مقابلات مع يوسف الخال لجاك أماتاييس السالسي الكتاب الضرورة ماؤه غزيرٌ ونقيٌّ وصالحٌ للشرب

صدر لجاك أماتاييس السالسي، من إعداده وتحقيقه، الكتاب الضرورة، "صدى الكلمة/مقابلات مع يوسف عبدالله الخال" (1955-1987)، و"الجدول المتسلسل زمنيًّا لأهمّ وقائع حياته وكتاباته"(1916-1987) عن "دار نلسن". هذه مناسبة موضوعيّة ممتازة لاستعادة الكلام اللازم والمفيد دائمًا على الشاعر والرائد والطليعيّ والمحتضِن حركة الحداثة، صاحب "الحرّيّة" و"البئر المهجورة" و"قصائد في الأربعين"، مؤسّس مجلة "شعر"، صانعها وناشرها، وراعي "خميسها" وشعرائها وأدبائها ونقّادها والمتحلّقين حولها، ومحفّز الأجيال اللاحقة على مواصلة النقاش والبحث والسؤال عن معنى الشعر واللغة والثقافة، والدور الممكن الاضطلاع به في قضايا التجديد وتغيير النظرة إلى اللغة والحياة والوجود والعالم.هذه المقابلات التي تزيد على سبعين مقابلة أجريت مع الشاعر بين 1955 و1987 تمثّل نوعًا من الكتاب الضرورة، ليس انطلاقًا من تعسّفٍ في الرأي، أو تزمّتٍ، أو انحيازٍ منفعلٍ إلى أبوّة الشاعر، وبطريركيّته، وليس لأنّ المقابلات تغذّي مفهوم "الأسطرة"، أو تلائم الصورة التي نسجناها عن الشخص. مثل هذه التأويلات يقع في آخر سلّم الأولويّات النقديّة، فضلًا عن كونها لا تضيف قيراطًا واحدًا في ميزان التأريخ أو في ميزان الأهميّة الشعريّة. أنا، شخصيًّا، لا أنظر إلى يوسف الخال نظرةً أيقونوغرافيّةً، ولا يعنيني هذا الجانب، على رغم العلاقة الوثيقة التي كانت تربطني به. إنّما أنظر إليه بشعريّته (الموضوعيّة)، وبأفعاله وأدواره وديناميّاته ودلالات فاعليّاته وآثاره، المادّيّة والمعنويّة، على مستوى الحركة الأدبيّة والشعريّة العربيّة خصوصًا، وعلى مستوى الحداثة وتحدّياتها في اللغة والعقل والثقافة والفكر والمجتمع والسياسة عمومًا، وعلى مستوى التفاعل الحضاريّ والثقافيّ بين الأمم.يوسف الخال هو شاعرٌ حقيقيٌّ، جوهريٌّ، ومستحقّ، لكنّه، في هذا المنظور، لم يكن شاعري، فـ"لغته" لم تكن "لغتي"،...