الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

شبابٌ يصرخ "بدي عيش" لكن ما الذي يحضّه على الانتفاض؟

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
رين بوموسى
A+ A-

ملاك، علي ومحمد ذهبوا ضحية تفجيرين ارهابيين. لم يكن الموت ضمن لائحة طموحاتهم وأحلامهم، ذهبوا في لحظة غدر. 3 شبان أرادوا أن يعيشوا حياة طبيعية كأي شاب وشابة في العالم، الا أن يد القتل سرقت منهم حياتهم، ليصبح هاجس الموت شبحاً يلاحق شبانا احياء. " بدي عيش"! عبارة أجمع عليها طلاب جامعة الحكمة فرن الشباك. فاستكمالاً للجولات التي بدأتها "النهار" في الجامعات، كانت محطة في جامعة الحكمة. تحدثنا الى عدد من الشباب بهدف التعرف الى ارائهم وايصالها الى الرأي العام.


العمل السياسي ممنوع في الجامعة، الا أن اندفاع الطلاب وانتماءهم دفعاهم لانشاء نواد للعمل السياسي ضمن اطار الجامعة. الجو شبه هادئ ، الطلاب منتشرون بين الكافتيريا والأروقة في انتظار دخول صفوفهم. في احدى الزوايا، يتخذ النادي الأخضر مساحة كبيرة لبيع الـcrepe.
لا يخفى على أحد في الجامعة، ان لهذا النادي انتماء سياسي واضح للقوات اللبنانية. ايلي الخوري (21 سنة) يقف خلف الطاولة وهو منغمس في تحضير الـ"crepe". يعرّف عن نفسه "أنا رئيس خلية القوات في الجامعة"، علماً ان العمل السياسي في جامعة الحكمة ممنوع. الأولوية بالنسبة لايلي أن "نلغي الميليشيات المنتشرة على الأرض".


"نتعرض للغبن"!


يتحدث خوري عن  غبن يلحق بطائفته في ظل وجود بعض الأحزاب المسلّحة. يردد ايلي: "تشعر وكأنك مغبون .. كأننا نعيش في بلد ليس بلدنا.. صحيح نسمع أن في المحيط الاقليمي اعتداء على مسيحيي الشرق، ولكن الاعتداء الحقيقي على المسيحيين هو ما يحدث في لبنان". يتكلم وكأن ايام الحرب لم تنجل، يتحدث عن شرقية وغربية وعن عدم مساواة بين الطوائف، وعدم مساواة في تعاطي الدولة مع المواطنين. "الدولة موجودة بس بالشرقية"، يقول عاقد الحاجبين والغضب يظهر في عينيه. بالنسبة لايلي، الطائفة هي اولا. يعرف عن نفسه: "أنا شخص مسيحي لبناني"، مضيفاً أنه مهما سعى المرء في لبنان الى تغيير الوضع، "ما رح يطلع بايدو شي".


استمرار محكوم بالانتماء


محمد حسين نور الدين (20 سنة)، يقول انه يتعاطى الشأن العام من خلال عمله في بعض الجمعيات، "ما من أحد في لبنان لا يعنيه الوضع السياسي، أنا مؤيد لقوى8 آذار ". يشير الى أن تغيير المجتمع يبدأ بتغيير أفكار الفرد، "عدم الانتماء الى اي جهة يعني انك لن تستطيع الاستمرار في بلد كلبنان". ويرى أن التغيير يبدأ باستبدال الطبقة الحاكمة. بعد حديث مطوّل عن الطبقة الحاكمة في لبنان والفساد المنتشر، يؤكد أن القضية الأولى التي تحضه للنزول الى الشارع هي "المقاومة"، اما الثانية "فأي قضية تمسه وأهله وأمنهم"، وكشف عن حماسته للتظاهر للمطالبة بانتشار الجيش على كل الأراضي اللبنانية.
بيأس وحزن، يقول "ما منقدر نعمل شي لأن ما حدا بيسمعنا"، ويؤكد ان خياره الوحيد هو الهجرة "ما في حافز يخليني بلبنان.. كلو بدو واسطة".


"قرف"



سالي شريف (19 سنة) لا تتعاطى الشأن العام، الا أنها على علم بالوضع الحالي، رغم عدم اطلاعها الكامل على تفاصيل السياسة اليومية. تصف شعورها بكلمة واحدة "القرف". تجلس برفقة مجموعة من الشبان، عند سؤالها عن الوضع الحالي في لبنان لا تعرف الجواب فتضحك، وكأنها تستعين بأصدقائها "انا ما عم بعمل شي.. اساسا مش أنا اللي لازم أعمل. بالأول يعملو حكومة بعدين أنا بعمل". ترفض سالي الانتفاض وتعزو السبب الى أنها لا تزال صغيرة بالسن، "انا عمري 19 سنة بدي طالب انو يشكلو حكومة؟". تتكلم وكأنها مستسلمة للواقع وتختم بالقول "انا اساساً مش باقية بلبنان".


طوني نوار (20 سنة) يؤكد أن السياسيين هم المسؤولون عن عملية الفراغ الحكومي والمؤسساتي اضافة الى المواطنين الذين يختارون نوابهم من دون أي وعي. "لا أتبنى أي قضية كي أدافع عنها"، يقول بشيء من الاستلشاء، الا أن صديقه ايلي الذي يجلس الى جانبه في كافيتيريا الجامعة، يذكره أنه يعشق السيارات، ما أجبره على التفكير بالطرق والجور والمطبات، "نريد طرق جيدة، لا نريد زحمة السير، نطالب بخفض سعر البنزين"! كل تلك المطالب لم تكن كافية لتحضه على التحرك "عمري 20 سنة لا أستطيع فعل شيء".


يسلّم طوني صديقه مارون الشمالي (21 سنة) الكلام "فهو ملمّ بالوضع السياسي"، وفق تعبير نوار. الشمالي يتكلّم عن التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية من دون كلل أو ملل، "نحتاج ان نهتم ببعض الأمور المحلية، بعيداً عن المشاكل الاقليمية التي تحيط بنا".
تكشف ديانا داغر (22 سنة) أنها من مؤيدي حزب القوات اللبنانية. ترى أن الوضع في لبنان يقف عائقاً في وجه الشباب، وترى أن تشكيل الحكومة ضروري كي تستمر الحركة في البلاد. وتؤكد أن الحل يكمن في عملية اختيار النواب ومحاسبتهم.
في الباحة الخارجية للجامعة يقف "القوتجي" مروان خضرا الى جانب "العوني" سامي صعب، يؤكد الأخير أن "الصحبة شي والسياسي شي تاني". توافق الشابان على أنهما لبنانيان في الدرجة الأولى. صعب يؤكد أن القضية هي "الدين" أما خضرا فيعتبر سيادة لبنان هي الاهم اضافة الى السلاح الذي يوجه الى الداخل. ويعتبران ان القضية المعيشية ليست اولوية خصوصاً أن الخارج يتدخل "في ناس عم تنزل على الشوارع بسلاحها، بدك نتحرك كرمال البنزين". ويشددان على أن الخطوة الأولى للتغيير تبدأ "بحوارنا الشبابي.. وهذا ما ننفعله".


الحال واحدة


طوني نصور (20 سنة) يكشف أنه ينتمي الى "حركة أمل"، اللافت ان الشاب مسيحي ينتمي الى حزب معروف بانتماء مؤيديه الى الطائفة الشيعية.  يرى نصور أن النظام الطائفي السياسي هو الذي يعيق تقدم لبنان. ويشدد على أن انتماءه يشكل خطوة يحتذى بها للانفتاح على الآخر، "يمكن يتغيّر شي يمكن لأ"، ولكن نصور يحاول اجراء خطوة أولى.
شبان آخرون يجلسون عند باب الجامعة، جميعهم أجمعوا على أن الوضع في لبنان يتدهور يوماً بعد يوم، والحكومة لا تتشكل، "ما فينا نعيش بمعاش 400$". حال شباب جامعة الحكمة شبيه بحال شباب جامعات اخرى، اليأس يسيطر على كثيرين منهم، فيما عدد لا يستهان به يردد كلام الزعماء ورؤساء الاحزاب، وعدد آخر يريد التغيير والوصول الى دولة المواطنة والاستقرار بمعزل عن القيادات المجربة لكنه يجهل من اين يبدأ. ويبقى تشكيل حكومة قادرة على التعامل مع الملفات الحياتية حدا ادنى يجمع تطلعات كثير من هؤلاء الشباب الذين يأملون الا يبقى العيش النموذجي الذي يأملونه خارج حدود وطنهم.  


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم