السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

قصّة "ملكة الكوكايين" معلمة بابلو إسكوبار

جاد محيدلي
قصّة "ملكة الكوكايين" معلمة بابلو إسكوبار
قصّة "ملكة الكوكايين" معلمة بابلو إسكوبار
A+ A-

جميعنا يعرف بابلو إسكوبار، وهو بارون مخدرات وسياسي كولومبي، مؤسس وقائد منظمة كارتل ميديلين الإجرامية، لكن قلّة منا تعرف "ملكة الكوكايين" غريسيلدا بلانكو، على الرغم من أنها كانت مهمة وبمثابة معلّمة لـبابلو. نشأت بلانكو في حي فقير بإحدى المُدن الكولومبية، قبل أن تقرر أن أنسب الطرق وأقصرها للتخلص من الفقر هو الانخراط في الأعمال غير المشروعة. بدأت عملها الإجرامي وهي طفلة لم يتجاوز عُمرها الحادية عشرة بعد. قامت أولاً باختطاف طفل في العاشرة من عمره، ثم قامت بقتله بإطلاق النيران عليه بعد أن فشل والداه في دفع الفدية التي حددتها. حكمت تجارة الكوكايين التي بدأت في السبعينيات، وحينها لم يكن بابلو إسكوبار نفسه قد دخل هذا السوق، لكنها تُعتبر هي من مهّدت طريق تجارة الكوكايين لإسكوبار وآخرين غيره. وبحسب بعض المعلومات، كان إسكوبار  يُقدّم الحماية لبلانكو من أجل استمرار عملها، بينما يُشكك آخرون في ذلك.

خلال السبعينيات، سيطرت على تجارة المخدرات وأصبحت بطلة في حروب المُخدرات بميامي في الثمانينيات. خلقت لها العديد من الأعداء في جميع أنحاء كولومبيا والولايات المُتحدة الأميركية، ولم تكن بلانكو أبداً بالعدو السهل. فأمرت بإطلاق النيران على مراكز التسوق، وتشكيل فرق الاغتيالات بالدراجات النارية، وتنفيذ العديد من حوادث الهجوم على منازل، وأصبحت مسؤولة عمّا يصل إلى 250 جريمة قتل. وعلى الرغم من كل هذه الوحشية كانت بلانكو من مُحبي التفاصيل الدقيقة التي تتميز بالثراء والرفاهية حولها، فقد كان لديها قصر على شاطئ ميامي. كما كانت حريصة على شراء بعض الألماس من السيدة الأولى في الأرجنتين إيفا بيرون، زوجة الرئيس الأرجنتيني خوان بيرون، وكان لدى بلانكو مُسدس آلي من الزمرد والذهب من طراز MAC 10، وقُدّرت ثروتها بالمليارات.

بالعودة إلى طفولتها، وُلدت غريسيلدا بلانكو عام 1943 في بيئة فقيرة، ونشأت في منزل شديد الفقر، كما دفعها الاعتداء الجسدي المُتكرر إلى ترك المنزل والخروج إلى شوارع مدينة ميديلين، لتبدأ حياة جديدة، حيث بدأت في العمل كعاهرة ونشّالة أيضاً. وعندما بلغت الثالثة عشرة من عُمرها، عرفت عن طريق زوجها الأول كارلوس تروجيلو، أنه بإمكانها تحويل عملها الإجرامي إلى عمل تجاري كبير ومُربح. كان كارلوس يعمل في التهريب، ولم يدم زواج كارلوس وبلانكو طويلاً على الرغم من أن لديهما ثلاثة من الأبناء، فقد قتلت بلانكو زوجها الأول في أوائل السبعينيات. تزوجت مرة ثانية من ألبيرتو برافو، الذي كان بوابة عبور بلانكو إلى عالم الكوكايين، ففي أوائل السبعينيات انتقلا إلى نيويورك، وهناك ازدهرت أعمالهما. في هذه الفترة، وجدت بلانكو طريقة بارعة لتهريب الكوكايين إلى نيويورك، فقد كلفت مجموعة من الفتيات بالعمل على نقل الكوكايين من خلال سفرهن على متن الطائرات وتخبئة الكوكايين في ملابسهن الداخلية التي صممتها بلانكو بنفسها، ومع التوسُّع في أعمال بلانكو وبرافو، عاد الزوج إلى كولومبيا لإعادة هيكلة نظام التصدير، بينما تفرغت الزوجة لتوسيع الإمبراطورية في نيويورك، لكن تلك التجارة لم تستمر طويلاً، إذ انهارت كل جهود الزوجين بعدما تم اختراق أعمالهما من قبل شرطة نيويورك عام 1975.

وقبل أن يتم توجيه الاتهام إلى بلانكو، تمكّنت من الهرب إلى كولومبيا، وقيل إنها قتلت زوجها الثاني، فيما تقول مصادر تاريخية أخرى إن بابلو إسكوبار هو من قتل الزوج، وأياً كانت الطريقة التي مات بها الزوج، فقد كان لبلانكو يد فيها بشكل ما. وبعد وفاته، حصلت بلانكو على لقب جديد هو "الأرملة السوداء"، وأصبحت تُسيطر بالكامل على إمبراطورية المُخدرات، وظلت تُدير أعمالها من كولومبيا، واستمرت في تصدير الكوكايين إلى الولايات المُتحدة الأميركية. في عام 1978 تزوجت بلانكو زوجها الثالث، وكان الزوج لصّ مصارف يُدعى داريو سيبولفيدا، وكانت تهدف إلى الانتقال لميامي لتدعيم سيطرتها على عالم المخدرات، وفي ميامي عاشت ببذخ بين القصور والسيارات باهظة الثمن، وكانت لديها طائرة خاصة لتنقلاتها. وفي عام 1983، قُتل الزوج الثالث لبلانكو أثناء تبادل النيران مع عصابات مخدرات أخرى. أما في أوائل عام 1984 فانتقلت بلانكو للعيش في كاليفورنيا، وبعدها بسنة أُلقي القبض عليها عن عُمر يُناهز 42 عاماً، وحُكم عليها بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة الاتجار بالمُخدرات، ولم تكن هناك أدلة كافية لإدانتها بحوادث القتل.

لكن في عام 1994 جاءت الضربة الحقيقية لبلانكو حينما أصبح رجلها الأبرز "أيالا" شاهداً رئيسياً ضدها في مُحاكمتها القضائية، وكان هذا كفيلاً بجعلها تُصاب بانهيار عصبي، لأنه كان يعرف عنها ما يكفي لإعدامها، لكن ما أنقذ بلانكو كان فضيحة جنسية بين أيالا وأمناء من مكتب النائب العام لمدينة ميامي، ما جعل أيالا غير جدير بالثقة كشاهد رئيسي في القضية. نجت بلانكو من عقوبة الإعدام وقبلت بصفقة الإقرار بالذنب، وفي عام 2004 أُفرج عنها وأُعيدت إلى كولومبيا. وفي عام 2012 أصيبت بلانكو البالغة من العمر 69 عاماً وقتها بعيار ناري في رأسها عن طريق قاتل مُحترف على دراجة نارية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم