الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

خالد من ذوي الاحتياجات الخاصة... رحل بعد رفض اغلبية المستشفيات المجهزة استقباله

المصدر: "النهار"
بعلبك-وسام اسماعيل.
خالد من ذوي الاحتياجات الخاصة... رحل بعد رفض اغلبية المستشفيات المجهزة استقباله
خالد من ذوي الاحتياجات الخاصة... رحل بعد رفض اغلبية المستشفيات المجهزة استقباله
A+ A-

لم يدرك ابن مدينة بعلبك خالد عبد الرضى زريق (49 عاماً من ذوي الحاجات الخاصة)، أنه سيكون رقماً آخر ضمن قضية إنسانية مأسوية تتكرر دائماً في المنطقة من دون مبرر، وهي الإهمال والأخطاء الطبية التي قد تحدث من حين إلى آخر، سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة، بعضها مميت والبعض الآخر يتسبب في عاهات مستديمة، فإعاقته الذهنية لم تسمح له يوماً أن يعلم ما هو الإهمال الطبي، لكن من المؤكد أنه بات جثة وضحية جديدة من ضحايا الإهمال في ظل واقع استشفائي مزرٍ بشكل عام، أو واقع مرفوض لأحد مستشفيات المنطقة من إهمال وغياب الكادر الطبي أو سوء التشخيص.

الموت حصل، لكن إهمال المريض أمر يتكرر، من هنا تفاعل أهالي مدينة بعلبك مع قضية وفاة زريق من جهة أولى، المعروف من قبل الأهالي، وأدخلت الرعب والخوف في قلوبهم من جهة أخرى (حيث أصبح البعض مع تكرارها يفقد ثقته في بعض المستشفيات ويلجأ إلى مستشفيات خارج المنطقة). ويبقى السؤال الطبيعي الذي لم تجد عائلة زريق له جواباً، وهو أسباب وفاة ولدها خالد.

لجأت عائلة زريق إلى "النهار" لرفع صرختها وعرض معاناتها ووضعها أمام المسؤولين والرأي العام، ولسان حالها يقول: "كفى موتاً كل يوم على أسرّة المستشفيات السوداء".

فخالد قضى جراء إهمال استشفائي مع رفض (كما يتّهم أهله) كل مستشفيات بعلبك وزحلة استقباله والحصول على سرير داخل غرفة عناية مركزة كان بحاجة إليها لاجتياز محنته الصحية، رغم محاولتهم إيجاد سرير لأكثر من عشر ساعات، من دون جدوى، لتجد العائلة نفسها أمام جواب واحد "عدم توافر سرير شاغر في غرف العناية المركزة".

يعدد علاء، وهو الشقيق الأصغر للضحية، أمام والدته و"النهار" أسماء المستشفيات الحكومية والخاصة التي تمنّعت عن استقبال شقيقه، لتكون دموعه هي الأصدق لما عاشه خلال ساعات طويلة مع هذا الأمر.

وفق رواية العائلة، أن يوم الاثنين الفائت في السابع من الشهر الجاري، أصيب خالد بوعكة صحية نتج عنها ضعف جسدي، وهو مريض بداء السكري، ليتبين من خلال الفحص الفوري أن مستوى السكر في الدم لديه وصل إلى 600 فأُعطي حقنة أنسولين 20 ملغ بينما كانت العائلة في انتظار سيارة اسعاف تابعة للصليب الاحمر عملت على نقله إلى مستشفى الططري، نظراً لقربها من المنزل. ويضيف علاء بالقول: "كان أخي صاحياً ويتحدث معنا، وقد مازحه مسعفو الصليب الأحمر الذين عملوا على نقله أكثر من مرة ليرد عليهم أيضاً ممازحاً، وما إن وصلنا إلى طوارئ المستشفى المذكور حتى بادرت الممرضات إلى إعطائه جرعة أخرى من الأنسولين، ومن بعدها استدعاء طبيب قلب قبل نقله إلى إحدى الغرف العادية داخل المستشفى، لنلاحظ ان حالة خالد الصحية بدأت تسوء شيئاً فشيئاً، وأصبح يعاني من ضعف في التنفس لساعات دون رعاية حقيقية وعدم وجود أي طبيب يتابع حالته أو يعمد إلى تشخيصها، مع تكرار سؤالنا لطاقم التمريض المتابع عما يحصل مع خالد دون أي جواب من أحد".

ويتابع علاء: "قرابة منتصف الليل أي بعد سبع ساعات، وكان سبقها حضور طبيب القلب نفسه، طلب منا نقله إلى مستشفى آخر ووضعه في غرفة عناية خاصة، فنقلناه بسيارتنا الخاصة لنعمد حينها إلى البحث مطولاً عن سرير في أي من المستشفيات المتواجدة في المنطقة وصولاً إلى عدد من مستشفيات زحلة. جميعها رفضت استقبالنا رغم سوء حالة خالد الذي يملك بطاقة صحية من الشؤون الاجتماعية، ورغم معاودتنا المحاولات لكن من دون جدوى. وبقي في غرفة عادية حتى الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي أي ٨ من الشهر الجاري، دخلنا إلى غرفة أخي لنجده متوفياً دون علم الكادر الطبي للمستشفى من طاقم التمريض الذي يُفترض انه كان يتابع حالته، والذي قدم بعضه إثر صراخ والدتي أو الأطباء المناوبين".

ما يحرق قلب علاء ووالدته أن خالد بقي 12 ساعة يصارع الموت من دون تقديم العناية اللازمة له وفق حالته الصحية، إذ اكتفى فريق الطوارئ في المستشفى بفحص سريري وإبلاغ ذويه بضرورة وضعه في غرفة العناية المركزة بعد ساعات من دخوله الطوارئ. والأمر الأكثر إيلاماً لهم هو رفض كافة المستشفيات استقباله نظراً لامتلاكه بطاقة الرعاية من وزارة الشؤون الاجتماعية، بحجة عدم وجود غرف شاغرة.

العائلة تطالب "بمعرفة من الذي تسبب في وفاة خالد، وأين كان التقصير، ولماذا هذا الإهمال الطبي في قطاعنا الاستشفائي، خصوصاً في منطقتنا، مطالبةً "بفتح تحقيق للوقوف على حقيقة ما جرى ومحاسبة المقصّرين، وهنا نضع وزير الصحة جميل جبق أمام مسؤولياته".

بدورها إدارة مستشفى الططري في بعلبك أصدرت بياناً أوضحت فيه أن "المريض خالد عبد الرضى زريق حضر إلى غرفة الطوارئ في تمام الساعة الخامسة من مساء نهار الاثنين 7/ 10/ 2019 بعد محاولات لإدخاله إلى مستشفيات المنطقة قوبلت بالرفض استناداً إلى أقوال أخ المريض المدعو علاء، حيث تم استقباله من قبلنا في قسم الطوارئ وأجري له الإسعاف الأولي اللازم، وتم نقله إلى غرفة في قسم الاستشفاء لعدم جهوزية قسم العناية في المستشفى (بسبب الصيانة وإعادة التجهيز) ودون تقاضي أي مبلغ تأمين من الأهل كما تجري الأمور في غالبية المؤسسات الاستشفائية".

وتابع البيان: "حالة المريض عند الدخول كانت حرجة مع ارتفاع شديد في سكر  الدم وشبه غيبوبة وهبوط في الضغط الشرياني مع إسهال وقيء مستمر وتبوّل لاإرادي.

بعد أخذ السيرة المرضية للمريض، تبين أنه يعاني من داء السكري، وقد تمت معالجته في المنزل هذا اليوم بكميات غير معروفة من الأنسولين من دون استشارة طبيب مختص (اجتهاد شخصي من قبل الأهل)، فور دخول المريض تم إجراء اللازم من فحوصات مخبرية والتخطيط للقلب وبدء العلاج المباشر من قبل أخصائي القلب والشرايين على الفور، ولم يوفر جهداً في متابعة حاله ومحاولة لتأمين نقله إلى مركز عناية مختص، بسبب تدهور حالة المريض، ولازمه الطبيب حتى الساعة السابعة والنصف من صباح الثلاثاء 8 /10 /2019. وبعد متابعة وجهد شخصي من الطبيب المذكور تم حجز مكان للمريض في العناية الفائقة في مستشفى بعلبك الحكومي، لكن حالة المريض الحرجة لم تسعفه للنقل إلى المستشفى المذكور وفارق الحياه فى تمام الساعة الثامنة وعشر دقائق صباحاً".

وختم البيان: "إن إدارة المستشفى تأسف لفقدان شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة ومريض سابق للمستشفى تمت معالجته وأخيه من حروق بليغة في الجسم بلغت 70 بالمئة منذ عدة سنوات وكباقي كل المرات مجاناً من دون أي مقابل".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم