسيط، يرى المرء ما يأتي:

طرفا السلطة (أو أطرافها)، بين الكرّ والفرّ؛ كرّ التفاوض وفرّه.

ثورة الجياع الأحرار، تراقب عمليّات الكرّ والفرّ، وتواصل الضغط السلميّ على الأرض لتحقيق المطالب المعروفة جدًّا وكثيرًا وبوضوحٍ مطلق.

في ضوء هذا المشهد المركّب، يطرح المرء السؤالين الآتيين:

السؤال الأوّل: مَن يلوي ذراع مَن: هل تحالف "العهد" – "حزب الله"، ومَن معهما في الداخل والخارج، يلوي ذراع رئيس الحكومة المستقيل ومَن معه، في الداخل وفي الخارج، أم العكس؟

هذا من جهة ما يراه المرء، باختصارٍ شديد، على مستوى الطبقة السياسيّة.

وعليه، وأيًّا تكن نتيجة المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة، ينبغي التنبيه إلى أنّ هذين الطرفَين المتخاصمَين، كانا إلى أسابيع قليلةٍ ماضية، يتعايشان في قلب حكومةٍ "متجانسةٍ" واحدة، ويتقاسمان الحصص، ويعقدان الصفقات، ويعمّقان الانهيار الماليّ والاقتصاديّ، والهوّة بين الشعب والسلطة.

هذان الطرفان، وإنْ بدا أنّهما يصطدمان الآن بحائطٍ مسدود، يتّفقان على أنْ لا مصلحة لهما في استمرار ثورة الجياع الأحرار، وفي استمرار خروجها المشرِّف على الطبقة الحاكمة، كلّ الطبقة الحاكمة، وعلى المعادلات السياسيّة القائمة.

السؤال الثاني: هل تلوي ثورة الجياع الأحرار ذراع هذين الطرفين، أم هما معًا (هذان الطرفان)، أم كلٌّ منهما على حدة، ومن جهته، يلوي ذراع هذه الثورة؟

لقد بلغ التفاوض بين طرفَي السلطة هذين، على ما يبدو، مرحلةً حاسمةً ودقيقةً وشبه أخيرة، لتأليف إمّا حكومة غير سياسيّة وغير حزبيّة، وإمّا حكومة مطعّمة بسياسيّين وحزبيّين.

من جهة ما يُرى على مستوى ثورة الجياع، ينبغي التشديد الدائم على أنّ هذه الثورة يمكنها فقط أنْ تعوّل على ثوّارها الأحرار، على استقلاليّتهم، على عدم انصياعهم إلى هذا الفريق أو ذاك.

يمكنها أنْ تعوّل على ذاتها – على ذاتها فقط - لا أنْ تعوّل، أو تراهن، على أيّ مناورةٍ سياسيّةٍ من هذه الجهة أو تلك.

لأجل تحقيق هذه الغاية، ثورة الجياع الأحرار مدعوّةٌ على الفور إلى استبصار كينونتها بمعطيات الواقع وبمدركات العقل، استبصارًا حكيمًا، رؤيويًّا، وفي العمق، ومن الداخل، وإلى تحصين نفسها تحصينًا بنيويًّا، وروحيًّا، وسياسيًّا، وإلى استكناه ما يجري على مستوى أطراف السلطة، أتوصّل هؤلاء إلى اتّفاقٍ في ما بينهم أم لم يتوصّلوا.

ثورة الجياع الأحرار هذه، مدعوّةٌ على الفور إلى بلورة مواقفها الديناميّة المتحرّكة، أكان ذلك في ضوء التوافق الرسميّ بين أطراف السلطة على تأليف الحكومة، أم في ضوء الاختلاف في ما بينهم.

ثورة الجياع الأحرار، مدعوّةٌ إلى تطوير خطابها، واستجلاء خطط عملٍ تلائم المرحلة التي تزداد تعقيدًا وتشابكًا، في ضوء استدخال حوادث وعوامل متعدّدة، واستنبات أطرافٍ انتهازيّين متعدّدين، وتداخل مصالح متنافرة.

ثورة الجياع الأحرار، قادرةٌ على الاجتراح البارق، المفاجئ، والمضيء، بما تنطوي عليه من قوى خلّاقةٍ، وطاقاتٍ شابّة، وذكاءٍ طليعيٍّ غير مسبوق.

هذه الثورة، مدعوّةٌ إلى وصل هذا الليل (هذا الليل تحديداً) بالفجر المقبل، لتطلع علينا أكثر إشراقًا ونضارةً وعزمًا، وقدرةً على مواجهة النَّفَس الجهنّميّ الطويل للسلطة بأطرافها كافّةً.

الخطاب المتبلور، الرؤية المركّبة والبعيدة النظر، النَّفَس الطويل، الرحابة العقليّة، الديناميّة الخلّاقة، الضغط السلميّ البارق والمفاجئ والمتصاعد؛ عوامل لا بدّ من تظهيرها مع شروق شمس النهار الآتي، من أجل أنْ تتمكّن ثورة الجياع الأحرار من مواجهة كلّ الاحتمالات التي تُعَد لزهق روحها، ومن أجل أنْ تتمكّن من ليّ كلّ الأذرع، إكرامًا للبنان، الدولة العلمانيّة الموعودة.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم