الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

الحركة الطالبية حركة مفصلية في انتفاضة 17 أكتوبر

المصدر: النهار
سينتيا الفليطي
الحركة الطالبية حركة مفصلية في انتفاضة 17 أكتوبر
الحركة الطالبية حركة مفصلية في انتفاضة 17 أكتوبر
A+ A-

أحدثت حالة الحراكات الطالبية ونشأتها في القرن الماضي زلزالًا كبيرًا حول العالم، فكيف لا يكون ذلك وهم الذين ساهموا في كثير من الأحيان بقلب التاريخ رأسًا على عقب، كإنهاء قوانين الفصل العنصري في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، وإسقاط رئيس تشيكوسلوفاكيا بعد سقوط جدار برلين، والانتفاضة على الحكومات الفاسدة في أميركا الجنوبية وفرنسا والصين وحتى إيران ومصر والسودان وغيرها من دول العالم.

كان للحركة الطالبية في لبنان منذ الخمسينات وحتى السبعينات، دورها الفاعل والنهضوي في تأسيس الجامعة اللبنانية، وفي تصويب العديد من مسارات الدولة ومواقفها تجاه قضايا الفساد والتربية والتعليم والكثير من القضايا المحلية والعربية الحسّاسة، ففي شباط 1951 تم تأسيس الجامعة اللبنانية من مجلس الوزراء بعد المطالبة والضّغط من الحركة الطّلابية في جامعة القديس يوسف، وفي ٢٠ تشرين الأوّل من العام ذاته تأسّس دار المعلمين. هذا واضطلعت الحركة الطالبية في الجامعة اللبنانية حتّى أوائل السبعينات دوراً مهماً في النّضال من أجل استقلالية عمل الجامعة والعمل النقابي.

ففي سنة 1971، شُكّل الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، وتحت ضغط التحركات الطالبية، انتخبت أول لجنة تنفيذية للاتحاد بعدما وضعت الصيغة الداخلية لعمل طلاب الجامعة اللبنانية وهو النظام الداخلي للاتحاد، وفاز فيها تحالف اليمين على اليسار، قبل أن يتبادل الطرفان الربح والخسارة في السنوات اللاحقة. وهو ما دل على ديموقراطية ووحدة الحركة النقابية الطالبية، إذ كان الصراع يتمحور بين القوى على البرامج ولم يكن صراعاً أو خلافاً طائفياً.

استمرت هذه الأجواء حتّى العام 1975 وبداية الحرب الأهليّة التي أدخلت اللبنانيين عموماً، والطلاب خصوصاً، في صراع مع الذات ومع الوحدة الوطنيّة، فراحت التظاهرات الجامعة للطلاب والعابرة للطوائف والهادفة إلى رفع مستوى التعليم العالي وإنشاء الجامعات تتلاشى، وراحت الحركة الطالبية تدخل في آتون الطائفية والمذهبية وراح الشباب اللبناني ينغمس في ويلات الحرب الأهلية.

والجدير بالذّكر أنّه منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وحتّى تاريخ 5 تشرين الأوّل 2019 لم يشهد لبنان أي حركة طالبية جديّة وطنية تحاكي الفساد أو الطائفية، وحدها انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر أعادت إحياء المسؤولية الوطنية للطلاب الذين استعادوا اليوم دورهم الوطني وشكّلوا صفّاً إضافياً فولاذياً في صفوف معارضي الطبقة السياسية اللبنانية.

وما هو لافت، النسبة العالية جدّاً من الوعي السياسي والاجتماعي، كما الحس الوطني الذي تمتع به طلاب لبنان خلال التعبير عن آرائهم، وقد تبلور ذلك بوضوح من خلال بياناتهم وشعاراتهم التي اتّسمت بالحضارة والحداثة فطالبوا بدولة علمانية، ورفع مستوى التعليم الرّسمي، كما مكافحة الفساد، والتّمرد على قمع حرية الرّأي والتّعبير من الإدارات، حتّى وصلت بعض الشعارات إلى الاتهام المباشر للإدارات بالزبائنية السياسيّة...

في ضوء ذلك، إنّ الدخول الطالبي اليوم على الخط هو نقطة تحوّل مفصلية في انتفاضة 17 أكتوبر وهو تأكيد على اللاعودة إلى الوراء وعلى أنّ استمرار السلطة السياسية في المماطلة بلا جدوى، ولن يغيّر شيئاً سوى الدخول أكثر فأكثر في النفق الاقتصادي والمعيشي المظلم.

فمن يعلم مدى أهميّة وقدرة الحركات الطالبية على تحقيق النقاط المفصلية يعلم جيّداً أنّ ما قبل 5 تشرين ليس كما بعده بخاصّة أنّ هذه الحركة اليوم أضافت للانتفاضة اللبنانية أمرين أساسيين:

- عدم إمكان هذه السلطة الاستمرار بالتّذرع في اتهام هذه الانتفاضة "بأنّها من نتاج حياكة المؤامرات"، فهذا الموال لم يعد يمر على عاقل.

- الحركة الطالبية إذا ما استمرت ونجحت ستكون بمثابة "الوقود"، الذي سيبقي الانتفاضة اللبنانية مشتعلة لحين تحقيق كافّة المطالب. ما يُحرق ورقة إخمادها من السياسيين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم