الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

النبطية لا تشبه نفسها... فالوجع لم يعد مكبوتاً!

المصدر: "النهار"
النبطية - سمير صبّاغ
النبطية لا تشبه نفسها... فالوجع لم يعد مكبوتاً!
النبطية لا تشبه نفسها... فالوجع لم يعد مكبوتاً!
A+ A-

ما حصل ليل الخميس- الجمعة لم تعتده مدينة النبطية التي كانت تقتصر التحركات المطلبية فيها على "وجوه" معروفة الانتماء، وكأن "معجزة " قد حصلت فتغيّر المشهد ولم تعد النبطية تشبه نفسها بعد هذا التاريخ!

فبعد ان كانت الدعوات "الفايسبوكية" للتظاهر لا يلبيها لسنوات سوى أعداد قليلة، اغلبهم من كبار السن، بات التوافد الى التجمعات ليلاً عند دوار كفررمان – النبطية شبابياً بإميتاز. لهذا تصاعدت "نبرة التحدّي" بوتيرة أسرع من نيران الاطارات المشتلعة عند المداخل، فباتت الوجهة الاساسية السرايا في قلب المدينة حيث إحتشد المئات من الشبان والشابات مطالبين بإسقاط النظام وداعين الى الثورة على الطبقة السياسية رافعين العلم اللبناني فقط وسط اجراءات امنية استثنائية.

البداية كانت سلمية وسط هتافات"ثورة ثورة يا شعبي ثورة" و"الشعب يريد اسقاط النظام" بمشاركة قصيرة لإمام مدينة النبطية الشيخ عبد الحسين صادق الذي دعا الى أن "تكون اربعينية الامام الحسين فرصة لرفض الفساد والفاسدين"، لكن سرعان ما أخذ التحرك منحى حماسياً جديداً بعد اشعال الاطارات المطاطية واقفال السوق التجاري تماماً وبعثرة النفايات المكدسة في شوارع المدينة.

واللافت ان المحتشدين كانوا يناقشون الخطوات علنية على مسمع القوى الامنية من دون أي حاجة لقيادة "تلهمهم" مع العلم أن البعض منهم من المعروفين بمناصرتهم لـ"الثنائية الشيعية" خلال الانتخابات النيابية الاخيرة.

حاجز الخوف أسقطه الشغب!

فكانت محطة "الغضب" الاولى في منزل نائب النبطية ياسين جابر حيث حاول المحتجون الدخول اليه بعدما راشقوا حراسه بالحجارة ورموا النفايات الى داخل حدائقه وسط هتاف "حرامي حرامي ياسين جابر حرامي"، لكن حضور القوى الأمنية حال دون احراق المنزل، فاكتفى شبان ملثمون بحرق اللافتات التي تحمل اسمه.

وبعدها انتقلت كرة "النار" نحو مكتب النائب هاني قبيسي الذي غرّد عبر حسابه الرسمي "في أزمة الحكومة المواطن على حق"، لكن تغريداته المتزامنة مع التحرك لم تمنع المتظاهرين من نزع اسمه عن جدران المكتب البعيد نسبياً عن مكتب رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة " النائب محمد رعد الذي شهد تكسيراً للافتة  تحمل اسمه من قبل شبان ملثمين ايضاً وسط غياب تام لاي استنفار حزبي في مقابل المحتجين.

ولم يسلم مبنى "اتحاد بلديات الشقيف" و "بلدية النبطية" الذي اجتاز المتظاهرون كل بوابته ، لكن "تعاركا كلاميا" مفاجئاً فيما بينهم عن جدوى هذه الخطوة دفعهم مجدداً نحو السرايا محاولين اقتحامها بعد تدافع مع القوى الامنية، ليقرروا بعدها تمضية ما تبقى من الليل بنزع عدادات "البارك ميتر" من شوارع المدينة وجمعها وسط خيمهم المنصوبة قبالة السرايا.

الوجع لم يعد مكبوتاً

مع ساعات الصباح الاولى، لم "يخفت" المشهد النبطاني" الجديد بل أخذ بالتعاظم مع تزايد اعداد الوافدين من الرجال والنساء والشباب والشبان وحتى الاطفال الى وسط المدينة بالتزامن مع قطع الطرق بالاطارات المشتلعة ثم بالسواتر الترابية عند دوار كفررمان وجسر حبوش وصولاً الى تقاطع كفرتبنيت مروراً بجادة نبيه بري ولسان حال المعتصمين، الذي تجد بينهم الاستاذ والدكتور والطالب والموظف والعامل، يقول: "تعبنا تعبنا ولم يعد بمقدورنا الصبر عليكم اكثر".

فما كان التجمع عند جسر حبوش مختلفاً عن ما شهدته مدينة النبطية ليلاً سوى مجاورته لمكاتب "التيار الوطني الحر"، حيث أعلن المعتصمون ان مطلبهم رحيل الحكومة ورحيل ضرائبها وتشكيل حكومة انتقالية لان "حيا على خير العمل" تحولت "حيا على خير الضرائب" ، بحسب احد المعتصمين كما ان المتظاهرين لم يتوانوا عن التعرض بالاسم لرئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلته باكثر من تصريح وصرخة كذلك الامر بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية.

اما على دوار كفررمان فكانت صرخات "الوجع" الاقتصادي والمعيشي تحتضنها صورة عملاقة للامام المغيب موسى الصدر وتجاورها صور الرئيس بري والسيد حسن نصر الله والسيد علي السيستاني، لكن المطلب لم يكن اسقاط الحكومة على حد قول احدهم" لأن سقوط الحكومة سيضرب الاقتصاد ويزيد المشكلة مشكلات بل المطلوب رحيل هذه الطبقة السياسية واجراء انتخابات جديدة على قاعدة النسبية بقانون عادل ووقف الهدر".

وعند تقاطع كفرتبنيت كانت الغيمة السوداء قد غطت على "شموخ" قلعة الشقيف-أرنون بوجه العدو الصهيوني، وسط تجمهر المحتجين الذين اكدوا ان"تحركهم هدفه الجيل الجديد الذي لم يعد يجد لقمة عيش كريمه في وطنه"، مطالبين باعادة "نصف الاموال المنهوبة لسد العجز واعادة العجلة الاقتصادية"، مشددين على ان "صبرهم اطول من صبر السارقين المراهنين على مللهم وخروجهم من الشارع".

بالطبع ما شهدته النبطية من تحركات على مدار يومين متتاليين عكس حجم "الوجع المكبوت" لدى المواطنين الذين "لم يستوحشوا طريق الحق رغم قلة سالكيه"، فهل تسمع السلطة صرخاتهم أم نكون امام وجع اكبر يولد صرخات اكثر، فيتفجر في النبطية كما في لبنان مشهد مفاجىء جديد اقسى من سابقه؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم