الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"صوتي" ينطلق في "مونو"... سينوغرافيا تحاكي عذابات المرأة وعرض مبهر

شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
"صوتي" ينطلق في "مونو"... سينوغرافيا تحاكي عذابات المرأة وعرض مبهر
"صوتي" ينطلق في "مونو"... سينوغرافيا تحاكي عذابات المرأة وعرض مبهر
A+ A-

كلّما كبر المرء، علق عليه غبار السنين، فيستحيل ملازماً له. يعتقد البعض أنّ رماد الأيام الميّتة والاختبارات المشتعلة تضفي على حاملها ألقاً وحكمةً. يوم تصفعنا الحياة وتخرمش وجهنا تاركةً ما درجنا على تسميته "تجاعيد"، تحاشياً للاعتراف بانتصار العمر، نقف تماماً كما وقفت ثريا بغدادي، الممثلة ومصممة الرقص، نتفرّس بوجوهنا أمام المرآة، نُدرك أنّنا أصبحنا أجداداً لأحفادنا. من هنا، تقدّم بغدادي مع نادرة عساف، يولا ورامي خليفة عرض "صوتي"، على مسرح "مونو"، جامعين الشعر بالنثر والرقص. انطلق العرض مساء أمس ويستمر حتى الأحد المقبل.

يوم أدركت بغدادي ما آل إليه جسدها، وبعدما أصبحت "تيتا"، التقت بنادرة عساف التي سحرها عالم يولا خليفة وأدهشتها أغنياتها فعرضت عليها تصميم عرض راقص على أنغامها. تستذكر ثريا اللحظة فتبتسم. راحت الفكرة تنضج أكثر فأكثر مع اللقاءات المتكررة. فكان عرض "صوتي" (إخراج شادي الزين). الشوق لتقديم عمل محوره الأنوثة جمع سيدات ثلاث، لهن تجاربهن وهويّتهن الخاصة. بغدادي، الخارجة من بيروت الممزّقة عشيّة اندلاع الحرب إلى باريس، محمّلةً بما اكتسبته من تجربتها في الرقص الشرقي وتلمذتها على عبدالحليم كركلا. وعساف المتخصصة في الفنون الجميلة في الرقص، وصاحبة الخبرة الطويلة في الرقص المعاصر، وخليفة المنشدة التي تعرّف إليها الجمهور العالمي وأحبّ موسيقاها. انتقين مجموعة أغانٍ من مجموعة ألبومات خليفة وحضّرن كوريوغرافيا جمعت الشرقي بالمعاصر، الشعر بالموسيقى، والمسرح التصويري بالأنوثة الحكيمة.

"في العرض الأول كان شَعري قد ابيضّ وأصبحتُ جدّة"، تقول بغدادي لـ"النهار" بضحكتها الطفولية: "أردت أن أقول أنّ لكلّ عمر جماليته وخصوصيته". تتكلّم على النوستالجيا والحنين والتصالح مع الذات ومع الجسد والتغييرات الفيزيولوجية - البيولوجية. هذه رسالتنا كثلاث سيدات في منتصف العمر". ترى بغدادي في العرض عملاً حميماً يخصّ كلّ مَن شارك فيه ويعنيه بشدّة. تركّز فيه، إلى جانب خليفة وعساف، على "تآلف الإنسان مع حماميته". بالنسبة إليها، حمّلته كلّ رسائلها وكل ما أرادت أن تقوله عن الأنثى. تعتبره "انطلاقة نحو الآخر، وفيه تتحدّد هويات مجموعة نساء من أعمار مختلفة".

بعد نجاح "صوتي" قبل عامين، يوم قدّم للمرة الأولى وحضره مئات الأشخاص، عاد شادي الزين وتولّى الإخراج ثانيةً. نجاح العمل في 2017 حضّه والسيدات الثلاث على إعادة الكرّة. "أولّف وأقتبس العرض، هذا عملي كمخرج". استوحى الزين من أغاني خليفة، يوم ولج بدوره عالمها. راق له تدرّج الأغنيات كما انتقاها الثلاثي. "أخلق توليفةً عن حواء والانسان بالمطلق".

تقدّم يولا خليفة في العمل نخبة من أغنياتها. تغنّي عن الهجرة، والحرب، والشرخ ضمن البيئة الواحدة والعائلة الواحدة. تسأل بغدادي وعساف المنشدة عن ابنها ساري. "أين هو؟". يظهر فجأة. يعزف مقطوعات موسيقية تضفي سحراً على العرض. الفولكلور والحب والغربة والشجن وغيرها، مواضيع كثيرة تثيرها الأغنيات المنتقاة وتتناولها. يسعى الزين عبر الإدارة الفنية والسينوغرافيا والإضاءة إلى تبيان المراحل العمرية التي تمر بها المرأة. يُظهِر حالاتها النفسية كافة، امتلاءها بالحكمة، حملها وإعطاءها الحياة. في العرض أيضاً، سعيٌ لإظهار حقيقة المرأة. تتعرّى النفس الأنثوية على المسرح، فتتسربل بالكوريغرافيا والسينوغرافيا "ذات العناصر البسيطة".

"العرض حالم ومبهر، يأخذنا في رحلة بين طيّات حياة المرأة والرجل، بعيداً من الضوضاء والزحمة اليومية". يرى فيه "تغنياً بعذابات الرجل والمرأة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم