الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قيس سعيد أستاذ الحقوق السابق يُغيِّر المشهد السياسي التونسي

قيس سعيد أستاذ الحقوق السابق يُغيِّر المشهد السياسي التونسي
قيس سعيد أستاذ الحقوق السابق يُغيِّر المشهد السياسي التونسي
A+ A-

بأسلوبه المتفرد في الحديث بلغة عربية فصحى مسترسلة مثل الآلة، وبقليل من المال وكثير من التواضع والخجل، وبلا حزب سياسي يدعمه ولكن بالتزام قوي بشكل ديموقراطي، بات أستاذ الحقوق المتقاعد قيس سعيد (61 سنة) رئيساً لتونس.

وتوقع استطلاعان لرأي الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع فوز سعيد بفارق كبير على قطب الإعلام نبيل القروي في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت الاحد، لكن نتائجها الرسمية لم تُعلن بعد. وحظي سعيد بدعم إسلاميين ويساريين، وتميز بمواقف اجتماعية تارة محافظة وطوراً راديكالية لم تكن تتناغم في أحيان كثيرة مع توقعات مؤيديه، وبذلك ترك مناصريه ومنتقديه على حد سواء يتلهفون لتحديد هويته.

ولحظة إعلان النتائج عند فوزه في الدورة الأولى، ظل سعيد متماسكاً محافظاً على هدوء غريب، بينما كان أنصاره يحتفلون. واكتفى ببعض الكلمات المقتضبة قائلاً: "ما حصل اليوم ثورة جديدة ونأمل أن نعوض الإحباط بالأمل".

وعلى رغم تصدره استطلاعات الرأي في تونس في الأشهر الأخيرة، فإن عدم امتلاكه قاعدة سياسية كبرى وآلة إعلامية ضخمة جعل اسمه أقل تداولاً من منافسه القروي. ويقف الرجلان على طرفي نقيض. فالقروي ثري يملك قناة تلفزيونية، وهو شخصية مثيرة للجدل ورجل اتصال ومؤسس جمعية خيرية تركز على معاناة الفقراء، ويواجه في الوقت نفسه اتهامات بتبييض الأموال والتهرب الضريبي مما تسبب في تمضيته أكثر فترة الحملة الانتخابية خلف القضبان. بينما يقول أنصار سعيد إن حملته الانتخابية متواضعة بتمويل ودعاية يكادان لا يذكران، ويتندرون بقول إن تكاليف هذه الحملة لا تتجاوز سعر فنجان قهوة وعلبة سجائر.

أسلوب قيس سعيد الصارم والمتقشف واضح من الوهلة الأولى التي تطأ فيها مقر حملته في نهج ابن خلدون الشعبي بالعاصمة تونس. نهج اكتظ بمطاعم شعبية وباعة يجرون عرباتهم.

الشقة صغيرة في مبنى قديم في الطبقة الثالثة من دون مصعد وبنوافذ مهشمة وأبواب متهالكة وتلفزيون صغير وبعض الكراسي البلاستيكية البيضاء.

سنية الشريطي، طالبة سعيد السابقة، كانت تتحرك هنا وهناك وتقوم بكل شيء. قالت: "عرفته عن قرب مباشرة في الأيام الأولى التي تلت ثورة 2011 عند اعتصام القصبة آنذاك. لقد كان يصغي إلينا باهتمام. كان من قلة ممن فهموا مطالبنا".

أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، زميل قيس سعيد سنوات طويلة، تحدث إلى "رويترز" محاولاً فك ألغاز الرجل الجدي والغامض. قال: "كنا نمشي طويلا في ساعات الفجر من القصبة عبر أزقة المدينة العتيقة إلى حدود شارع الحبيب بورقيبة. لقد كنا نتوقف كثيراً للحديث مع المحتجين الذين كان طلبهم الأول رحيل كل الحرس القديم قبل أن ندعم مطالبهم في الدفع إلى دستور جديد للبلاد".

سعيد كان يملك القدرة على استمالة الجميع بخطاب جذاب ومميز. حتى في مقر حملته الانتخابية كان هناك خليط من محجبات ومتحررات وطلاب وعاطلين وعمال وأساتذة جامعيين. ويبدو أن مواقفه الاجتماعية المحافظة من بعض المسائل مثل رفضه المساواة في الميراث أو التسامح مع المثلية الجنسية ومعارضة إلغاء الإعدام قد حظيت بدعم من الإسلاميين.

لكن الرجل يحمل تناقضات عدة، فهو يرى أن النقاش في شأ ن دور الإسلام في المجتمع نقاش من دون فائدة يلهي التونسيين عن مشاكلهم الحقيقية، وهو يرفض المساواة في الميراث، وله في الوقت نفسه مواقف محافظة على رغم أنه محاط بأصدقاء من أقصى اليسار وبزوجة غير محجبة تعمل قاضية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم