الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماييڤا

المصدر: النهار
ماغي أبو ساري
ماييڤا
ماييڤا
A+ A-

شجرةٌ تحملُ وروداً باللون البنفسجي، إنها شجرة جميلة حقاً، كنت حين أجلس تحتها أحسُّ وكأن الحُب ملأ قلبي، أشعرُ بشيءٍ لم يسبق لي أن شعرتهُ، لكنّي لا أعلمُ السبب الحقيقي وراء كل هذا، ما يدفعني إلى الهروب من ضجيج العالم إليها، وكأنّها قطعة من الجنة.

ذهبتُ إليها حين خسرتُ صديقتي المقربة في حادثِ سير، كدت أختنق وكأني التقطُ أنفاسي الأخيرة، فللتوّ فقدت شيئاً مني، قطعة من روحي، صديقتي منذ الطفولة (لمياء). وصلتُ والدموع على خدّي، فإذا بجدّي هُنا، ينظر إلى الشجرة نظرتي عينها، يكلِّمُها صامتاً وكأنه يعاتِبُها، والدمعة في طرف عينيه لكنها لا تسيل، اقتربتُ منه، فسألني: ما بك؟ فحدثّتهُ أنّي فقدت غاليتي، فنظر إلى الشجرةِ قائلاً: أخبريه يا ماييڤا، قولي له إن ما أصابهُ اليوم أصابنا منذ سنين طويلة، قولي له إنه سيشعر بحريقٍ دائمٍ في صدره ولن ينسى لأننا ما نسينا قط. أصابني الجنون مما حدث لي ومما قاله أيضاً، فقلت: كفاك يا جدّي، فواصل كلامه قائلاً: ماييڤا خاصتي لا تشبه الأخريات أبداً، تسكنها روح حبيبتي، لذا تبدو جميلة إلى هذا الحدّ، كنا قد زرعناها سوياً وقطعنا وعداً أن نعتني بها إلى أن نموت، لكنّ حبيبتي ماييڤا خالفت الوعد وذهبت وتركتني والشجرة وحيدين في هذا العالم المُخيف.

ولِمَ ذهبت ماييڤا وتركت شخصاً يحبها بجنون مثلك يا جدّي؟

لم تذهب ماييڤا بإرادتها يا حفيدي، لقد اختارها القدر لتكون البريئة في لعبة قذرة، توفيت حين منحت أمك الحياة، إنها حقاً ذهبت لكنّها ما زالت هنا معي وبجانبي وستبقى حتى بعد أن أموت، إنَّ روحها الطاهرة عالقة في هذه الشجرة، لذا أسميتها ماييڤا.

قلّتُ: ألا تشعر وكأنك تظلم زوجتك ميراي يا جدّي؟

قال: لا طبعاً، ميراي هي من ظلمت نفسها لأني أخبرتها أنها ستبقى عذراء حتّى وإن تزوجنا.

فهل كان جدّي أنانياً بحبّه لماييڤا ولم يعطِ ميراي فرصة بعد رحيل عشيقته السابقة؟ أم أن ميراي فعلاً ظلمت نفسها حين اختارت شيئاً ليس لها؟

عندما توفيّ جدّي اتخذت ميراي قراراً بقطع الشجرة كي تمحي ماييڤا وذكراها، تمحي ما جعلها أسيرة سجن بابُه مفتوح، فانتقمت من جدّي ومن ماييڤا ومن ذكراهما معاً.

هل أحبّت ميراي جدّي إلى حدّ الجنون، أم أنها كرهته إلى حدّ الجنون؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم