الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

بيكاسو صديق الشعراء ورسّام الكلمات في توركوان الفرنسية

المصدر: "النهار"
باريس – أوراس زيباوي
بيكاسو صديق الشعراء ورسّام الكلمات في توركوان الفرنسية
بيكاسو صديق الشعراء ورسّام الكلمات في توركوان الفرنسية
A+ A-

يقام حاليا في "متحف الفنون الجميلة" في مدينة توركوان في الشمال الفرنسي معرض مميز بعنوان "بيكاسو رسام الكلمات". قلما اجتمع الرسم والكلمات في نتاج فنان تشكيلي كما اجتمع عند بيكاسو منذ سنوات المراهقة ونسبة كبيرة من أصدقائه هم من الشعراء. ولقد تكرست هذه العلاقة حين أقام في باريس منذ العام 1901 والتقى الكثير من هؤلاء وبعضهم أصبح من أصدقائه المقربين. قرأ قصائدهم، ومن وحيها أنجز رسوما تؤلف جزءا خاصا من نتاجه الفني. من بين هؤلاء ماكس جاكوب، غييوم أبولينير، جان كوكتو، لوي أراغون، أندره بروتون، بول إيلويار وجاك بريفير.

لم يكتف بيكاسو بمواكبة نصوصهم الشعرية من طريق الرسم فقط، بل ذهب أبعد من ذلك فرسم وجوه بعضهم ونحتها أحيانا كما فعل مع أبولينير مثلا الذي تنتصب منحوتته اليوم في الحديقة الصغيرة الملاصقة لكنيسة سان جيرمان دي بري في باريس. أما الرسوم التي تطالعنا في المعرض فمعظمها نفّذه بقلم الفحم وتمثل بورتريهات لماكس جاكوب وأبولينير وبيار ريفيردي.

بالنسبة إلى الرسوم التي واكبت الكتب، من أجملها تلك التي تجسد كتاب "التحولات" للشاعر الروماني أوفيد وهي تستوحي الجداريات الرومانية وفنون مدينة بومبيي في إيطاليا.

كانت علاقة بيكاسو مع الشعراء تفاعل بينه وبينهم. يزين قصائد أصدقائه الشعراء ونصوصهم بينما كانوا هم يكتبون عن نتاجه الفني ويُمعنون في وصفه والكشف عن جمالاته.

لا يتوقف المعرض فقط عند رسوم بيكاسو المرتبطة بكتابات الشعراء بل هناك أعمال أخرى زيتية وبالفحم، منها لوحته الشهيرة "الفنان وموديله"، ورسم يمثل وجه عشيقته دورا مار على جسد طائر، إضافة الى ذلك يطالعنا رسمه لبعض الحيوانات كالثور في مشاهد مصارعة الثيران والماعز والحصان والطيور وذلك كله بأسلوب يختزل ماضي الفن وحاضره آخذا إياه على طريق الحداثة.

يبين المعرض أيضا أوجه الفنان الكثيرة والمتعددة، وهي أوجه تكشف قدرته على التجدد والبحث المستمر، مما جعل فنه مشرع الآفاق يعانق الكلاسيكية في بداياته، ويساهم في تأسيس التكعيبية ثم يعود الى التصويرية والتشخيصية. لم ينحصر عمله على مادة واحدة فقط بل كان يلجأ الى استعمال جميع المواد التي تقع تحت بصره وبجرأة نادرة، محوِّلا كل ما يقع تحت يديه الى مادة فنية.

نشاهد في المعرض مجموعة نادرة من الصحون والأواني التي انجزها بمادة الفخار الملون. قطع من السيراميك تسترجع السنوات التي أمضاها مع حبيبته فرانسواز جيلو وطفليهما كلود وبالوما في بلدة فالوريس في الجنوب الفرنسي. بلدة صغيرة اشتهرت منذ الأربعينات من القرن العشرين بصناعة السيراميك وهو فن أحبه بيكاسو منذ زمن الطفولة في مدينة ملقة في جنوب اسبانيا حيث ولد وهي كانت أيضا مركزا مهما لفن السيراميك. استقطب بيكاسو، خلال سنوات إقامته في فالوريس، من عام 1947 حتى عام 1955، العديد من الأصدقاء الذين كانوا يترددون عليه ومنهم بول إيلويار وجاك بريفير وجان كوكتو والفنان هنري ماتيس. كما أنه تعلق بأبناء المدينة وحرفييها وكان يشاركهم أفراحهم وأعيادهم.

أخيرا تطالعنا في المعرض مجموعة من الملصقات أنجزها بيكاسو وتظهر التزاماته مع الحزب الشيوعي الفرنسي ونضاله من أجل السلام بعد الحرب العالمية الثانية.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم