الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماكرون قال إنّ أوروبا "على حافّة الهاوية"... هل هو محقّ؟

المصدر: "ذي ايكونوميست"
"النهار"
ماكرون قال إنّ أوروبا "على حافّة الهاوية"... هل هو محقّ؟
ماكرون قال إنّ أوروبا "على حافّة الهاوية"... هل هو محقّ؟
A+ A-

لا يقولب النظرة فقط

في مكتبه داخل قصر الإليزيه، قال ماكرون للمجلّة إنّ التحالف العابر للأطلسي يعاني من "موت دماغي". تحتاج أوروبا لتطوير قوة عسكرية خاصة بها. يظنّ الاتّحاد الأوروبّيّ نفسه على أنّه سوق وحسب، لكنّه بحاجة للتصرّف كتكتّل سياسيّ مع سياسات في التكنولوجيا والبيانات والتغيّر المناخيّ. جادل رؤساء فرنسيّون سابقون بأنّ أوروبّا لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة ويجب أن تنظر عوضاً عن ذلك إلى فرنسا.

تتابع المجلّة أنّ ماكرون لا يعيد قولبة هذه النظرة فقط. هو يعتقد أنّ أميركا وأوروبا لديهما مصالح مشتركة وقد عملتا بلا كلل للإبقاء على العلاقات الجيّدة مع الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب. لكنّه يجادل للمرّة الأولى بأنّ لدى واشنطن رئيساً "لا يشاركنا فكرتنا حول المشروع الأوروبّي." وحتى لو لم يُعد انتخاب ترامب، إنّ القوى التاريخيّة تبعد الحلفاء القدماء عن بعضهم.

ترى "الإيكونومسيت" أنّ الأولويّات الأميركيّة تتغيّر. حين اختار الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان ينوي الاستدارة نحو آسيا عدم معاقبة استخدام الأسلحة الكيميائيّة في سوريا، أشّر إلى أنّ واشنطن كانت تفقد اهتمامها بالشرق الأوسط. لم يعزّز تخلّي ترامب الأخير عن حلفائه الأكراد في سوريا هذا الاتّجاه وحسب بل قوّض "حلف شمال الأطلسيّ" (ناتو) أيضاً. لم تبلغ الولايات المتّحدة حلفاءها، واجتاحت تركيا العضو في الناتو شمال سوريا. وقال ماكرون: "استراتيجيّاً وسياسيّاً، نحتاج للاعتراف بأنّ لدينا مشكلة." وسئل ماكرون عمّا إذا كان واثقاً بأنّ الهجوم على عضو أطلسيّ اليوم سيُنظر إليه على أنّه هجوم على جميع الأعضاء، وهي الفكرة التي تدعم صدقيّة الحلف، أجاب ماكرون بأنّه لا يعلم.

عليها فتح عينيها

هو يعلم أنّ الناتو يزدهر من الناحية العملانيّة لكنّه يدعو أوروبا إلى "إعادة تقييم واقع ما هو عليه الناتو على ضوء التزام الولايات المتّحدة." ويقول ماكرون إنّه لا يزال على أوروبا أن تعي ضخامة التحدّي الموجود في الأفق. تستمرّ في التعامل مع العالم على أنّ التجارة وحدها قادرة على ضمان السلام.

لكنّ الولايات المتّحدة، ضامنة التجارة العالميّة، تصبح حمائيّة. القوى الديكتاتوريّة إلى تصاعد بما فيها روسيا وتركيا على الحدود مع أوروبا. في حين أنفقت الولايات المتّحدة والصين أموالاً كثيرة على الذكاء الاصطناعيّ الذي تريان فيه مكوّناً أساسيّاً من القوّة الصلبة، تركّز أوروبا على الصناعة. حضّ ماكرون على أنّ أوروبا البطيئة والحالمة فتح عينيها وتحضير نفسها لعالم أقسى وأقلّ تسامحاً.

"صورة قاتمة"

تعلّق "الإيكونوميست" كاتبة أنّ ما قاله ماكرون "صورة قاتمة بشكل مدهش" لسياسيّ أوروبّيّ وسطيّ ومؤيّد علنيّ للتعاون الدوليّ. لكنّها أيضاً صورة مدروسة تدعو إلى التحرّك. من الصعب المبالغة في حجم التغيير الذي يطلبه الرئيس الفرنسيّ من نظرائه الأوروبّيين. على مستوى الدفاع، يظنّ ماكرون أنّ بإمكان "مبادرة التدخّل الأوروبيّة" الخاصّة به و "التعاون الهيكليّ الدائم" دمج العمليّات العسكريّة وتعزيز الإمكانات الأوروبّيّة، ممّا يعني ضمناً إنشاء أسس لأوروبا ما بعد الدفاع الأطلسيّ. لكنّ هذه اللبنات أوّليّة.

إنّ رحيل واشنطن سيترك ثغرات واسعة في ميادين كالدفاع الجوّيّ والصاروخيّ والاستخبارات والاستطلاع وتعبئة الوقود جوّاً. وموازنتها العسكريّة تبلغ ضعفي موازنة سائر أعضاء الناتو مجتمعين. ستتردد الحكومات الأوروبية في ملء الفجوة لأن لديها أولويات أخرى. سيكون من الأسهل تكييف الناتو كي يحمي أوروبا ويصبح ذا فائدة أكبر للولايات المتحدة.


الديبلوماسيّة والصناعة

يظنّ ماكرون أنّ بإمكان أوروبّا أن تؤسّس نفوذها العالميّ كدولة تتوسّط بين القوّتين العظميين الصين والولايات المتّحدة. سيكمن دورها في "إيقاف كل العالم عن التقاط النار" وفقاً لما يقول. سوف تكون الخطوة الأولى في الإمساك بمنطقتها عبر إعادة بناء العلاقات مع روسيا وهي خطوة قد تستغرق عقداً. مجدّداً، يفترض هذا الطموح وحدة الهدف وهي نادراً ما تحقّقها أوروبا.

يميل العديد من أعضائها إلى تفادي القوة الصلبة لصالح سياسة خارجيّة مبنيّة على حقوق الإنسان والتجارة. كما يوضح مقترح ماكرون حول روسيا، تتطلب سياسات القوّة التعامل مع أشخاص تستنكر أفعالهم. بالنسبة إليه، السياسة الواقعيّة ضروريّة كي تسود القيم الأوروبّيّة. وليس واضحاً ما إذا كان سيوافق نظراؤه الأوروبّيّون على ذلك.

على مستوى السياسة الصناعيّة، يريد ماكرون من الدولة أن تتّخذ قرارات استراتيجيّة حول التكنولوجيا الأساسيّة وهذا يتطلّب تحويل الأموال والعقود إلى السياسيّين الحاليّين المتّصلين ببعض. إنّ الأسلوب الأفضل لخلق بيئة تكنولوجيّة مزدهرة هو تشجيع المزيد من التنافس. وتساءلت المجلّة عن السبب الذي سيدفع الآخرين للقبول إذا كان ماكرون رافضاً لذلك.


معادلة فريدة ومطلب

تقوم المعادلة "الفريدة" على التوصّل إلى ترتيب بين الدول، من دون أيّ هيمنة، يحافظ على السلام. وتطرح المجلّة تساؤلاً عن كيفيّة توصّل 27 دولة إضافة لبريطانيا إلى اتفاق حول بناء قوات مسلّحة عاملة بشكل كامل، كما إقناع خصوم أوروبا بأنّه سيتمّ استخدامها. ويسخر منتقدو ماكرون قائلين إنّه "سكران سلطة". بعض البلدان، من ضمنها بولونيا ودول البلطيق، ستكون قلقة من فكرة الانفصال عن الولايات المتّحدة واتّباع الانفتاح على روسيا. وثمّة دول أخرى بما فيها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا منشغلة كثيراً في مشاكلها الداخليّة للانخراط في رؤية عالميّة كبيرة.

يقول ماكرون إنّ هذه المرّة يجب أن تكون مختلفة عن المرّات السابقة التي صدرت فيها دعوات صادقة، إنّما بدون جدوى، لجعل تأثير أوروبا محسوساً في العالم. هو يطلب من نظرائه الأوروبّيّين تخيّل كيف يمكن أوروبّا الازدهار في عالم خطير من دون تحالف قويّ مع الأميركيّين. وتختم المجلّة متسائلة: "كيف يجب عليهم التعامل مع روسيا، مع النزاع والتطرّف الدينيّ المنتشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومع التحدّي التسلّطيّ للصين؟ هو يستحقّ جواباً."


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم