بدا أمس كأن الجميع يريدون ان يسقطوا المسؤولية عن أنفسهم. مسؤولية السقوط المريع او الانهيار. قد تختلط العوامل والاسباب التي تؤدي الى الكارثة، ولا يتحمل مسؤوليتها فريق واحد، اذ كلهم تعاقبوا على الحكم، وعلى الوزارات، والمؤسسات العامة، وتسبب كل فريق فيها بخسائر لا تضاهى، كي لا نقول انه ارتكب سرقات لا تحصى. ولهذه الاسباب لا يجرؤ أحد على فتح الملفات الا عبر الاعلام، فالملفات اذا ما فتحت تدين معظم الطبقة السياسية، والميليشيات التي دخلت جنة الحكم.
لكننا اليوم، أمام وضع شائك ومعقد الى حد كبير، فاما الانقاذ، وإما الانهيار. وليس الوقت مناسباً لفتح الملفات، والمحاسبة، لكن الوقت مناسب بالتأكيد للسؤال عما يمكن ان تؤول اليه الجمهورية وهي على شفير الهاوية؟ واين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من كل ما يجري؟ الا يستحق الامر اطلالة عبر الاعلام يحاكي فيها المؤتمن على الدستور الامة التي من أجلها اقسم اليمين، وتربع على عرش بعبدا؟
قد يستقيل الرئيس سعد الحريري وقد لا يستقيل، هذا قراره، وهو أدرى بمصلحته وواجبه. لكن سقوط الحكومة لا يعني انتصاراً للآخرين كما يحاول البعض أن يوحي، ولا يمكن أن يرد عليه بأن لا حاجة الى 72 ساعة، ولو صدر لاحقاً نفي متوقع للتصريح، فهذه العادة – الكذبة لم تعد تنطلي على أحد. وبدل ان يتلقف كل حريص على مصلحة الوطن، العرض- وهو ليس عرضاً مغرياً، لكنه جنب البلاد خضة الاستقالة الفورية أمس - ليبني على الشيء مقتضاه الخيّر للمصلحة العامة، ترى المسؤولين يتصلبون في مواقفهم المبنية على حسابات وضيعة وصغائر ونكايات وأمور لا ترقى الى صفات المسؤول الامين، فيفوتون على البلد فرصة الانقاذ.
الطبقة السياسية الحاكمة كلها مسؤولة عما جرى ويجري، لكن الاحرى برئيس البلاد ان يتلقف كرة النار بيديه، فلا يخاف احراقهما، بل يجنب البلد كله الحريق، ويسجل لعهده، المتعثر الى اليوم، انه اعاد رسم المسار الصحيح لبناء الدولة الوطن.