الطقس في لبنان جميل

تقول الأغنية "عندما تجد من يحبك، يكون الطقس جميلا"... وعندما ينتفض الشعب يكون الطقس جميلا، وعندما ينتفض الأشخاص للدفاع عن مطالبهم وحقوقهم بحياة كريمة وجميلة بعيدا عن الزواريب الطائفية والفئوية يكون الطقس جميلا.

الطقس في لبنان جميل، ليس لان الشمس مشرقة والسماء صافية، بل لان الأفراد يعتصمون، ويصرخون، ويطالبون، ويحتجون، وينادون، ويرقصون، ويغنون، ويتناقشون، ويلتقون بالآخر، ويخلقون مساحات للأفكار، وللنقاش، والنقد، رفضا للفساد والظلم.

الطقس في لبنان جميل، ليس، وكما في كتب القراءة، لان هناك اربعة فصول، بل لأن الأفراد يكسرون حواجز الخوف، والذل، والتبعية، ويقولون نحن هنا، ولدينا قضايا،واحلام، ومستقبل، وأولاد، وحناجر، وابتسامات،وحياة نريد ان نخلقها ونخترعها ونعيشها مع الآخر، الذي كنا ربما نخاف منه، وها نحن اليوم نبتسم له، ونضحك معه، ونحيا معه، فالآخر حياة.

الطقس في لبنان جميل، ليس لان درجات الحرارة معتدلة، بل لان الشعب يثور على السلطة، ويؤمن بهذه الثورة وقدرتها على خلق الحماسة، والحب، والحق في عيش كريم بعيدا عن محاصصات ضيقة، وحواجز بائدة، ومخاوف رجعية. فالقدرة والحب والحق أوسع من مجرد حسابات سياسية وتشكيلات سلطوية، واعمق من مجرد تعداد ساعات وانتظار خطابات، واقوى من مجرد تحليلات ومناظرات، القدرة والحق أقوى بكثير.

الطقس في لبنان جميل، ليس لان السماء غير ملبّدة بالغيوم، بل لأن الأفراد يعيدون اكتشاف حب الوطن، يهللون بعلمه ويرسمون الأخضر والأحمر على وجوههم، متحدين، صارخين، شاعرين كيف يمكن للاتحاد أن يصبح قوة، وكيف يمكن وبالثبات ان تتحقق الأهداف، والأحلام. جميل ان يكتشف الشابات والشباب كيف يمكن تحقيق الأهداف.

الطقس في لبنان جميل، ليس لان بعد الشتاء ربيع، بل لانه يمكن للعاصفة ان تكون جميلة، ويمكن للغضب أن يكون جميلا. غضب الناس جميل، صراخ الناس ضد الوجع والعوز جميل، صوت حناجر المجموعات جميلة، حركة اجساد المتظاهرات والمتظاهرين جميلة، والأضواء التي تشع من شاشات هواتفهم جميلة.

الطقس في لبنان جميل ، ليس لاننا ما زلنا نرتدي ثيابا صيفية،وتلوّح وجوهنا بعض النسائم الخريفية، بل اننا أصبحنا قادرين على الرفض، وعلى مناقشة قناعاتنا، وعلى الايمان بقضايانا المعيشية والحياتية والدفاع عنها بحب، وبثقة ، نحن الذين كنا نحاول الهروب من هذه البلاد، ونندب حظنا في كوننا ابناء هذه البلاد، أصبحنا قادرين .

الطقس في لبنان جميل، ليس لان المناخ معتدل ، بل اننا اكتشفنا، ما هو أبعد واعمق واجمل من مجرد تركيبات سياسية وهرمية، وسياسات اقتصادية ونقدية،اكتشفنا الأمل وكسر الخوف ورفض الذل، وهذه جميعا ليس لها مجالس، ولا سنوات صلاحية، ولا دورات انتخابية، ولا اجندات خارجية، فالأمل يعشش في النفوس، في الذات الانسانية، وينمو ويرفرف جميلا.

تقول الأغنية "عندما تجد من يحبك، يكون الطقس جميلا"..وعندما تنتفض على الجوع والذل والظلم والسرقة والفساد تجد من يحبك، فالسماء تحبك، والأرض تحبك، والاخر يحبك، والحياة تحبك..والطقس في لبنان جميل.