الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عدنا إلى "الآمنة والسالكة" والـ"واتساب" حلّ محلّ شريف الأخوي

طوني فرنجية
عدنا إلى "الآمنة والسالكة" والـ"واتساب" حلّ محلّ شريف الأخوي
عدنا إلى "الآمنة والسالكة" والـ"واتساب" حلّ محلّ شريف الأخوي
A+ A-

"التاريخ يعيد نفسه"، مقولة كنا نسمعها ونحن صغار، نعيش مضامينها ونحن كبار، فالتاريخ فعلاً يعيد نفسه ولكن الناس لا يعتبرون ولا يأخذون الدروس من التاريخ فيحسّنوا الأداء كي لا يقعوا مجدداً في التجربة.

وإذا كان الأقدمون يقولون إن "التاريخ كل خمسين أو ستين سنة يعيد نفسه"، فإننا في لبنان سرّعنا المُهل وبات التاريخ يعيد نفسه عندنا كل حوالي ثلاثين أو أربعين سنة، وعندما نتحدث عن الماضي الأليم نقول: "تنذكر أحداثه وما تنعاد"، وإذ بنا في الواقع نقوم ونفعل كل شيء لتتكرر الأحداث نفسها برضانا وليس غصباً عنا.

ففي الحرب اللبنانية (حرب السنتين) شكلت إذاعة بيروت الرسمية والمذيع الراحل شريف الأخوي خطّ الأمان الأول والأساسي لسير اللبنانيين على طرقات العاصمة بيروت، فكانت تختصر القنص والقصف والخطف بعبارة "غير سالكة وغير آمنة"، أما الطرق الأخرى فكانت "سالكة على خط واحد، أو على خطين"، حسب ضيق الطريق أو اتساعها، فغدا صوت شريف الأخوي عبر الأثير مصدر ثقة واطمئنان للجميع، خصوصاً وأنه كان يرشد صحيحاً ويوجّه إلى برّ الأمان، وقد وفّر العديد من الكوارث والمجازر على اللبنانيين.

اليوم، الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت حلّت بديلاً محل شريف الأخوي، وبات باستطاعة كل مواطن، وقبل أن يخرج من منزله، أن يعرف أحوال الطرق السالكة وغير السالكة، المقطوعة بالدواليب المشتعلة، أو بأكوام الردم والأتربة، أو بأجساد المطالبين بأبسط حقوقهم الحياتية والاجتماعية، من خلال هاتفه الخلوي الذي لا يخطئ، خصوصاً وأن مصادر المعلومات متعددة وكثيرة.

ليست العبرة في مَن حلّ مكان مَن، لكن العبرة في أننا عدنا إلى من حيث لم ننتهِ بعد منذ عام 1975، مع فارق كبير جداً هو أن الجوع الذي ولّدته ويلات حرب الـ75 الاقتصادية المستمرة مفاعيلها إلى اليوم، وحدّ جميع اللبنانيين، فالكل مشارك في التظاهرات وفي الاحتجاجات وفي الحراك الرافض لسياسات الهدر والفساد والسرقة والإهمال والمديونية وتوظيف المحاسيب، لأن الكل بات مكويّاً من هذه السياسات الرسمية التي أدخلت البلاد في متاهات شتّى، ولن يخرج منها إلا بعد تلبية مطالب الحراك الشعبي المتمادي فصولاً وبأنواع عديدة، عسى أن تكون هذه المرة غير المشابهة لكل مثيلاتها السابقة، فعلاً آخر مرة ليصحّ المثل "تنذكر وما تنعاد".

أما جماعة الحراك الشعبي فأشبّههم بالحراك الفرنسي إبان الثورة الفرنسية، الذين اختصر تحركهم "ميرابو"، خطيب الثورة، بعد الدخول إلى قصر فرساي، فقال: "نحن هنا بإرادة الشعب، ولن نخرج إلا على أسنّة الرماح"، وإذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب أهل السلطة لشعار "كلّن يعني كلّن"، وإلا عليهم السلام.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم