الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نادين لبكي خلال احتفال تسليم "جائزة نانسن": متى نستيقظ؟

نادين لبكي خلال احتفال تسليم "جائزة نانسن": متى نستيقظ؟
نادين لبكي خلال احتفال تسليم "جائزة نانسن": متى نستيقظ؟
A+ A-

ألقت المخرجة الداعمة رفيعة المستوى للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين #نادين_لبكي، الكلمة الرئيسية خلال حفل تسليم جائزة نانسن لعام 2019 في 7 تشرين الأول في مبنى Bâtiment des Force Motrices” " في جنيف.

وتكرّم جائزة نانسن للاجئ، التي تمنحها المفوضية، الأشخاص والمجموعات والمنظمات التي تتفانى في عملها الموجه لحماية اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية. تأسست الجائزة في عام 1954، وهي إحياء لإرث فريدجوف نانسن، العالم النرويجي والمستكشف القطبي والديبلوماسي والمفوض السامي الأول لشؤون اللاجئين في حقبة عصبة الأمم.

تم اختيار محامي حقوق الإنسان من قيرغيزستان عزيزبك أشوروف فائزاً بجائزة نانسن للاجئ لعام 2019 والتي تمنحها المفوضية سنوياً. وساعدت جهوده جمهورية قيرغيزستان لتصبح أول بلد في العالم يقضي على حالات انعدام الجنسية. وقد ساعد عزيزبك أشوروف، من خلال منظمته "محامون بلا حدود في وادي فرغانة"، أكثر من 10,000 شخص على اكتساب الجنسية القيرغيزية بعدما أصبحوا من عديمي الجنسية بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.

يطال انعدام الجنسية الملايين من الأشخاص حول العالم، حيث يحرمون من الحقوق القانونية أو الخدمات الأساسية ويجدون أنفسهم مهمشين سياسياً واقتصادياً، ويعانون التمييز ويكونون عرضة للاستغلال وسوء المعاملة.

وفي كلمتها، قالت لبكي: "(أنا لا شيء، أنا حشرة، أشعر أنني غير مرئي. تتم معاملة الحيوانات أحسن مني. أتمنى لو أنني لم أولد أبدا). هذه هي كلمات فراس، فتى عديم الجنسية التقيت به خلال سنوات بحثي من أجل فيلمي #كفرناحوم. مثل العديد من الأطفال عديمي الجنسية الذين قابلتهم، عندما سألته: "كم عمرك؟" كانت إجابته: "لست متأكدًا، تقول والدتي إنه يجب أن أكون في سن 12 أو 13." "إذا أنت لا تعرف تاريخ ميلادك؟" "لا، أخبرتني أمي أنني ولدت خلال فصل الشتاء. كان الثلج يتساقط في ذلك اليوم ".

وتابعت: "إنّه دائماً النمط نفسه تقريبا؛ إنه لا يعرف عمره بالضبط لأنه، مثل كل أشقائه، لم يتم تسجيل ولادته أبدًا بسبب نقص الأموال. للأسف في بعض البلدان تسجيل أطفالك يكلف مالًا. عندما نفكر في ذلك، فهذا يعني أنّ فراس لم يحتفل أبداً بعيد ميلاده، وهو اليوم الذي جاء فيه إلى هذا العالم. لذلك، يقول إنه ربما يبلغ من العمر 12 عامًا، لكنه يبدو أنه في السابعة من عمره بسبب سوء التغذية وسوء المعاملة: إنه يمضغ الشعرية الجافة كوجبة غداء وعشاء يوميًا". 

وأضافت: "يقضي أكثر من 12 ساعة في الشوارع، مما يترك له ساعات قليلة من النوم ليلًا. إنه لا يستطيع حتى كتابة اسمه. عندما كان الأطفال في سنه يستعدون للذهاب إلى المدرسة، رفضت المدرسة تسجيله لأنه لم يتم تسجيل ولادته مطلقًا. لم ينقذ أحد أخته البالغة من العمر 11 عامًا من بيعها للزواج المبكر. فبسبب وضعها، كانت فريسة سهلة. يقضي فراس أيامه الآن في الشوارع، حيث يبيع المناديل أو يوصل مواد البقالة أو قوارير الغاز مقابل بضعة دولارات في اليوم. لا يمر يوم واحد دون تعرضه لسوء المعاملة اللفظية أو الجسدية، والتعرض لأشد الناس وحشية وخطورة"، متسائلة: "في رأيكم ما هي آفاق مستقبله؟ سوف يقع فراس في شقوق أنظمتنا ويقضي حياة في الظل. سينتهي به الأمر كأنه شخص غريب في نفس المكان الذي ولد فيه ونشأ فيه، ليصبح غير مرئي، حتى في عينيه. ربما سيتعرض للاستغلال، وربما حتى الاتجار بالبشر. قد يضطر حتى إلى اللجوء إلى الجريمة والسرقة، لمجرد البقاء على قيد الحياة". 

وأضافت في كلمتها: "يولد بعض هؤلاء الأطفال ويموتون دون أن يعلم أحد بوجودهم. الطفل نعمة لمعظمنا. لكن بالنسبة لطفل عديم الجنسية، فإن وجوده أو وجودها أقرب إلى اللعنة. ما الذي يعنيه في الواقع عدم وجود شهادة ميلاد، أو بطاقة هوية، أن لا تكون مواطنا في أي بلد أو أن لا تنتمي، أو أن تكون غير مرئي؟ اليوم، ملايين الناس حول العالم عديمي الجنسية. هذا الرقم يرتبط بالكثير من البؤس والألم. بالنسبة لمعظمهم، مجرد العيش حياة طبيعية يبدو وكأنه حلم مستحيل. من المحتمل أن المدارس لن تسجل أطفالًا عديمي الجنسية، ومن المحتمل أن ترفض المستشفيات علاج المرضى عديمي الجنسية، ولن ترغب الشركات في توظيف أشخاص عديمي الجنسية. شيء بسيط مثل فتح حساب مصرفي يشبه تسلق الجبال. حتى الزواج بشكل قانوني من الشخص الذي تحبه يمكن أن يكون مستحيلاً. كل هذه هي حقوق أساسية يعتبرها معظمنا أمراً مسلماً به. كيف ينظر طفل عديم الجنسية دون أي هوية، أو جنسية، مع هذا الإحساس الذي لا يطاق بعدم الانتماء إلى أي مكان، إلى أي بلد، كيف ينظر إلينا؟ إلى البشر الذين خذلوه؟ ماذا يفكر أو تفكر بخصوصنا؟". 

وأكملت: "وفقًا للمادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل، "يسجل الطفل بعد ولادته فوراً ويكون له الحق منذ ولادته في اسم [...] والحق في اكتساب جنسية". كل طفل، بغض النظر عن من هم والديه، أو مكان ولادتهم، أو في أي ظروف. في حين أن 196 دولة - وهذا يعني كل بلد في العالم تقريبا - وقعت هذه الاتفاقية، كيف يبقى انعدام الجنسية حقيقة بالنسبة لملايين الأطفال حول العالم اليوم؟ هل هذا الالتزام مجرد كلمات، مجرد حبر على ورق لبعض الأشخاص لكي يناموا بشكل أفضل في الليل؟ لا ينبغي أن يدفع أي طفل ثمن قراراتنا وقوانيننا المعيبة ويسقط في شقوق أنظمتنا الفوضوية. لا ينبغي أن يعتمد الوجود على قطعة من الورق. قد لا يوجد أشخاص عديمو الجنسية على الورق، وفي أنظمتنا، لكنهم موجودون هنا على قيد الحياة. لحما ودما مع القصص والأحلام، والكثير لتقديمه"، داعية إلى عدم نسيان أنّ "الكلمات - القوانين التي هي من صنع الإنسان - هي التي تبقي الناس في الظل. بإستطاعة الكلمات والإرادة أن تكون ايضاً ما يدعوهم مرة أخرى إلى عالمنا. بشخطة قلم، يمكن لشخص عديم الجنسية أن ينتمي"، فـ"جميعكم هنا في هذه الغرفة تستطيعون تغيير هذا الواقع. إذا عملنا معا جميعا، نصبح صناع القرار ، نطالب بهذا التغيير مرة واحدة وإلى الأبد. نحن مدينون لهم بجعلهم مهمين"، مشددة على أنّها تعلم أنّ لانعدام الجنسية أوجهاً وأشكالاً عدّة، "ولكن شيئا بسيطا مثل إلغاء تكلفة تسجيل الأطفال أو معالجة عدم المساواة بين الجنسين في قوانين الجنسية يمكن أن يحل هذه القضية الوجودية للكثير من الذين حياتهم مكسورة حول العالم"، وتساءلت: "ليس لدينا الحق في التكيف مع مثل هذا الظلم. متى نستيقظ ونعترف بأن هذا الاغتراب والإحباط يمثلان وقوداً للعنف والغضب والتوتر؟ إنها ليست مسألة سياسية فقط؛ هذه مأساة إنسانية. يمكننا جميعًا التأثير في صانعي القرار لتغيير هذا الوضع الراهن. اليوم أعبّر عن حلمي بأن لا يسمى أي إنسان عديم الجنسية مرة أخرى".

وختمت: "السيد أشوروف الحائز على جائزة نانسن هذا العام، يجسّد هذا الحلم نفسه. أحيي جهوده وأستغل هذه الفرصة لأحيي جهود بلادي، لبنان، هذا البلد الصغير، الذي رغم صراعاته، يعيش فيه اليوم أكثر من مليون ونصف مليون شخص لاجئ ونازح وعديم الجنسية". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم