الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بكاسين توأم الإبهار

زياد حرفوش
بكاسين توأم الإبهار
بكاسين توأم الإبهار
A+ A-

لم تشذ مهرجانات بكاسين عن قاعدة الإبهار. هذه السنة أيضا، في نسختها الـ٥٧، ما انفصلت عن توأمها، الألق، ولا فارقت بريقها المعتاد.

ثلاث ركائز نهض عليها تميّز حفلات أجمل بلدة في لبنان: أريج بكاسين نفسها الفوّاح حتى عمق الروح، مسوّرا صنوبراتها الباسقات، وحسن تنظيم الشباب والبلدية ودقة المتابعة قبل وفِي أثناء وبعد، وفرادة من يحيي المهرجان، فنا وحضورا وتمايزا.

ولئن خبرنا عن كثب موسما إثر موسم الركيزتين الاوليين، وقد صارتا ملازمتين للحفلات حدّ التماهي، فلا يسعنا تجاوز ثالثتهما لئلا تهتز عمارة الإدهاش. كارول سماحة وميشال فاضل أضفيا على الأريج ضوعاً من سحر، وألقيا على المكان سياجا عزل الحاضرين عن الخارج وذوّبهم في فضاء المهرجان.

بأنامله على البيانو طوّع ميشال فاضل الألحان، فهيأ لكل نقرة دهشة، وأعدّ لكل نغمة آها. رشيق، ساحر، عازف عارف بالمقامات، خبير بالتنويع والتفريع. يلاعب الآلة كأنه يحادثها فينشأ بينهما حوار يتردد رجع صداه في الجو المسحور، ليولّد في القلب سرّاء لا تفسّر.

وَأَما كارول سماحة، فتسكب من قلبها وروحها فرحا يعشقه المسرح. كوريغرافية، راقية وحماسية معا، نابضة، متوهجة، ولّادة شغف. كفراشة تتنقل بين أغنياتها، تلثم هذه وتتذوق تلك، وتذيق الجمهور من قديمها والجديد. كتلة حياة بثت في الحاضرين روحا من سرور لا يحسن سواها توليده. كبصمة العين لا تُقلّد.

وما بين ميشال وكارول، فرقة اوركسترالية من شبان وشابات ألهبت المسرح غناء ورقصا وعزفا على الكمان. بالعربية والاجنبية أجادوا وعلّقوا بكل نسمة نغمة، وزيّنوا شذا الصنوبر بشدو الحناجر الصدّاحة. ما أفلتت في تلك العشية نوطة واحدة إلا علقت في القلب واستقرت في الفؤاد. ولا أرسل البيانو مقاما الا استتبع خيالا خيّالا طرق أبواب الريبرتوار الفني متذوقا ما لذّ منه وطاب.

كلاهما تعاونا على الإبهار. هو استنزف البيانو وأرهقه واستخرج أفضل ما فيه، فغنّى بأنامله، وهي استطابت العزف بحنجرتها حتى طوّعت النغمة ورقّ لها اللحن.

تستحق بكاسين ان تزهو بنفسها وتنتشي بلياليها الفائقة الالتماع، هي المتوّجة رسميا أفضل البلدات، والمطوّبة شعبيا أقرب المطارح الى الروح، والأكثر جذبا للعين والقلب.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم