الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"بورتريه" الشهيد علاء أبو فخر في ساحة النّور... توثيق وجوه الثّورة

المصدر: طرابلس- "النهار"
جودي الأسمر
"بورتريه" الشهيد علاء أبو فخر في ساحة النّور... توثيق وجوه الثّورة
"بورتريه" الشهيد علاء أبو فخر في ساحة النّور... توثيق وجوه الثّورة
A+ A-

لم تمضِ 12 ساعة على استشهاد ابن الثورة علاء أبو فخر، حتّى ارتدت طرابلس ملامحه على جداريّة عريضة رُسمت بفنيّة عالية عند مدخل ساحة النّور. سالت دماء ثائر الشويفات على الأرض، فسال طلاء فنّاني طرابلس يوثّقون الحدث. بالفنّ، حزنت طرابلس، واحتفلت بشهيد الثورة، فقررت تخليد ذكراه على حائط من حيطانها الثورية. صار شهيد لبنان شاهدًا على ثورة طرابلس. كأن ثورة طرابلس أصبحت منذ اليوم الـ28 على مرأى من علاء، وصورته على مرأى المتظاهرين الّذين وقفوا يرقبون اكتمال صورة الشهيد قبل تلبية نداء الثّورة، الّتي كتبت وفاتُه عمرًا جديدًا لها.

عند الظهيرة، كان الفنّان غيّاث الرّوبة (28 سنة) يضع اللّمسات الأخيرة على بورتريه الشّهيد، معتليًا سلّمًا حديديًا، بيده اليسرى هاتفه الخليوي، ينظر إلى شاشته بين الفنية والأخرى، لينقل الصّورة الأمينة عن الشهيد. ثم يعيد النّظر إلى الحائط أسفل مبنى الغندور، فيضيف بريشته الرّتوشات الأخيرة الّتي يضيفها في غضون خمس ساعات على بدئه بالرّسم.

لكنّ اللّوحة لم تكتمل، إذ يبدو أن الثوار لا يريدون تكريس تضحية شهيدهم فحسب، بل يريدون تدوين مأسوية تلك التّضحية، بمشهد إنساني انضمت إليه زوجة الشّهيد. وهكذا، على يمين بورتريه علاء أبو فخر، تعتلي الفنّانة سارة سيّوف (26 سنة) كرسيّاً، وتسرح يدها بالطبشور، تنقل صورة الزوجة المفجوعة الّتي تناقلتها وسائل التواصل وهي تحتضن جثّة علاء الغارقة في بركة دماء.

غياث، الفنان الفلسطيني- السوري الذي يقيم في محلّة أبو سمرا في طرابلس، نادرًا ما نجده بين المتظاهرين. يقول إنّه يفضّل أطراف السّاحات، عند جدرانها، ليرسم. ثورته فنّيّة. يتسرّب صوته من خيطان الرّيشة. صوتٌ، غدا اليوم عابرًا للجنسيات والمدن والطوائف. يقول غياث لـ"النهار" عن مشاركته الثورية: "بدأت بتوثيق وجوه الثّورة على حيطانها منذ الأحد الأول للثورة، فقمت برسم بورتريه طفل صغير يحمل العلم اللبناني. لاحقًا، عند أول انطلاق شعار "طرابلس عروس الثورة"، رسمته من خلال يدين متشابكتين تنسدل منهما طرحة"، مشيرًا إليها على يمين بورتريه الشاب الشهيد وزوجه.

ينتمي غياث إلى مجموعة صغيرة من عشرة فنانين، من طلاب وخريجي جامعات طرابلس في الفنون الجميلة وفنّ العمارة. كانوا قرّروا رسم بورتريه لطفل، لكن استشهاد علاء أبو فخر هزّ عميقًا هذه المجموعة، فبادر الشباب سريعًا لرسمه، "قمنا بتجميع مواد الدهان وشراء مستلزمات جديدة من مصروفنا الخاص"، تقول سارة سيوف، مستطردة حول تقنية رسمها لزوجة الشهيد "بورتريه علاء كلاسيكي، أما زوجه، أفضّل أن أرسمها بملامح إنطباعيّة".

يتحلّق المارّة حول الرّسامين. رجل يقول لابنه "هو ذاتو"، مقارنًا بين صورة علاء على هاتفه النّقال وبين تلك التي تكتمل ملامحها على الجداريّة. فباستشهاد علاء، تنضج اليوم ملامح ثورة تسع لبنان وتسعى لإعادة بنائه. وعلى جدار ساحته الطرابلسية ينتصب بورتريه الشهيد، بعينيه اللتين تضمّان ثوّار "عروس الثّورة" الّتي أرادت تخليد شهيد كلّ لبنان.

بورتريه علاء أبو فخر يعيد إنتاج سردية المشهد المحلّي في طرابلس بلغة وطنية صرفة، بعدما كانت السّاحة تؤرّخ لحقبات مظلمة في تاريخ المدينة. لكنّ الفنّ يعيد تشكيل تاريخ طرابلس التي تستمر بإبداعها في كتابة السّيرة الوطنية المعاصرة، بدءًا بـ17 تشرين الأول وليس انتهاءً باستشهاد علاء أبو فخر.

[[embed source=vod id=9312 url=https://www.annahar.com/]]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم