الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أبو بكر البغدادي: مسيرة الرعب والموت

المصدر: "رويترز"
"النهار"
أبو بكر البغدادي: مسيرة الرعب والموت
أبو بكر البغدادي: مسيرة الرعب والموت
A+ A-

وقالت مصادر في سوريا والعراق وإيران اليوم إنها تعتقد أنه سقط قتيلاً. وأبلغ مسؤول أميركي إلى "رويتر" أن البغدادي كان هدفاً لغارة ليلية لكنه لم يستطع الجزم بنجاح العملية.

 وظل البغدادي لفترة طويلة هدفاً للقوات الأميركية وقوات أمنية أخرى في المنطقة تحاول القضاء على "داعش" حتى بعد استعادة معظم الأراضي التي سيطر عليها التنظيم.

وذاع صيت التنظيم أو "دولة الخلافة" التي أعلنها البغدادي في تموز 2014 على ربع مساحة العراق وسوريا بفعل فظائع ارتكبها رجالها بحق أقليات دينية وهجمات دارت وقائعها في خمس قارات وروعت حتى المسلمين من أصحاب الفكر المعتدل.

وسلطت الإبادة الجماعية للطائفة الأيزيدية التي تعد من أقدم الأديان في الشرق الأوسط الضوء على وحشية حكم البغدادي. فقد كان مصير آلاف الرجال الذبح على جبل سنجار موطن أسلاف اليزيديين في شمال غرب العراق وتعرضت النساء للقتل أو السبي. وتعرض أبناء طوائف دينية أخرى للسبي أو القتل أو الجلد.

وأثار التنظيم اشمئزازا عالميا بمشاهد قطع رؤوس رهائن من دول من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان.

وعرضت واشنطن جائزة قيمتها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه، وهو ذات المبلغ الذي عرضته للقبض على أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" وخليفته أيمن الظواهري.

وأدت ضربات جوية أميركية إلى مقتل معظم قيادات البغدادي، بما في ذلك أبو عمر الشيشاني وأبو مسلم التركماني وأبو علي الأنباري وأبو سياف وكذلك أبو محمد العدناني الناطق باسم التنظيم.

كذلك، سقط الآلاف من مقاتليه بين قتيل وأسير.

هو

ولد البغدادي باسم إبرهيم عواد السامرائي عام 1971 في الطوبجي إحدى المناطق الفقيرة في مدينة سامراء الواقعة إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد والتي حمل اسمها.

وكان من أفراد عائلته بعض الدعاة المتشددين من السلفيين الذين يعتبرون العديد من المذاهب الأخرى كفراً ويرون حرمانية في الأديان الأخرى.

وانضم البغدادي إلى حركة التمرد السلفي عام 2003 ا عندما قادت فيه الولايات المتحدة اجتياح العراق واعتقلته قبل أن يطلق سراحه بعد ذلك بعام اعتقاداً  أنه ليس سوى محرض على الاحتجاج المدني ولا يمثل تهديداً عسكرياً.

ولم يلفت البغدادي أنظار العالم حتى الرابع من تموز 2014 عندما صعد درجات المنبر في الجامع النوري العتيق القائم منذ مئات السنين متشحاً بعباءة سوداء خلال صلاة الجمعة ليعلن قيام دولة الخلافة.

وقال في مقطع مصور في تلك المناسبة "إن الله أمرنا بأن نقاتل أعداءه". وقدم نفسه باعتباره "الخليفة إبرهيم، أمير المؤمنين".

وتدفق آلاف المتطوعين على العراق وسوريا من مختلف أنحاء العالم لكي يصبحوا "جند الخليفة" وانضموا إليه في حربه على الحكومة العراقية بقيادة الشيعة وعلى حلفائها الأميركيين والغربيين.

وفي ذروة قوة "داعش" في 2016 حكم التنظيم الملايين في مساحة كبيرة تمتد من شمال سوريا عبر مدن وقرى في الواديين على امتداد نهري دجلة والفرات حتى مشارف العاصمة بغداد.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن هجمات ارتكبها إما أفراده أو آخرون يستلهمون أفكاره في عشرات المدن بما في ذلك باريس ونيس وأورلاندو ومانشستر ولندن وبرلين وفي دول أخرى في المنطقة منها تركيا وإيران والسعودية ومصر.

في العراق، شن التنظيم عشرات الهجمات على المناطق التي يسيطر عليها الشيعة. وفي تفجير شاحنة ملغومة في  تموز 2016 ، سقط أكثر من 324 قتيلاً في منطقة مزدحمة في بغداد في ما كان أشد الهجمات دموية منذ غزو العراق عام 2003.

ونفذ التنظيم العديد من التفجيرات في شمال شرق سوريا الذي كان يخضع لسيطرة قوات كردية تدعمها الولايات المتحدة.

ونُشرت  خطب البغدادي كتسجيلات صوتية في ما يمثل وسيلة أكثر ملاءمة للطابع السري الحذر الذي ساعده لفترة طويلة في تفادي المراقبة والضربات الجوية التي قتلت أكثر من 40 من كبار قادته.

واقترن هذا الحذر بقسوة لا تعرف الرحمة قضى فيها على خصوم وحلفاء سابقين حتى في صفوف السلفيين. وشن حرباً على الجناح السوري في تنظيم "القاعدة" الذي عرف باسم "جبهة النصرة" بعد انفصاله عن الظواهري، الزعيم العالمي للتنظيم في 2013.

ومع هزيمة "داعش" في معقلها الرئيسي بمدينة الموصل التي كان قد أعلنها عاصمة لدولة الخلافة في 2017،  فقد التنظيم كل الأراضي التي كانت تحت سيطرته في العراق.

وفي سوريا فقد التنظيم سيطرته على الرقة، عاصمته الثانية، ومركز عملياته، ثم فقد في نهاية المطاف في وقت سابق من العام الجاري آخر مساحة من الأرض تحت سيطرته في المنطقة عندما استردت قوات يقودها مقاتلون أكراد مدينة الباغوز بمساندة أميركية.

 تهديد قائم

في حين حرم تدمير الكيان الشبيه بالدولة الذي أقامه البغدادي التنظيم من أداة تجنيد الأنصار ومن القاعدة اللوجيستية التي استطاع من خلالها تدريب المقاتلين والتخطيط لشن هجمات منسقة في الخارج، يعتقد غالبية الخبراء الأمنيين أن التنظيم لا يزال يمثل تهديداً من خلال العمليات أو الهجمات المدبرة في الخفاء.

ومن المعتقد أن التنظيم له خلايا نائمة في مختلف أنحاء العالم، وأن بعض المقاتلين يعملون سراً في صحراء سوريا وفي مدن عراقية ولا يزالون يشنون هجمات كر وفر.

وفي أحدث رسائله الصوتية في أيلول الماضي، تظاهر البغدادي بالشجاعة ورباطة الجأش، قائلاً إن العمليات اليومية مستمرة، وحض أتباعه على العمل على تحرير النساء السجينات في العراق وسوريا بسبب ما قيل عن صلاتهن بالتنظيم.

وقال: "السجون، السجون يا جنود الخلافة. إخوانكم وأخواتكم جدوا في استنقاذهم ودك الأسوار المكبلة لهم".

غير أن فقدان الأرض في العراق وسوريا جرده من بريق الخلافة وجعله طريداً في المنطقة الصحراوية الحدودية بين البلدين.

واضطر البغدادي للتنقل سراً في سيارات عادية أو شاحنات الحاصلات الزراعية بين مخابئه على جانبي الحدود لا يرافقه سوى سائقه وحارسين.

وتعد المنطقة أرضا مطروقة لرجاله. فقد كانت بؤرة التمرد السني على القوات الأميركية في العراق في البداية ثم على الحكومات العراقية التي حكمت البلاد بقيادة الشيعة.

وخوفا من تعرضه للاغتيال أو الخيانة لم يتمكن من استعمال الهواتف ولم يكن يثق سوى في عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الأفراد للتواصل مع مساعديه العراقيين الرئيسيين إياد العبيدي وزير دفاعه وإياد الجميلي المسؤول عن الأمن.

ويعتقد أن الاثنين من المرشحين المحتملين لخلافته، غير أن الجميلي قتل في نيسان 2017 بينما لا يعرف أحد شيئاً عن مكان العبيدي.

وفي أي حال، فإن الخلفية العسكرية والافتقار إلى التبحر في الدين يعني أن أيا من نواب البغدادي سيواجه من بعده صعوبة في أن يرث إدعاءه بأحقيته في تولي الخلافة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم