الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

تلفزيون المستقبل... رفيق الحريري حين كان مشرفاً على نشرات الأخبار

المصدر: "النهار"
ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
تلفزيون المستقبل... رفيق الحريري حين كان مشرفاً على نشرات الأخبار
تلفزيون المستقبل... رفيق الحريري حين كان مشرفاً على نشرات الأخبار
A+ A-

انطلقنا في أواخر عام 1992 في مبنى صغير للأخبار والبرامج السياسية في منطقة الروشة بمحاذاة السفارة السعودية في بيروت. ورشة تأهيل المبنى كانت تواكب التحضيرات لإطلاق تلفزيون المستقبل. استقطبت المؤسسة عند تأسيسها بإشراف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نخبة من الصحافيين والمحررين والكتّاب ومتخرجين جدداً في كل المجالات، حتى إن عدداً من الزملاء في الصحف انتقلوا إلى العمل في التلفزيون. ورشة المبنى لم تمنعنا من العمل وإعداد التقارير الإخبارية ونحن الذين انتسبنا إلى المؤسسة من مواقع مختلفة، لم يسائلنا أحد عن خلفياتنا السياسية، إلا بمقدار ما نستطيع أن نقدمه مهنياً وفي المجالات التي نبرع فيها.

أتذكر أنه في النصف الثاني من شباط 1993 انطلقت أول نشرة للأخبار في التلفزيون. قبل ذلك كنا نعرض تقارير إخبارية ونشرات تجريبية، إلى أن اتخذ التلفزيون موقعه رسمياً في آذار 1993، بنشرة أخبار رئيسية وبنشرة أخرى بعد الظهر، ثم انطلق عالم الصباح بفقراته المختلفة السياسية والاقتصادية والفنية والضيوف الذين توافدوا على التلفزيون الوليد لإطلالة مختلفة.

لم يكن رفيق الحريري في تلك المرحلة بعيداً من محطته الإخبارية. هو كان يشرف عليها بتفاصيلها، حتى إنه كان يعرف كل الأسماء في التلفزيون. عملت في قسم الأخبار والتحقيقات السياسية وإعداد البرامج وفي عالم الصباح، وفي كل مجال كان الهم المهني هو الغالب، وإن كان الحريري يحمل مشروعاً سياسياً واقتصادياً للبلد، يتعرض للنقد والمساءلة والصراع أيضاً من أطراف محلية وإقليمية. ورغم ذلك كان التلفزيون يستضيف معارضين لنهج الحريري وسياسته في التسعينيات من القرن الماضي، فكيف يمكن لشخصية مثل الشهيد سمير قصير أن يقول ما يريده من على شاشة المستقبل، وإن كان المشرف السياسي والإعلامي حينذاك الوزير السابق نهاد المشنوق يمتعض على طريقته، وكيف لا تكون المحطة متنوعة عندما تستضيف شخصيات معارضة، فقط للقول إن التلفزيون في تاريخه كان يتسع للجميع قبل أن تحل عليه الكارثة واللعنة وتطيح تاريخه العريق.

في المراحل السياسية العصيبة كان رفيق الحريري يحتضن المؤسسة، وهي التي كانت تخوض معركته السياسية في التحولات السياسية التي عصفت بالبلد. في عام 1998 مع وصول الرئيس إميل لحود إلى سدة الرئاسة، كانت أكثر اللحظات العصيبة في المحطة. أزيح رفيق الحريري عن رئاسة الحكومة وتولى سليم الحص رئاستها، وبدأت معركة حامية لمنع تطويق الحريري ومشروعه، فلم يتوانَ الرئيس الشهيد عن الإشراف على نشرات الأخبار ومتابعتها وتوجيه المعنيين فيها، كأنه مدير للأخبار والبرامج السياسية. وقبل ذلك كان رفيق الحريري خلال العدوانين الإسرائيليين في 1993 و1996 حاضراً ومتابعاً كل تفاصيل الأخبار حتى وهو يساهم في التوصل إلى اتفاق نيسان الذي أعطى المقاومة شرعية لبنانية في الرد والاستمرار في المقاومة حتى تحرير الجنوب.

الكادر الصحافي والتحريري الذي مر على تلفزيون المستقبل، رفع إسم المؤسسة، قبل أن يتفرق الزملاء القدامى. خلال مرحلة التسعينيات تولى أكثر من خمسة أسماء مديرية الأخبار، علماً أن التلفزيون نجح في حجز مكانة أساسية له، قبل أن يبدأ بالتراجع بعد استشهاد الحريري، ويخرج زملاء كثر إلى العمل في بلاد الله الواسعة.

اليوم يطفئ تلفزيون المستقبل شاشته وينهي تاريخه. النهاية محزنة وإن كان عنوانها الأزمة المالية، لكن الإقفال لا يلغي التاريخ. نهاية محطة أنشأها رفيق الحريري ليس خبراً يمر مرور الكرام.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم