الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - التربية السلوكية والوعي البيئي

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - التربية السلوكية والوعي البيئي
أرشيف "النهار" - التربية السلوكية والوعي البيئي
A+ A-
عندما يطرح موضوع البيئة وتلوثها في هذه الايام، من الطبيعي ان تتجه الانظار نحو البيئة الطبيعية التي طالما تغنينا بجمالها من دون ان يخطر على بالنا ان تلوث البيئة الطبيعية من تلوث البيئة الاجتماعية، هذا لان البيئتين - الطبيعية والاجتماعية مترابطتان ارتباطا عضويا متبادلا، كما سيأتي بحثه لاحقا. فالمجتمع القذر يولد بيئة قذرة، والمجتمع النظيف يحافظ آليا على نظافة بيئته. كذلك بحكم العلاقة العضوية المتبادلة بين الانسان وبيئته الطبيعية لا بد ان ينعكس جمال الطبيعة، في شكل او آخر، على سلوك الانسان. السؤال هنا: اذا سلمنا بهذه المقولة القاعدة، مقولة العلاقة المتبادلة بين الانسان وبيئته، فكيف نفسر تلوث البيئتين معا عندنا في لبنان، فيما كنا دوما نفاخر بجمال لبنان وطبيعته السماوية (لبنان يا قطعة سما)، كما نفاخر بعبقرية اللبناني وشطارته وسمو اخلاقه، وهو الذي جذب العالم وعلمه الحرف، الى ما هنالك من ادعاءات "وتفنيص" ظهرت وما زالت تظهر في تصاريح الكثير من سياسيينا وفي قصائد وادب شعرائنا وادبائنا؟ كيف يمكن لهذه الطبيعة الجميلة، بتفاعلها مع هذه الخلق الرفيعة التي ندعي، ان تنتج هذين التوأمين المشوهين؟ الجواب: انها الكذبة، الكذبة الكبيرة المزمنة التي مسحت ادمغتنا جميعا فصدقنا وآمنا ان الله خلق اللبناني "وكسر القالب". لن ازيد كلمة واحدة حول هذا الموضوع لانني لا اود ان ادخل في متاهاته كي لا اصطدم، كما اصطدمت اكثر من مرة مع مدمني "لبنان الاخضر" وشعر "العنزة ومرقدها". لنعد الآن الى العلاقة المتبادلة بين التربية السلوكية والبيئة. ابدأ اولا بعرض اهم الوسائل التي اتبعتها، وما زالت تتبعها، التربية السلوكية في العالم وان بدرجات متفاوتة بين مجتمع ومجتمع، مظهرا ايجابيات كل منها وسلبياتها. قد يكون اقدم اسلوب عرفه الانسان في مجال التربية السلوكية هو الثواب والعقاب الذي يعود تاريخه الى ما قبل التاريخ الانساني الجلي. وقد يكون مصدره وقوة استمراره الفكر التوراتي عندما كان يهوه إله اليهود يحاول ضبط سلوك "شعبه الخاص" عبر العقاب والثواب، حيث كان هذا الاله يقدم دوما الاغراءات ثوابا والتهديدات بالموت عقابا. كما كان يضطره الامر احيانا النزول الى الساحة شخصيا، كما يفعل زعماء القبائل، ليعد اتباعه بالخيرات عند الطاعة وبالويلات عند العصيان. ان قصة ضبط السلوك المرتبطة بقاعدة الثواب والعقاب لما تزل مسيطرة على فكر انساننا الحديث. فالعصا الغليظة والجزرة المغرية ما زالتا تتحكمان بتربيتنا السلوكية في شكل لا ينسجم مع حقيقة الانسان وجوهره. قد تنطبق نظرية الثواب والعقاب على العجماوات والحيوانات الدنيا لا على الانسان، الا اذا توسلناها ردعية فحسب لا تربوية. ان الذي زاد ربما، في تمسك بعض المربين، من علماء نفس وتربية اجتماعية، بهذه القاعدة، هو نجاح العالم الروسي "بافلوف" في تجربته المشهورة مع الكلب والتي اصبحت تعرف عالميا بقاعدة "التجاوب المشروط"، فقد اخذ عدد كبير من المهتمين بالتربية السلوكية، اثر تجربة هذا العالم الروسي، بتطبيقها على الانسان. والخطأ الفادح الذي وقع فيه بعض هؤلاء العلماء كان في المقارنة بين الانسان والكلب، كلب بافلوف طبعا. اما مصدر الخطأ فكان اولا، في اعتبار السلوك البشري خاضعا لسياسة الثواب والعقاب، غير مدركين ان اعتبارا كهذا يلغي سلطان العقل عند الانسان، العقل الذي يبقى دوما الشرع الاول والاخير لسلوك الانسان. اما الخطأ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم