الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أطفال ما زلنا

المصدر: النهار
هديل المغربي
أطفال ما زلنا
أطفال ما زلنا
A+ A-

في غضون بضع ساعات تحوّل الحاضر الرتيب لماضٍ جميل، وتلوّن الشعر الأسود بألوان الربيع، واسترجعت الذاكرة أصدق لحظات الحنين.

وكان لي في حقيبة الذكريات متسع، متسع للأحلام المستيقظة باكراً، وللآهات المتكئة على أكتاف العمر القصير، فلهذا السبب أو لذاك، جاء بي القدر بعد زمن طويل إلى المكان نفسه، والأزقة نفسها، حيث كنت أستنشق روح الطفولة وأشم رحيق زهورها، أُحلِّق كل يوم بين غيوم الشقاوة والبراءة، أهتف للحب والشجاعة.

هناك كان لقلبي نبض سريع، ولعقلي فكر يافع وجميل، هناك بدأتُ أولى مخططات المستقبل البعيد، هناك كان للثقة مكان وللشغف عنوان، فهي قصة لا تكفّ عن طرق باب ذهني كل يوم.

قصة طفلة صغيرة، تحنو لأشكال الطبيعة وترنو لأغنيات الصديقة، تكسب القوة من دعاء أمها، وتبني خطواتها من دعم أبيها، فهي لا تقوى على المتابعة وحيدة.

هي الآن ضعيفة، ضعيفة بعد أن تركت ذاك المكان، بعد أن تخلت عنها تلك الجدران، أصبحت هشيمة من الداخل، تنادي أسماء من حولها باتوا لها أعواناً وأصدقاء، لكن ما من مجيب يسمع صوتها والنداء، فحينما رحلت، رحل الصوت والصدى وكل شيء من دون استثناء، فبعد أن كان قطار العمر أسرع من كل التوقعات، وأقسى من صفعة النهايات، أصبحتُ اليوم أتساءل عن رونق طفولتنا ورائحة ثيابنا، هل ما زلت مبتسمة وحالمة بأن يأتي الغد كي تمسح غبارها وترسم مضمار عفويتها وقصور طاقتها لعوائق الحياة،

أم هل من الممكن أن يعيد الزمن بنا الكَرّة، ونقف نشاهد أنفسنا ضمن إطار تلك الصور الصغيرة مرة أخرى؟

كلها أسئلة شائكة في دائرة أذهاننا، نأمل أن نجيب عليها ولو لمرة واحدة، لكن إذ سُئلتُ يوماً ما، كم من مراحل العمر قَطعتُ؟ سأجيب بعد التنهيدة العميقة، بمطلع الأغنية الشهيرة "أطفال ما زلنا!"

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم