الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كلنا "جيهان خوري"... ما تتعرض له لا يُشبه ثورتنا

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
كلنا "جيهان خوري"... ما تتعرض له لا يُشبه ثورتنا
كلنا "جيهان خوري"... ما تتعرض له لا يُشبه ثورتنا
A+ A-

ما أحدثته هذه الثورة غيّر الصورة النمطية التي اعتدناها منذ سنين، لم يعد الخوف يُعيقنا ولا القمع يُرهبنا، نجح الناس في كسر حواجز الطائفية والسياسة. ما كانوا يُطالبون به في الساحات يُمثل طموحاتنا وأوجاعنا وآمالنا، لكن ليس كل ما كان يجري في تلك الساحات يُمثلنا ويُمثل صورتنا الحقيقية التي كنا نهتف بها طوال الأيام الثلاثة عشر. من مزحة الى موجة تنمّر إلكتروني لا نعرف نهايته وما قد يعكسه من آثار نفسية على جيهان خوري، هذه السيدة التي تدفع ثمن "جعدنات" البعض واستهزائهم من طريقة تعبيرها. لقد تحوّلت اليوم إلى وجه للسخرية والتنمر نتيجة آراءها، ولم يكتفِ البعض من نشر صورها مع تعليق "مبسوطة"، بل لجأ البعض الى أذيتها بالشخصي من خلال الاتصال بها وازعاجها من خلال سؤالها" بعدك مبسوطة" وارسال رقمها الى بعضهم البعض لاستكمال حربهم عليها. 

هذا ليس ما نُطالب به، كيف يُمكن أن ننادي بثورة حقيقية واحترام الآخر ونحن نُسيء الى من يخالفنا الرأي؟ كيف نتحدث بالديموقراطية وحرية الرأي وعدم القمع والتعرض للآخر ونحن اول من نهاجمه ونعتدي عليه معنوياً وربما جسدياً؟ هذه الازدواجية والتناقض لا يُحاكي شعاراتنا التي نهتف بها منذ أيام، وما تتعرض له جيهان خوري معيب جداً ومسيء لها ولعائلتها معنوياً. 

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لجيهان وهي تُعبّر عن فرحتها لحظة انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وما رافقه من اساءات ومضايقات من قبل بعض المتظاهرين وحتى الاتصال بها على هاتفها الخاص لإزعاجها والاساءة إليها.  بكت جيهان كثيراً، لم تعد تتحمل هذه المضايقات، السخرية التي يتحدث بها بعض الناس كان كفيلاً بامتناعها عن الردّ على مكالماتنا او مكالمة أحد. لقد سئمت من كل ما يجري وبصوتها المخنوق وبكائها الصادق تقول في التسجيل الصوتي لأحد المتصلين "خلص ما بقى حدا يدقلي ويقلي هيك شي". من حقها أن تصرخ في وجههم، ما يقومون به من تنمّر وإساءة يتطلب أكثر من ذلك. علينا محاسبة كل متنمّر، لأنه يُسيء إلى الآخر وقد يدفعه إلى الاكتئاب واليأس وحتى الانتحار في حال لم نتدارك الوضع.

منذ يومين كتبت جيهان على صفحتها على الفايسبوك رسالة الى ابنها مفادها: "سأعلمك ان تكون مهذباً وان تُجيب على كل شخص قال لك أكرهك بأنك تحبه، سأعلمك كيف تقول بصوت عالٍ وبثقة ما هو الخطأ، سأعلمك كيف تتعامل مع كل شخص يحاول إضعافك أن تعلو فوقهم وتستمر، سأعلمك احترام الجميع حتى لو اختلفوا معك بالآراء، سأعلمك كيف تدافع عن رأيك وأن تتقبل آراء الآخرين، سأعلمك أن تقول أشياءً جميلة ولا تتلفظ بكلمات مسيئة، وان المتنمرين لديهم كره في قلوبهم وأوجاع في حياتهم، سأعلمك دائماً أن تتشارك الحب وليس الكره. نعم هناك أناس سيئون في الحياة ولكن سأعلمك أن تصلي من أجلهم والبحث عن الأشخاص الجيدين في حياتك...". 

هذا ما كتبته جيهان، وهذا ما تُعلمه لابنها كما لكل من أساء إليها. رسالة حب ضد الكراهية وعدم احترام اختلاف الآخر. ما قامت به جيهان يستحق التوقف عنده بالرغم من الوجع النفسي الذي سببه لها البعض. لكن كيف يمكن مواجهة التنمّر الإلكتروني وما هي مخاطره؟

ما هو التنمّر الإلكتروني؟

تستهل المعالجة النفسية ميا عطوي حديثها لـ"النهار" بالتعريف عن الـ CYBERBULLYING او التنمّر الإلكتروني بالقول "الفعل العدواني المتعمّد الذي تقوم به جماعة أو فرد باستخدام أشكال الاتصال الإلكترونية،  مرارًا وتكرارًا ضد ضحية لا يمكنها الدفاع عن نفسه أو نفسها بسهولة.

تعتمد معظم تعاريف التنمّر على ثلاثة معايير : نية للضرر ، واختلال التوازن في السلطة وتكرار الفعل. 

ومن المهم أن نعرف أن التنمّر عبر الإنترنت يمكن أن يحدث عن طريق الخطأ لكن عندما يصبح فعلاً متكرراً عندها لا يمكن اعتباره مجرد صدفة. إن تأثير مثل هذه الأفعال قد يكون كارثياً لاسيما أن الشباب الذين يشعرون بالحرج والإهانة لدرجة أنهم لا يستطيعون تخيل البقاء على قيد الحياة في صباح اليوم التالي ، وينتهي بهم الأمر إلى اتخاذ خطوات أكثر خطورة تشمل الإضرار بالنفس. لكن هذا لا يعني أن أي شخص يتعرض الى التنمّر سيصل إلى هذه المرحلة.

أذية نفسية 

وتشدد عطوي على أن "أحد أهم الأشياء التي تعلمناها خلال هذه الثورة، هو أنه على الرغم من خلافاتنا، فإننا نشترك أيضًا في الكثير. هذا يجب أن يشجعنا على فهم وجهات نظر الآخرين دائمًا. لقد تعلمنا أيضًا من هذه الثورة أنه يمكننا الجلوس معًا وإجراء مناقشات مفتوحة حول مواضيع مختلفة. الاستماع ، والاستماع بنشاط إلى وجهة نظر الشخص الآخر يساعدنا على فهم كيف تكونت أفكارهم وكيف أصبحت مهمة بالنسبة اليهم. إذا استطعنا أن نضع أنفسنا في مكانهم ونفهم أفكارهم ومشاعرهم ، فعندئذ ندرك كم هو مؤلم أن يتعرضوا للتنمّر بسبب آرائهم.

ما طالبت به هذه الثورة تمحور حول احترام حقوق الإنسان الأساسية والمعيشية الأساسية. وعلينا أن لا ننسى أن حرية التعبير هي ضمن هذه الحقوق. 

لكن كيف يمكن إيقاف هذا التنمّر؟  HOW TO STOP IT

تقدم عطوي مجموعة نصائح تساعد على وقف هذا التنمّر وأهمها: 

1- إذا كنت تريد وقف هذا السلوك الضارّ في مساراته، فلا تعيد توجيه الرسائل أو المحتوى إلى أصدقائك. إعادة توجيه هذا النوع من المعلومات سوف يغذيها وحتى يورطك.

2- إذا تلقيت هذا النوع من المحتوى الإلكتروني، سواء كنت تعرف ذلك الشخص أم لا، فقم بالرد عليه وأعلمه بأن البلطجة الإلكترونية مضرة. اشرح لهم أن الشخص الذي يتعرض للهجوم يمكن أن يكون صديقًا حميمًا أو أحد أفراد أسرته.

3- يقول البعض إن من الأفضل عدم الرد على الفتوة لأن هذا هو ما يريدونه بالضبط المتنمّر. قد يكون هذا صحيحًا، ولكن إذا قمت بالرد مرة واحدة فقط على كل شخص ييعث الرسالة لتذكيرهم بأنهم يتسببون في مزيد من الضرر من خلال إعادة توجيه المحتوى المؤلم، فقد تكون بمثابة رسالة قوية. 

4- حظر أي محتوى بالكامل والإبلاغ عنه ووضع علامة عليه بواسطة الفتوة الإلكترونية. هذا يرسل رسالة قوية أنك لن تتغاضى عن هذا النوع من السلوك.

5- عندما تتعامل مع التسلط عبر الإنترنت، فأنت بحاجة إلى إلقاء نظرة على الجذور الأعمق للقضية وإدراك أن المتنمّرين يحاولون ببساطة الاستفزاز لا تدعهم يسيطرون ويكسبون من خلال ردات فعل مبالغ فيها. بدلاً من ذلك، ابحث عن طريقة للرد بطريقة هادئة ومركزة.

6- نتواصل مع أشخاص كل يوم تختلف معتقداتهم عن معتقداتنا. إذا ظهر موضوع الاختلافات السياسية، فتجنب المناقشات الساخنة وحاول تحديد القواسم المشتركة ضمن وجهات نظرك المختلفة. في بعض الأحيان يمكن أن تأتي وجهات نظر مختلفة من مبدأ أساسي مشابه. كن منفتحًا على سماع قصة الشخص الآخر ، وربما تحقق من صحة شعورك. عندما نصوغ تفكيرنا بهذه الطريقة، قد يكون من الأسهل تحمُّل أو فهم الأشخاص ذوي وجهات نظر مختلفة، بل وربما العمل معًا لتحقيق هدف مشترك. إذا وجدت أنه من الصعب مناقشة القضايا السياسية بطريقة هادئة وبناءة، فقد يكون من الأفضل الانفصال عن المحادثة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم