الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"البراغماتيّة الشعبيّة" ونواتها الصلبة

رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
"البراغماتيّة الشعبيّة" ونواتها الصلبة
"البراغماتيّة الشعبيّة" ونواتها الصلبة
A+ A-
فَــلْيُمْسِكِ الشرهون لعابهم.مواطنونقلت في إحدى المناسبات:"يؤلمني أنني عشت أطول مما ينبغي، إذ يصعب على الشخص الواحد أن يفتح عينَيْه على أمل عريض، ويغمضهما على يأسٍ مريض يورثه الأبناء والحفدة.يصعب على الإنسان أن يتلقى من القرن التاسع عشر وعد النهضة، ويشهد على تسليم الأجيال، في غُرَّة القرن الحادي والعشرين، هذا الانحدار المشين.ويصعب علينا كلنا، أن نحتفي بمئوية لبنان الكبير بالوقوف عند مأساة التسلط العثماني وسفر برلك، ونغفل الاحتفال بإعلان دولة يحكمها الدستور والقوانين الوضعية والمحاكم المدنية، فَتُتدَاوَلُ فيها السلطة ويدور النظامُ في فلك الشكل الديموقرطي الوارد إلينا من الانتداب، وتخرج من السنجق والأيالة والولاية والخلافة إلى الجمهورية رغم عدم تمتعها بالاستقلال.في العام 1959 قال كمال جنبلاط: "كان بالإمكان الإفادة من هذه الأزمات وما يعقَبُها من روح وطنية معنوية للانطلاق بلبنان حول تحقيق فكرة مدنية الدولة وعلمانيتها"، وها نحن بعد ستين عاماً نناقش القضية نفسها وقد آلت إلى تدهور بدل التطور، كأن ذلك الزمان حيال ما نحن فيه، جنة ديموقراطية، إذ كان الطائفي المتعصب يخجل من إعلان طائفيته، وكانت لغة الميثاق موضع خفر الساسة وتأدبهم، فلا يَجْهَرُ أحد منهم بها علانية، وإذا نَمَّ كلامه عن فئوية معينة غلفها باللغة الوطنية ودواعي حماية التعددية التي تمثل ثراءً للبنان، وسراًّ لازدهاره وديموقراطيته. نستذكر في هذا اسكتش زياد رحباني الذي يلخص السجال بصورة فكهة بأنه إذا حاول عبدالله اليافي جر الكرسي (الرئاسي)، جر له في المقابل الشيخ بيار الجميل السرير (الزواج المدني).وبما أن لكل حلاوة مرارتَها، فإنَّ الوجه الآخر للديموقراطية اللبنانية هو توازن الطوائف الذي منع الاستبداد والانقلابات، وبقي في الوقت نفسه ميداناً حساساً يراوح بين السخونة والبرودة بحسب تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية. ففي بعض الأحيان كانت تَّحِن طائفة إلى نجدة ما خارجية، علها تعدل ميزان القوى، الذي بقي بالرغم من كل شيء متوازناً، بفعل عوامل، أهمها حكمة بعض القادة السياسيين الذين لا يُنكَرُ لهم فضل ولا حنكة ولا وطنية، لأنهم من مواقعهم التمثيلية الطائفية، كانوا يُحْكِمون الإمساك بالخيوط وإدارة الأمور ولو على حافة الهاوية.كانت الدولة اللبنانية إذًا، قادرةً على امتصاص الهزات الإقليمية المحدودة، وكان اقتصادها ينشط كثيراً بفعل التقلبات والانقلابات العربية، كما كانت في كثير من الأحيان تقوم بأدوار الوساطة والتفاهم في إطار...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم