الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تركيا نحو إعادة رسم خريطة الحرب في سوريا مجدّداً

تركيا نحو إعادة رسم خريطة الحرب في سوريا مجدّداً
تركيا نحو إعادة رسم خريطة الحرب في سوريا مجدّداً
A+ A-

يبدو أن توغلاً تركياً وشيكاً في شمال سوريا سوف يعيد رسم خريطة الصراع السوري مجدداً، الامر الذي يوجه ضربة الى قوات حاربت تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ويقودها الأكراد ويوسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا على الحدود. وسيكون هذا ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016 بعدما نشرت فعلاً قوات على الأرض عبر قطاع في شمال سوريا من أجل احتواء النفوذ الكردي بسوريا في الأساس.

لتركيا هدفان رئيسيان في شمال شرق سوريا: إبعاد "وحدات حماية الشعب" الكردية عن حدودها، لاعتبارها إياها خطراً أمنياً، وإنشاء منطقة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الحاضر.

وتحاول أنقرة دفع الولايات المتحدة الى المشاركة في إقامة "منطقة آمنة" تمتد 32 كيلومتراً في الأراضي السورية، لكنها حذرت مراراً من أنها قد تقدم على عمل عسكري من جانب واحد، متهمة واشنطن بالتلكؤ والمماطلة. بل تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخيراً عن توغل أعمق في سوريا يتجاوز "المنطقة الآمنة" المقترحة إلى مدينتي الرقة ودير الزور من أجل السماح لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى بلادهم.

كيف سيتأثر الأكراد؟

أمضت "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) التي يقودها الأكراد سنوات وهي توسع نطاق سيطرتها عبر شمال سوريا وشرقها بمساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). والأكراد مثال نادر على تحقيق مكاسب في الحرب السورية، إذ أقاموا مع حلفائهم هيئات حاكمة مع التأكيد دوماً أن هدفهم هو الحكم الذاتي وليس الاستقلال. وقد ينهار كل ذلك في حال شنّ هجوم تركي كبير من شأنه أن يوقع المنطقة في حرب. وقال "مجلس سوريا الديموقراطية" (مسد) المرتبط بـ"قسد" إن الهجوم سيفجر موجة نزوح جماعي جديدة. وبالنسبة الى تحالف "قسد"، الذي تمثل "وحدات حماية الشعب" الكردية أكبر فصائله، سيعتمد الكثير على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بقوات في مناطق أخرى من الشرق السوري والشمال الشرقي. وسيعرّض أي انسحاب أميركي كامل المنطقة لخطر المزيد من التوغلات التركية وعودة "داعش" أو لمحاولات الحكومة السورية التي تدعمها إيران وروسيا استعادة أراض. وبعدما واجه الأكراد احتمال انسحاب القوات الأميركية العام الماضي، طرقوا أبواب دمشق أملاً في إجراء محادثات تتيح للحكومة السورية وحليفتها روسيا الانتشار عند الحدود. ولم تحرز المحادثات أي تقدم، لكنها قد تصير خياراً مطروحاً مرة أخرى في حال انسحاب أميركي أكبر.

إلى أي مدى قد تذهب تركيا؟

المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها في الوقت الحاضر قوات يقودها الأكراد، تمتد مسافة 480 كيلومتراً من نهر الفرات في الغرب إلى حدود العراق في الشرق. ويبدو أن الخطط العسكرية لتركيا تنصب في الوقت الحاضر على قطاع حدودي بين مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يفصلهما نحو 100 كيلومتر. وأبلغ مسؤول أميركي "رويترز" الاثنين أن القوات الأميركية انسحبت من مراكز المراقبة هناك. وعلى رغم أن هذا الجزء يخضع لسيطرة القوات التي يقودها الأكراد، فإنه كان على مر التاريخ يحوي وجوداً عربياً قوياً. وقال المحلل في صندوق مارشال الألماني أوزغور أونلو هيسارجيكلي :"هذه منطقة سكانها عرب ولتركيا علاقات طيبة مع الجماعات البارزة فيها". وأضاف أنه إذا حاولت "وحدات حماية الشعب" أن تحتفظ بأراض هناك "فسوف تخسر الكثير من الدماء". ولم تحدد تركيا نطاق العملية المرتقبة أو تركيزها المبدئي. وقال مسؤول تركي لـ"رويترز": "مكان تنفيذ الإجراءات الرامية الى مواجهة المخاطر الأمنية وتوقيتها ونطاقها ستقررها تركيا مجدداً".

هل تدعم روسيا وإيران التحرك التركي؟

تدعم روسيا وإيران، القوتان الرئيسيتان الأجنبيتان الأخريان‭‭ ‬‬في سوريا، الرئيس السوري بشار الأسد بقوة، على النقيض من تركيا والولايات المتحدة اللتين دعتاه الى التنحي ودعمتا معارضين يحاربون لإطاحته.

وقالت روسيا إن لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها، لكن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف صرح الاثنين بأنه ينبغي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وأن على كل القوات العسكرية الأجنبية التي لها "وجود غير مشروع" أن ترحل عن سوريا. وإذا سحبت الولايات المتحدة كل قواتها من شمال شرق سوريا، فإن حكومة دمشق، بدعم من روسيا، قد تحاول استعادة السيطرة على معظم المنطقة التي لم تسيطر عليها تركيا.

ما هو رد الفعل الغربي؟

ولا دعم علناً من حلفاء تركيا الغربيين لخطتها لتوطين مليوني لاجئ سوري، أي أكثر من نصف عدد اللاجئين الذين تستضيفهم في الوقت الحاضر، في شمال شرق سوريا. والباعث الرئيسي لقلق الغرب هو أن يؤدي تدفق السوريين العرب السنة على شمال شرق سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد، إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة. وقال المنسق الاقليمي للأمم المتحدة للأزمة السورية بانوس مومسيس إن على كل الأطراف تفادي تشريد المدنيين إذا شنت تركيا الهجوم.

ما الذي يعنيه ذلك للأسد؟

وعلى رغم أن الأراضي المعنية خارج سيطرة الحكومة السورية فعلاً، فإن التوغل التركي سيعني أن الكيان المسيطر على المنطقة سيتحول من قوة غير معادية - هي "قوات سوريا الديموقراطية" - إلى تركيا ومقاتلي المعارضة الذين يريدون اطاحة الأسد. ولطالما اعتبرت دمشق أنقرة قوة احتلال لها مخططات في الشمال السوري. كما لمحت أحيانا إلى استعدادها لعقد اتفاق مع الأكراد على رغم أن مفاوضاتهما الأخيرة وصلت الى طريق مسدود.

ما الذي قد يعنيه ذلك لـ"داعش"؟

ومن شأن الفوضى أن تتيح لـ"داعش" فرصة للنهوض من جديد. وتشن "قسد" عمليات على خلايا "داعش" النائمة منذ انتزعت من التنظيم السيطرة على آخر معاقله في وقت سابق من هذه السنة. ولطالما حذر قادة الأكراد السوريين من أن "قسد" قد لا تتمكن من مواصلة احتجاز أسرى التنظيم الجهادي إذا تدهور الوضع في حال الغزو التركي. واستناداً الى ادارة العلاقات الخارجية في الإدارة التي يقودها الأكراد بشمال سوريا، لا تزال "قسد" تحتجز خمسة آلاف مقاتل من العراق وسوريا، إلى ألف أجنبي من أكثر من 55 دولة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم