تجدد حشود ساحة النور... ومطالبات بالعفو العام
الأحد، اليوم الحادي عشر للتحرك الشعبي الكبير في طرابلس، قصة باتت معروفة، وغير آيلة للانتهاء في المدى المنظور، هدوء صباحي، وبداية تحرك ظهرا، ثم بداية اشتداد عصرا، فحشود ليلية ينضم إليها معترضون على السلطة بكل رموزها جمهور من مختلف مناطق الشمال، من عكار، والضنية، وزغرتا، والكورة، متجاوزين إقفال الطرق في نقاط مختلفة.
بدا الحشد بالتوافد إلى الساحة، يطغى عليه عنصر الشباب، والأطفال، مع أعمار متنوعة، وطبقات وفئات اجتماعية من كل الاصناف، ولكل ممارسته، ومبادرته.
بين الحشود، ينتشر الهواة الذين يتقنون استعمال ريشة الرسم، مع وعاءين صغيرين، واحد للأحمر، والثاني للأخضر. لا مجال للون ثالث لأن الألوان مقتصرة على العلم اللبناني. يبدأ الطلاء بخط أحمر متمايل، فثان قبالته ليبدأ رسم الأرزة بينهما، فإذا وجوه الأطفال والأولاد والصبايا والشباب والنساء متوحدة بالعلم على الوجوه، أو بعبارة "ثورة".
بين الحشود، استقدم أحدهم حصانه، وترك الأطفال يمتطونه، فرحين بركوبه، وبتزيين وجوههم بالعلم اللبناني الذي يلوح بالمئات في الحشد الكبير الذي تغص الساحة به إلى جانب علم الجيش اللبناني.
والجيش اللبناني شدد من طوقه حول الساحة، ونشر المزيد من الحشود فوق الأسطح المحيطة بالساحة يحرس الحشد، ويتركه يمارس حريته وفقا لدستوره اللبناني الذي يحفظ حق المواطن في التعبير.
وشهدت البداوي هدوءا تاما إثر الإشكال الذي وقع بالأمس، بين الجيش وبعض المواطنين، ما لبث أن انفض بالتفاهم والتحابب، هؤلاء رفعوا الجنود على أكتافهم مكرمين لهم، والجيش تجاوب مع اللفتة العاطفية للجمهور فأطلق سراح كل الموقوفين لديه.
تأخرت الحشود بالتوافد إلى الساحة اليوم نظرا لمشاركتها في السلسلة البشرية حيث لبوا النداء واصطفوا في خطوط طويلة بعيدة عن ساحة النور، فبدت ظهرا، وما بعده بقليل، بحشود أقل من المعتاد، لكن ما إن حل الليل الأول في التوقيت الشتوي، أي بعيد الخامسة بقليل، حتى بدأت الحشود تملأ الساحة، ويعود الصخب والحيوية اليومية المعتادة إليها.
على طريق مؤدية إلى الساحة رفع شعار "يسقط حكم المصرف"، وعند أحد المصارف، بدا صندوقان للدفع الخارجي ال ATM مكسران، وقد كتب فوقهما أحد شعارات الحراك: “يسقط حكم المصارف. نعم للحكم الشعبي التضامني".
لم تكد السادسة تحل، حتى تصاعدت الهتافات التي تحولت إلى ما يشبه الطقوس اليومية، والتي باتت ثقافة جامعة للمواطنين المشاركين في الحراك، ينقلونها معهم حيثما حلوا: “الشعب.. يريد.. إسقاط.. النظام"، و"ثورة.. ثورة..” و" كلكن يعني كلكن"، وتتنوع الهتافات في مبادرات فردية منددة بالحكام بمختلف مراتبهم.
وأقيم على هامش التحرك اليوم سمبوزيوم الثورة حيث عمد فنانون لوضع رسوم تعبيرية عن التحرك، ومعانيه، وشعاراته، كذلك عن السلسلة البشرية اليوم، وكنائس ومساجد في لوحات مشتركة تعبيرا عن وحدة الصف التي أكثر ما تحققت في التحرك الذي بدأ في ١٧ تشرين الأول الجاري.
كما استمرت خيمة المعتقلين محتشدة بالأمهات، ورفعن شعارات المطالبة بإطلاق سراحهن، بينما عمد شبان لكتابة عبارة "العفو العام" بحجم كبير على رصيف الساحة مطالبين بالعفو عن الموقوفين المسجونين دون محاكمة منذ وقت طويل.