الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الليرة والدين العام بين الفساد والأزمات

المصدر: النهار
د. خلدون عبد الصمد
الليرة والدين العام بين الفساد والأزمات
الليرة والدين العام بين الفساد والأزمات
A+ A-

القلق، الخوف، ثم الاحتجاجات، وأخيراً الانتفاضة في الشارع اللبناني، فبغضّ النظر عن المطالب السياسية من إلغاء الطائفية إلى قلب النظام إلى نظام جديد مع قانون انتخاب عصري يوصل الصوت الانتخابي بشكل سليم، إلا أن السبب الرئيسي الذي أدى إلى هذا كله هو الوضع الاقتصادي المأسوي الذي يعيشه اللبنانيون شعباً ودولة.

ولبنان يواجه حالياً الكثير من المشكلات التي بدأت تهدد الأمن الاقتصادي بالكامل، ولعل على رأس هذه الأزمات معضلة الدين العام، فالدين العام الذي كان في حدود 5 مليارات دولار في بداية التسعينيات واصل صعوداً وبشكل مأسوي حتى وصل في العام ٢٠١٠ إلى ما يقارب 53 مليار دولار، ووصل في نهاية العام الماضي إلى ما يفوق الثمانين مليار دولار مع نسبة زادت عن ١٥٠% من الناتج المحلي الاجمالي، وهذه الارقام تضع لبنان في المرتبة الثالثة عالمياً وفق إحصائيات صندوق النقد الدولي من حيث المديونية إلى الناتج، وذلك يعني أن بمسألة حسابية بسيطة يمكن رؤية الكارثة الحقيقية حيث إن خدمة الدين أصبحت تفوق الناتح الاجمالي، وهذا قد يؤدي بالتأكيد إلى خفض تصنيف لبنان أكثر فأكثر في نهاية العام، ونصبح على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار أو حتى الإفلاس.

ومن المشكلات المتجددة أيضاً سعر الصرف، فبعد أن كان الدولار يساوي ثلاثة ليرات لبنانية قبل بداية الحرب اللبنانية عام 1975 وصل إلى ما يقارب 2500 ليرة للدولار الواحد مع صعود وهبوط في بعض المراحل حتى تثبيتها عام 1997 على سعر 1500 ليرة للدولار، وبقي هذا الاستقرار مع تدخل البنك المركزي بائعاً أو شارياً للحفاظ على الليرة إلا أن السنوات الأخيرة شكلت هذه المعادلة عبئاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني حيث ان الدولار أصبح العملة غير الرسمية الاكثر تداولاً في الاسواق اللبنانية، وأصبح على المصرف المركزي إنفاق أجزاء كبيرة من احتياطاته بالعملة الاجنبية للحد من تراجع قيمة الليرة امام الدولار، حتى أن الاحتياط النقدي تدنى إلى 19 مليار دولار في العام الحالي مقابل ما يقارب 25 مليار دولار في العام 2018، والسبب الرئيسي في هذا التراجع هو قلة الاستثمارات وعدم ثقة المجتمع اللبناني والدولي على السواء بقدرات لبنان الاستثمارية للنمو الاقتصادي.

ومن هنا، وبالنظر إلى المشكلات الأخرى المتزايدة على الاقتصاد اللبناني، بدءاً من التزايد المستمر للاستيراد على حساب الانتاج والتصدير، ومروراً بارتفاع معدل البطالة التي تجاوزت الـ 30 % خلال السنوات الماضية وفق بيانات صندوق النقد الدولي، مثلها مثل معدلات الفقر في لبنان، نرى أن السبب الرئيسي في كل هذه الازمات هو الفساد المتفشي في معظم مفاصل الدولة، فلبنان احتل المرتبة 143 من اصل 180 دولة في تصنيف حجم الفساد وفق منظمة الشفافية الدولية في العامين المنصرمين.


وفي حين ينتظر لبنان تنفيذ مقررات سيدر، أصبح الشارع اللبناني على يقين بأن أموال سيدر قد تذهب أدراج الرياح كما أموال كل المؤتمرات السابقة، وهذا ما عجل في ما نراه في الشارع اللبناني حالياً، وفي تخبط الدولة في معالجة هذه الامور، كون الأخيرة أصبحت بين مطرقة محاسبة الشارع للفساد وسندان فقدان أموال سيدر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم