الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سيناريو محتمل

كاتيا دبغي
سيناريو محتمل
سيناريو محتمل
A+ A-

في قراءة معمّقة بين السطور، ومراقبة لمجريات الأحداث وحالة شدّ الكباش بين السلطة والحراك، وفي متابعة أيضًا لما يدور خلف جدران بعبدا والقصر الحكومي والغرف المغلقة، نرى أن ثورة 17 تشرين مرشحة لحالة من الستاتيكو الطويلة الأمد، على الأقل حتى نهاية السنة الحالية. وما يعزز هذا الشعور، هو تحليل بسيط وواقعي لما يدور في السرايا والقصر، ولما يجري في الشارع. الطبقة السياسية الحاكمة لن تتخلى بسهولة عن مكاسبها ونفوذها وتموضعها في مراكز القرار، لأن شعار "كلن يعني كلن" تفهمه السلطة على أنه عملية إبادة للطاقم السياسي المتفق على تقاسم قطعة الجبن منذ 30 عاماً، ويتخذ من جمهور الحزب أو الطائفة أو التيار غطاء واقيا لضمان استمراريته، مصوّبا سهام الفساد على المجهول. فيما الشارع، أو الثوار، يرفض بقاء أي زعيم أو سياسي من الطبقة الفاسدة، وبالتالي فالمطلوب، من طرفه، تسونامي لإبعاد كل الذين تعاقبوا على الحكم من دون استثناء، لأنهم مسؤولون، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن الواقع المزري الذي وصل إليه الشعب اللبناني.

وأيضا في خضم هذا الكباش بين السلطة الملتصقة بكراسيها، حتى لو تخلخلت، والشعب الثائر المتمسّك بفصلهم عن الكراسي بكلّ الوسائل المتاحة من عصيان مدني وإضرابات وقطع طرق، وغيرها من الطرق المشروعة. يوجد طرف ثالث يعوق تحرّك الثورة ويشوش على أهدافها ويعطل ديناميتها، ألا وهو جمهور الأحزاب الذي يقوم بعضه بركوب الموجة لتصفية حسابات ضيقة. وهذ الفئة، في غالبيتها، من الأزلام المستنفعين والمتسلقين والمستفيدين من بقاء الزعيم، لأن لحم أكتافهم من خيره. 

وفي ظلّ غياب أي حوار جدّي بين الطرفين الأساسيين، أي السلطة والثوار، نظراً لرفض الحراك المدني الدخول في لعبة تسويات مع سلطة "مكروهة ومرفوضة " بالكامل، فإنّ أطر الحلول لن تلوح في الأفق القريب.

السيناريو المحتمل هو ولادة حكومة "مرقّعة" والتكنوقراط فيها قناع خلفه الأصل الممجوج، أي "رجعت حليمة" ولكن هذه المرة بأسماء مختلفة تعيد قطعة الجبن إلى الأفواه "الفجعانة" التي التهمت الأخضر واليابس، ولم تشبع.

أما الشارع، فسيشتعل غضبًا وثورة وسيستعمل كل ما يتاح له من طرق للتعبير عن رفضه لأي شكل من أشكال حكومات المحاصصة والترضية التي يجري "طبخها" في الكواليس.

الرهان اليوم، للخروج من هذه الأزمة، هو قرار جريء وشجاع بتأليف حكومة على قياس تطلعات هذا الشعب وآماله وثورته، وهذا ما يتطلب الكثير من التنازل والترفع عن المصالح الشخصية والحزبية والطائفية من كلّ الأطراف والتخلي عن المنصب لصالح الوطن والاعتراف - ولو ضمنا- بأنهم عاجزون عن تحمل مسؤولياتهم، فيسلمون الأمانة التي غدروا بها إلى طاقم جديد ونظيف وكفوء... وهذه جميعها ليست من شيمهم، ولم تكن يوماً. 

لن يقبل الشارع بعملية تدوير للسلطة السياسية نفسها بعد 17 تشرين، ولا باعادة تموضع مريبة بدأ يشتمّ رائحتها في الكواليس، بل سيبقى منتفضاً وثائراً وغاضباً في عملية كرّ وفرّ، يبدو أنها ستطول وتطول.

وحتى ذلك الحين، تصبحون على أمل.

صحافية لبنانية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم