الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

في بيروت الآن

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
في بيروت الآن
في بيروت الآن
A+ A-

في بيروت الآن: كتاب مقابلات مع الشاعر الكبير الراحل يوسف الخال (إعداد وتحقيق جاك أماتاييس السالسي)، مؤسس مجلة "شعر"، وراعي خميسها؛ "الأعمال الشعرية" للمسرحيّ الكبير والكاتب الكبير والناقد الكبير عصام محفوظ؛ معرض لأعمال الرسّام الاسباني بابلو بيكاسو في متحف سرسق، مهرجان المسرح الأوروبي في "مسرح المدينة"؛ حفلات أوركستراايّة وموسيقيّة راقية؛ معارض فنّيّة؛ كتب شعر وروايات، وعلاماتٌ كثيفةٌ ومضيئةٌ غيرُها كثير...

في بيروت الآن: انهيارٌ اقتصاديٌّ مريع؛ تلاعبٌ بسعر صرف الدولار؛ عقوباتٌ ضدّ مصارف؛ مصانع ومتاجر وزراعات ومؤسّسات أمام الحائط المسدود؛ مدارس على وشك الإفلاس، أرباب عائلات لا يستطيعون تأمين رغيف الخبز لعائلاتهم؛ تظاهرات ضدّ النظام والعهد والحكومة والطبقة السياسيّة؛ أعمال شغب وقطع طرق؛ فقرٌ وجوعٌ ويأسٌ شعبيٌّ شبه عميم...

في بيروت الآن: سلطةٌ أبديّةٌ غاشمةٌ، هي شركةٌ (بشركات) تجاريّةٌ ماليّةٌ مُضارِبةٌ مساهِمةٌ تبتغي الربح الصافي على ظهور الفقراء والمعوزين والعامّة؛ سلطةٌ لا ترى ولا تسمع ولا تبالي؛ قوامُها عنفٌ معنويٌّ، وإرهابٌ واقعيٌّ، وأهلُ طوائف ومذاهب، وتجّارُ لحومٍ وأجسادٍ ودمّ، ورجالُ إقطاعٍ وانتفاع، وعصاباتٌ ورعاعٌ ومرتزقةٌ وملتحقون...

في بيروت الآن، هذا كلُّهُ، وغيرُهُ كثيرٌ ممّا يُرى، وممّا لا يُرى، ولا يُحتمَل استمرارُهُ، لكنْ يُخشى استمرارُهُ، وتفاقُمُهُ، وربّما وصولُهُ إلى ما ليس في مقدور أحدٍ وقفُ انهيارِهِ في لحظةٍ من لحظات العدم اللبنانيّة والإقليميّة والدوليّة المتراكبة والمتراكمة...

في بيروت الآن، نفوس الناس الطيّبين والأوادم بالأرض، بل تحت الأرض، بسبب المقاييس المعياريّة الخرِبة، والأوضاع الاجتماعيّة المزرية، والاحتمالات المُنذرة بالشؤم، وخصوصًا بسبب انعدام الثقة بالطبقة الحاكمة، والسلطة السياسيّة، في ضوء انعدام الرؤية، والعجز عن احتضان أوجاع الناس، واقتراح حلولٍ مرحليّةٍ أو جذريّةٍ شافيةٍ للأزمات المستعصية.

في بيروت الآن، سؤالٌ واحدٌ وحيد، ينبغي للجميع طرحه ومواجهته: ما العمل؟

لكنّه، يا للمرارة، سؤالٌ لا يملك شخصٌ مقنعٌ (أو جهة) جوابًا مقنعًا، حقيقيًّا، وفاعلًا عنه.

لا في الداخل ولا في الخارج.

لا الحكم ولا الحكومة يملكان هذا الجواب.

لا الأحزاب السياسيّة.

لا الطوائف والمذاهب.

لا قوى الاعتراض على اختلاف توجّهاتها.

... ولا قوى الهيمنة الإقليميّة والدوليّة.

ولا المجتمع الدوليّ.

ما العمل، في ظلّ هذا النظام غير الممكن زحزحته في ضوء المعطيات الموضوعيّة المتوافرة؟

في بيروت الآن، جلجلةٌ يرتقيها لبنان، وحيدًا، مُهانًا، معذّبًا، ممصوصًا دمُهُ، ومضفورًا رأسُهُ بإكليل خزيٍ وعار.

في بيروت الآن، عملٌ يجب أنْ يُجترَح، لإنقاذ لبنان.

في بيروت الآن، عملٌ افتراضيٌّ يجب أنْ "نؤمن" بإمكان اجتراحه، لإنقاذ لبنان.

في بيروت الآن، عملٌ افتراضيٌّ يجب أنْ يُنقَلَ فورًا إلى عالم الواقع. فليُعتبَر هذا الكلام "إخبارًا" عقليًّا وفكريًّا ووطنيًّا، لإنقاذ لبنان!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم