الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

روائح جثث متعفنة تنبعث من شوارع بور

المصدر: (أ ف ب)
A+ A-

روائح جثث متعفنة وبقايا اغراض متناثرة لم تشأ موجات متعاقبة من اللصوص سرقتها، هذا كل ما بقي في مدينة بور المغبرة التي انتقلت السيطرة عليها من قوات الحكومة إلى المتمردين وبالعكس اربع مرات خلال اقل من شهرين في جنوب السودان.


وتتكوم على الارصفة الواح معدنية محطمة، هي على ما يبدو بقايا منصات في السوق. وفي الشارع تتراكم اغراض متناثرة لم يأبه بها اللصوص، هي كناية عن ثياب ممزقة وصناديق كرتون واحذية من البلاستيك.
وبين حطام بور التي قتل فيها مئات من المدنيين، برصاصة في الظهر احيانا لدى محاولتهم الفرار، يسود صمت مثير للريبة.
وقالت ماجور قرنق وهي جالسة في ظل شجرة في ضواحي عاصمة ولاية جونقلي شمال جوبا "قتل ابني عندما جاء الاعداء لمهاجمة الناس. ونفد أخي بحياته عندما هرب مع عائلته، وحاول ابني الهرب ايضا، لكنهم اطلقوا النار عليه من الخلف". وبقيت جثث الناس حيث سقطت على دروب ضيقة او في منازلهم منطوية على نفسها تحت الأسرة.
وفي وسط المدينة، تجتاز امرأة حافية القدمين مسرعة الشارع الرئيسي وهي تحمل على رأسها طاولة. وبدأ الناس بالعودة تدريجيا الى المدينة لبضع ساعات حتى يروا هل في امكانهم ان ينقذوا اغراضا تركها اللصوص.
والقي قسم من الجثث في حفر جماعية، ولا تزال جثث اخرى ممدة في الشارع.
ويغطي الكفن الابيض البلاستيكي الذي باتت تكسوه طبقة سميكة من الغبار الاصفر، بعضا من الجثث، ويحجبها عن الانظار، لكنه يعجز عن احتواء الرائحة الكريهة المنبعثة منها بعد أن بقيت اياما او اسابيع في درجات حرارة قاتلة في العراء. والمارة الذين يحبسون انفاسهم يجتازون الشارع مسرعين.
واعرب رئيس البلدية ماجاك نيال عن غضبه.
وقال ان "المشكلة الكبرى التي اواجهها ليست اعادة اعمار المدينة او تنظيفها"، بل جعل المتمردين الذين اغتصبوا وقتلوا النساء والاولاد والعجزة الذين لم يتمكنوا من الهرب، "يتحملون مسؤولية" اعمالهم.
وقال نيال: "ننتظر تحسن الوضع الامني قبل ان ندعو الناس للعودة. وفي الوقت الراهن، من الافضل ان يبقوا في اويريال". واضاف ان الحاجات الاساسية كالمواد الغذائية والفرش غير موجودة في بور.
وفي الجانب الاخر من المدينة تنتصب كنيسة القديس اندروس الاسقفية حيث قتل اربعون شخصا. وانهار جزئيا مبنى ملاصق تندلع فيه النيران.
وديبورا اغوت دنق العجوز الضريرة وهي الوحيدة التي نجت، تسكن في منزل يبعد بضعة امتار عن المدينة.
وقالت: "انا ضريرة لكني اسمع اصوات كثير من الاسلحة، والناس الذين كانوا يصرخون ويبكون حولي ماتوا. واعتقد ان الله قد انقذني".
واضطرت للاختباء ثلاثة اسابيع في الكنيسة حتى استعادت القوات النظامية المدينة في 18 كانون الثاني، خوفا من ان يعود المتمردون ويقتلوها.
ووقعت اعمال وحشية مماثلة على الطرق.
ويشير روبرت ماجيهي مانياق الى جثة جدته التي تبلغ السادسة والتسعين من عمرها والتي قتلت برصاصة اطلقها متمرد فيما كانت مستلقية في سريرها.
سرق المهاجمون ماشيتها واضرموا النار في الحظيرة. لكن كرسيها المتحرك ما زال هنا تحت الشمس.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم