الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"كتارا" في يومها الثاني: استعادة للروائي المنسيّ وصلةُ الثقافة بالاقتصاد

المصدر: "النهار"
الدوحة- فاطمة عبدالله
"كتارا" في يومها الثاني: استعادة للروائي المنسيّ وصلةُ الثقافة بالاقتصاد
"كتارا" في يومها الثاني: استعادة للروائي المنسيّ وصلةُ الثقافة بالاقتصاد
A+ A-

لو أردنا تفصيل ما ورد في الندوات، لكنّا أمام محاضرات أدبية، غزيرة بالمعلومة. تُكمل جائزة #كتارا للرواية العربية نشاطاتها لليوم الثاني، بندوات وجلسات نقدية. الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، المبنى 15، القاعة 15، في الحيّ الثقافي- كتارا، يتّخذ الحضور مقاعدهم، لتبدأ الندوة. التحية هذا الصباح للروائي الكويتي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، أو "رائد الرواية الخليجية"، كما تُعرّف عنه المحاضرة. إلى جانب من المقاعد، طاولة تصطفّ عليها أعداد من الكتب. يأخد الحضور نسخهم ويقلبون الصفحات. إنّه كتاب "في حضرة المنسيّ، بحوث ودراسات في إبداع الروائي إسماعيل فهد إسماعيل"، الصادر عن "كتارا" بمتابعة لتفاصيله من المشرف العام على الجائزة خالد السيد. كتاب عليه صورة الأديب بالأبيض والأسود، يصدر بعد رحيله كامتنان وتحية وفاء. تحتفي الندوة بإصداره، هو جهد مجموعة مؤلفين ذُكروا بالاسم، بينهم واسيني الأعرج ومديرة الندوة سعدية مفرح، التي تولّت التحرير والتقديم. على يمينها عائشة الدرمكي، الناقدة والباحثة، حاملة الدكتوراه من جامعة الملك محمد الخامس في المغرب، وعلى يسارها فهد الهندال، المتبحّر في أدب إسماعيل فهد إسماعيل، تلميذه وأحد أصدقائه. الثلاثة ساهموا في ولادة الكتاب، أسماؤهم في الصفحة الأولى.

شكرٌ يتكرّر لـ"كتارا"، مُذللة الوساطة بين الموهبة الأدبية والقارئ، بعد شكوى من تسلُّط بعض الناشرين، فكانت المنافسة على الجائزة بمثابة ذراع مفتوحة تحتضن كلّ طامح للنشر. تحدّث المحاضرون عن الأديب المنسيّ، إسماعيل فهد إسماعيل، كما أحبّ تسمية نفسه، لاعتباره أنّ "لا شيء يُشعل الذاكرة كما النسيان". لمعت في أوراق المحاضرين حاجة أن يبقى المنسيّ مشروعاً ساطعاً في منصات البحث والقراءة. كنا أمام غوص في القيمة والدور، لرجل شدّد المحاضرون على أنّه "ذاكرة الرواية في الكويت والخليج"، هو المولود في العام 1940، المسكون بهاجس الكتابة، "المؤسّس لفنّ الرواية غير التقليدية" في بلده. تعمّق في الإنسان، فترك 40 كتاباً في القصة والرواية والمسرحية. صاحب "البقعة الداكنة السوداء"، و"المستنقعات الضوئية"، فعَّل في القاعة نقاشاً أدبياً جميلاً. وفي الختام، "الرحمة له والسلام لروحه".

"الهندسة الثقافية والرواية"

محاضرة ثانية، أيضاً في المبنى 15، راقت لنا، لبُعدها في عالم مشحون، يسير بخطى متسارعة، والويل للمتكاسل. إنه نقاش في الصميم عنوانه "الهندسة الثقافية"، وهو محاكاة حديثة لسبل الحفاظ على الديمومة الثقافية والوصول إلى حالة من الاكتفاء الذاتي، تتيح تحرّر المنتج الثقافي من سُلطة أو رقابة، وتضمن الاستمرارية على المدى البعيد. تترك المحاضرة شعوراً بالقلق المعرفي، وتحمل المتلقّي إلى يقين تام بانتقال العالم إلى مستوى جديد من التفكير. تلحّ أسئلة من نوع، هل من علاقة ممكنة بين الصناعة والرواية، وكيف؟ اللغة الخاصة بكلّ منهما مختلفة كلياً، فالصناعة تحاكي السوق ومعادلة الربح والخسارة، وتحاكي الزبون والاستهلاك. الرواية شأن آخر، هي سردية بديعة منسوجة بلغة إيحائية وفق منطق الإشارة والرموز، فتحتمل التأويل أكثر من الاكتفاء بالمعنى الواحد. العالم يعيش مفاهيم جديدة، والأسئلة تتغيّر: كيف يمكن عقد تواصل ممكن بين الثقافة والاقتصاد؟ لم يكن هذا الهَمّ قبل عشر سنوات. يفرض العصر التكنولوجي قراءة مفهوم اقتصاد المعرفة بأدوات مختلفة. بانسيابية متناسقة، تطرح الروائية والناقدة المغربية زهور كرام أسئلة الواقع الثقافي وتحاول الإجابة، هي الفائزة بجائزة "كتارا" بدورتها الثانية عن فئة الدراسات النقدية والعضوة في اتحاد كتّاب المغرب. جميعنا يتساءل عن موقعه اليوم في العالم. والرواية أيضاً، وإن طرح النقاش إشكالية مرتبطة- منفصلة، تتعلّق بواقع النشر، وغياب روايات عن المشرق العربي وأخرى عن المغرب العربي، بذريعة أنّ القارئ لا يعرف الكاتب من الجهة الأخرى، ولن يلتفت بالتالي إلى شراء منجزه. تتغيّر الآليات والاستراتيجيات، وتلحّ حاجة لنقل الثقافة إلى عالم الاقتصاد، مع الإبقاء على فرادة المحتوى وخصوصيته ورقيّه. مخيف القول إنّ الصراع العالمي اليوم لم يعد صراع أسلحة فحسب، بل صراع مفاهيم. الرواية- الأدب- الثقافة، في الوسط، معنيّة بالتحوّلات، ومُطالبة بالمواكبة. الهندسة الثقافية جزء من النقاش الطارئ. لنا لقاء مع المشرف العام على الجائزة خالد السيّد، عن هذه الإشكالية وكيفية تسويق المعرفة. لا يكتفي بنقل "كتارا" إلى الاكتفاء الذاتي، بل يعدّ دكتوراه في الهندسة الثقافية، كمفهوم ثوري يمكن أن يغيّر وجه الثقافة في العالم. يتعلّم لعملٍ أعمق.

اقرأ للكاتبة عن افتتاح الدورة الخامسة من "كتارا": "كتارا" تنطلق في دورةٍ خامسة: 1850 مُشارَكة لنيل "جائزة كلّ العرب"

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم