الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مجلسٌ دستوريٌّ على مين؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
مجلسٌ دستوريٌّ على مين؟
مجلسٌ دستوريٌّ على مين؟
A+ A-

الحرب على الأبواب، وأنا مشغولٌ باستقلال السلطة القضائيّة، وبسيادتها على ذاتها. صحيحٌ أنّ أمورًا وطنيّةً كثيرةً تعنيني، لكنّي أشعر بكرامتي الوطنيّة مُهانةً، في غمرة ما لا يزال يلحق بالقضاء من إذلالٍ ومصادرةٍ وإحكامِ سيطرة، على أيدي أصحاب السلطان والمتنفّذين والقبضايات، فضلًا عن القابضين على مفاتيح السلطتَين التشريعيّة والتنفيذيّة.

تأمّلوا فقط سذاجة عقلي: أنا وين، والوقائع المشتعلة على "الساحة" اللبنانيّة وين!

الحرب على الأبواب، هذا صحيح، وربّما لن يستطيع أحدٌ منّا أنْ يخرج من بيته هذا الليل، أو صباح غدٍ، في ضوء الأوامر، وساعات الصفر، وعلى هامش الأسباب الداخليّة والإقليميّة والدوليّة، الموجبة وغير الموجبة، المعروفة وغير المعروفة.

لكنّي، أنا المواطن الطبيعيّ الحالم (طبيعيٌّ وحالمٌ أم ساذجٌ وفاقد العقل؟!)، مشغولٌ بهذا المجلس الدستوريّ الذي يُفترض أنْ يسهر على حسن تطبيق الدستور وعلى دستوريّة القوانين.

وأنا مشغولٌ – بقلقٍ شديد – بالطريقة المعيبة التي تمّ فيها تعيين نصف أعضائه قبل شهر أو أكثر، بالتحاصص طبعًا بين قوى السلطة في مجلس النوّاب.

وأنا مشغولٌ أكثر فأكثر بالطريقة المخزية التي تمّ فيها استكمال نصابه في مجلس الوزراء بتعيين النصف الباقي، من طريق تطبيق المعايير المهينة نفسها، فضلًا عن زيادة الطين بلّةً باستيلاء أطرافٍ معينيّن على محاصصاتٍ إضافيّة، بإقصاء طرفٍ معيّنٍ من تركيبة السلطة.

كانت هذه المسألة لتمرّ (لا تمرّ عندي!|) – شأن غيرها من المسائل والأمور - لو أنّ القليل من ماء الوجه القضائيّ بقي مصونًا ومحفوظًا، وإنْ من أجل المظاهر: من مثل تعيين قاضٍ دستوريٍّ مشهودٍ له بالاختصاص والاستقامة والنزاهة والصرامة والتشدّد في احترام الأصول (فقط ليشهد ويعارض). أو من مثل تعيين قاضيةٍ سيّدة (امرأة واحدة من أصل عشرة ذكور أو ذكوريين، فقط كتعبيرٍ رمزيٍّ عن احترام حقّ المساواة بين الرجل والمرأة).

لكنْ، لا لزوم على ما يبدو، في هذا الزمن الأرعن، إلى أيّ مسحوقٍ تجميليّ لإخفاء العيوب العاهرة.

أكتب هذا المقال، والحرب ربّما تكون على الأبواب (إنّها حقًّا لسذاجةٌ مطلقة، أنْ يُكتَب اليوم مثل هذا المقال!)، عارفًا أنّي قد أكون أستفزّ بهذا الموقف، أحد أهل السلطة أو أحد قبضاياتها، وأنّي قد أكون "ألعب بالنار" الموصولة بهشيم الاستدعاءات والمضايقات والدعاوى القضائيّة والجرجرة أمام المحاكم، بعدما أصبحت أعلى سلطةٍ قضائيّةٍ رهينةً مطوّقةً ومستباحةً، وبعدما أصبحت سيادة السلطة القضائيّة على ذاتها، واستقلاليّتها المطلقة عن السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، في خبر كان.

في غمرة ما يجري، في غمرة هذا الانهيار المرعب في المعايير والأصول والأخلاقيّات السياسيّة والدستوريّة والقانونيّة، في غمرة الحرب التي تلحّ على الأبواب، أجدني – يا للسذاجة – أسأل:

مجلسٌ دستوريٌّ على شو، وعلى مين؟

وبعد الآن، بمَن يُستجار بعد الآن؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم