الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عرس إهدن وعرس زغرتا... 56 سنة و"رشّ التراب بيعلّق"

المصدر: إهدن- "النهار"
طوني فرنجية
عرس إهدن وعرس زغرتا... 56 سنة و"رشّ التراب بيعلّق"
عرس إهدن وعرس زغرتا... 56 سنة و"رشّ التراب بيعلّق"
A+ A-

قيّض الله لي عمرا أن اشهد لعرس طوني فرنجيه (النائب والوزير لاحقاً) في 18 شباط 1963، نجل الرئيس الراحل سليمان #فرنجيه والد رئيس "تيار المردة" النائب والوزير السابق سليمان فرنجيه.

وأن أشهد أيضاً لعرس النائب طوني فرنجيه نجل رئيس "تيار المردة" وحفيد الوزير والنائب الراحل طوني فرنجيه، السبت 28 ايلول 2019، بفارق زمني 56 سنة وبضعة اشهر، كون العرس الاول في 18 شباط في زغرتا والعرس الآخر في 28 ايلول في اهدن.

وما يميز العرسين عن غيرهما أنّهما جمعا لبنان الرسمي والشعبي، فتقاطرت الوفود من كل المناطق اللبنانية كما الاصدقاء والمحبين الى زغرتا واهدن، تعبيرا عن المحبة والوفاء لمن وقف الى جانب الجميع في احلك الظروف منذ ايام قبلان فرنجيه والد حميد فرنجيه والرئيس سليمان فرنجيه، الى طوني فرنجيه "القائد الشهيد"، فرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه الذي يكمل من بعده نجله طوني.

الإحتفالية نفسها تكررت السبت، وان اختلفت الوجوه او دب الشيب في الرؤوس، إنها المحبة النابعة من القلب والموروثة ابا عن جد، والتي لا تشرى ولا تباع انها القاعدة الشعبية التي هي الاساس الذي يبنى عليه كل مستقبل .

في العرس الاول كنت في السابعة، يومها لم اكن افهم ما معنى كلمة "رش التراب بيعلّق"، الى ان شاهدت بحرا من بشر يموج هادرا وراء العريس طوني الذي رفع على الاكتاف، والى جانبه رفع ايضا صائب سلام - الرئيس في ما بعد - والحشد يهتف صوتا واحدا "ما بيصائب الا صائب "، فيما غطت اصوات زغاريد النساء على اصوات جرسي كنيستي سيدة الحارة ومار يوحنا. كيف لا والعريس هو ابن كل بيت، واضافة الى ذلك كانت العائلة الكبرى تريد من خلال العرس تسجيل موقف سياسي ضد المكتب الثاني والشهابية والنهج الشهابي، ونحن قاب قوسين من انطلاق المعركة الرئاسية عام 1964 وان سليمان فرنجيه والمعارضة كانوا ضد التمديد للرئيس شهاب.

بعد القداس عاد بحر البشر ليهدر من جديد، وهذه المرة باتجاه تكميلية زغرتا الرسمية الاولى التي حملت في ما بعد اسم القائد الشهيد طوني فرنجيه، مسافة أكثر من كيلومترين، غطى خلالها الارز والورد والكزبرة والملبس الأرض، والصوت الجهوري لم يبح والصرخة واحدة "ما بيصائب الا صائب ". والى ذلك "عدّيات" هند المر وابرزها "بعرس قانا الجليل شوفوا زغرتا كيف بتميل"، كون العرس كان يوم احد المرفع الذي يتلو الكاهن فيه انجيل اعجوبة قانا التي حول فيها السيد المسيح الماء خمرا.

في التكميلية كانت الفرحة والرقص والدبكة والطبل والمزمار وكان الاكل الوفير، ناهيك بالحلويات والخضار، مما حمل سلام على طرح السؤال على والد العريس: كم كلّفتك حفلة العرس؟ فردّ عليه فرنجيه: "ولا قرش". فاستغرب قائلاً له : "كيف؟". فأكد له "ان العائلة هي التي حضّرت وتكلّفت ودعت الى العرس، وانا مدعو مثلك".

واليوم المشهدية نفسها تتكرر، العرس الشعبي هو نفسه وبحر البشر اصبح محيطا، لكونه يتسع ويتمدد يوما بعد آخر، والمشاركون من كل لبنان، ومن مختلف الطوائف والاطياف. فالعريس هو ابن البيت الجامع اللبنانيين من دون تمييز، والعائلة الكبرى لا تزال على وفائها وحبها وتفانيها، مع فارق ان الوجوه تغيرت والاماكن تبدلت. فالعرس اعاد الى قصر اهدن فرحته بعد سنين عجاف طوال، وها هي الاحتفالات وفق التقاليد الزغرتوية تنطلق وستستمر وتتابع في زغرتا والكل فرح بزفاف "طوني بك" ابن كل بيت، حتى بيوت الشهداء ارتدت حلة العرس صورا وزينة وكأنه عاد الى كل بيت شهيده، كيف لا والعريس سيصبح ابوسليمان وعاشت الاسماء والالقاب، والذي ساهم في فرح هذا اليوم ان رئيس "تيار المردة" اشرف على كل ترتيبات العرس والتحضيرات، مصرا على راحة الجميع وتسهيل وصولهم. وقد قاد بنفسه سيارة العروس التي غمرت بالزهر والرز، كما السجاد الاحمر الذي فرش من مدخل القصر حتى بيت العريس الوالدي، فيما كانت الموائد في كل مكان والشاشات العملاقة تنقل الى جميع الحاضرين الصور واغاني الفنانين والمطربين الذين قصدوا اهدن من دون دعوة، وشاركوا على طريقتهم في فرحة العروسين طوني ولين والتي امتدت الى الفجر وتستكمل في زغرتا وكل فرح وانتم بألف خير.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم