الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

في اليوم الخامس والعشرين للانتفاضة... ملاحظات وحقائق لا بدّ منها

فادي بسترس- ناشط
في اليوم الخامس والعشرين للانتفاضة... ملاحظات وحقائق لا بدّ منها
في اليوم الخامس والعشرين للانتفاضة... ملاحظات وحقائق لا بدّ منها
A+ A-

منذ 3 عقود وأنا أطمح كناشط من أجل قيام الدولة، دولة المؤسسات والقانون، كما وأقوم بحملة من أجل إقامة دولة تسود فيها قيم المواطنة منذ 10 سنوات.

لذلك من الطبيعي أن أفرح بالانتفاضة التي تقود حياتنا اليومية منذ 17 تشرين الأول، إذ لم يعرف بلدنا عبر الزمن انتفاضة بهذه العفوية والامتداد الجغرافي تتخطى الطوائف والأديان، مثل هذه الصحوة لدى المواطن.

هذه الانتفاضة، التي طالما تمنيت حصولها، وحلمت بها وبقيمها المثالية، يهمني إضفاء الصبغة المثالية عليها باعتبارها المثل الأعلى لنا، كما ويهمني حمايتها، وعليه أود تسجيل الملاحظات الآتية

1- يقود هذه الانتفاضة الشباب، أولئك الذين لم يتمكنوا أو لم يكونوا راغبين في ممارسة حقهم في الاقتراع خلال انتخابات عام 2018.

2- إن المطلب الرئيسي للانتفاضة هو تحسين كلّ الخدمات وعمل الإدارات الرسمية وكذلك الإدارة السليمة والشفافة للأموال العامة وتنفيذ سياسات الضرائب الاجتماعية.

3- تدعو الانتفاضة إلى تشكيل حكومة من الخبراء المستقلين (تكنوقراط) والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

4- تهدف الانتفاضة إلى تحميل القادة أو المسؤولين أو المؤسسات مسؤولية سوء الإدارة وإساءة استخدام السلطة أو استشراء الفساد، كما تطالب الانتفاضة أيضاً بإعادة الأموال المختلسة أو المكتسبة بطريقة غير مشروعة.

5- الانتفاضة ليست أسيرة تاريخنا السياسي الحديث ولا أسيرة الآلام التي عانى منها بلدنا منذ سبعينيات القرن الماضي، فهذا التحرير هو الذي يدفعها إلى المطالبة بدولة مدنية.

6- الانتفاضة تستفيد، في تعبيرها عن مطالبها الاجتماعية، من التشجيع، والدعم والتعاطف، مع الغالبية العظمى من اللبنانيين، بغض النظر عن الفئة العمرية والوضع الاجتماعي – الاقتصادي، وتبدو حركة المجتمع المنضوي تحت لواء الأحزاب خجولة بشأن المطالب السياسية.

7 - لم تتطرق هذه الانتفاضة مباشرة إلى موضوع سلاح #حزب_الله والحالات التي تنشأ عن المواقف الإقليمية والجيو- استراتيجية التي ينقسم اللبنانيون حولها.

8 - ليس لهذه الانتفاضة هيكلية مركزية أو متحدّث رسمي باسمها معترف به.

9 - لقد نجحت هذه الانتفاضة في إرغام الحكومة على الاستقالة، كما نجحت أيضاً بالتشكيك في تمثيل السلطات التنفيذية والبرلمانية.

10 - لم تكن ردة فعل السلطات الأمنية وأجهزة حفظ النظام العام مشوبة بتجاوزات تذكر أو التعامل بعنف غير مبرر. كما أن الانتفاضة لم تتسبب بشكل مباشر بأي حالة وفاة.

11- لقد أدى إغلاق الطرق، الذي يستخدم كوسيلة للضغط، إلى زيادة الضغوطات المالية على الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً، خاصة العمال الذين يكسبون رزقهم يومياً، بالإضافة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة.

بالتوازي مع هذه النقاط الـ11، وانطلاقاً من مبدأ واجب التغيير، الذي يقتضي أن يكون الجميع مشاركاً، يجب ألا نتجاهل الحقائق الآتية:

• لا يزال في بلدنا مئات الآلاف من المحافظين، الراسخين في انتمائهم إلى دياناتهم أو طقوسهم أو عشائرهم أو مناطقهم، يقاومون بعض تطلعات المواطنة التي تعبّر عنها الانتفاضة. والأكثر عدداً هم ممن يؤيدون الانتفاضة ولكن قد يتراجعوا عن هذا الدعم، في سياق بعض الانحرافات التي قد تحدث في أي وقت.

• وينطبق الشيء نفسه على الملتحقين بالأحزاب والحركات السياسية والأحزاب الدينية والزعماء التقليديين، وهم من مئات آلاف اللبنانيين، والذين وفقًا لبعض التجاوزات، يمكن أن يتحولوا غير حياديين بالنسبة للانتفاضة، ويعودوا إلى مواقعهم السابقة.


فكيف يمكن أن يترجم بشكل ملموس وفوري صون مكاسب الانتفاضة وبأسرع وقت ممكن؟ كيف يمكن توجيه كل هذه الطاقة الإيجابية وتجنب الضغط على أولئك الذين ليسوا في الشارع أو الذين يدعمون الانتفاضة بخجل؟ كيف يمكن لنا إرساء التحسين دون التدمير؟

1 - التركيز فقط على حصر الشعارات المتعلقة بفوائد الإدارة والحكم الرشيد ومكافحة الفساد وآثاره. عدم طرح المواقف السياسية المثيرة للخلاف.

2 - البدء بممارسة الضغط على البرلمان، بالنظر إلى القوانين الهامة التي يُطلب منه مناقشتها وإقرارها في أقرب وقت ممكن.

3 - تشجيع السلطة القضائية واستدعاؤها عن طريق تجنب الاتهامات بدون أدلة، وإسهامها بالتحقيقات المستقلة والادانات المتوازية والمرغوبة.

4 - دعوة الحزبيين إلى المشاركة بالانتفاضة بصفتهم الشخصية وعدم مهاجمة السلطات الدينية، باستثناء الحالات المتعلقة بالحكم الرشيد.

5. عدم إغلاق الطرق إلا في حالات الضرورة القصوى ولوقت قصير. عدم تعطيل نشاط الإدارات التي هي في خدمة المواطنين بشكل مباشر. البقاء في الساحات العامة و إقامة التجمعات المحددة زمنياً في أماكن معينة وفقًا لتطور الأحداث.

6 - الحفاظ بأي ثمن على طبيعة الانتفاضة غير العنفية ، وتجنب الاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى صون حق التعبير لأولئك الذين لا يدعمون الانتفاضة.

7 - عدم استهداف معالم الثروة والبنوك والقطاعات الإنتاجية وكافة مؤسسات العمل.

8- إشراك الجمهور ببعض الحقائق من خلال شرح أن أي استرداد للمبالغ المنهوبة أو المحولة لا يمكن أن يكون له تأثير سريع على الوضع المالي. هذه العملية، حتى لو تمت بشكل فعال، لا يمكن أن تؤتي ثمارها في غضون بضعة أشهر. لذلك يجب ممارسة القليل من البراغماتية وتجنب الشعارات الجوفاء التي قد تضرب مصداقية الانتفاضة عندما يبدأ البعض بطرح الأسئلة حول جدية الانتفاضة.

9 - عدم التفاوض مع السلطات وعدم تقديم أي اقتراحات للقوانين الانتخابية أو التعديلات الدستورية أو شخصية الوزراء المعتمدين: فهذا من مسؤولية السلطات للاقتراح وعلى الانتفاضة أن تبدي رأيها في حينه.

10 - لم يكن بوسع أي منظمة أو حزب تنفيذ ما تم إنجازه منذ 17 تشرين الأول. لذلك من الضروري الحفاظ على البنية الضبابية للانتفاضة مع تحسين التنسيق اللوجستي وتشجيع تناوب الممثلين المؤهلين للتحدث أمام وسائل الإعلام ومخاطبة الجمهور الوطني.

الوقت يمر، وسيأتي المطر قريباً... وقد تزيد الصعوبات... فهذه التوصيات، على المدى القصير، قد تحافظ على الوحدة والتماسك والالتفاف حول الانتفاضة من خلال تقليل الانجرافات التي قد تضر بمطالبها الرئيسية. هذا من شأنه أن يزيد الضغط على السلطة ويساهم في الوصول إلى دولة القانون قبل سلوك الطريق الطويل للتغيير... تغيير لا عودة عنه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم