الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

بعد سقوط واحدة وانفجار أخرى... ما هي آلية عمل الدرون وهل تُخطّط بمفردها؟

المصدر: "النهار"
بعد سقوط واحدة وانفجار أخرى... ما هي آلية عمل الدرون وهل تُخطّط بمفردها؟
بعد سقوط واحدة وانفجار أخرى... ما هي آلية عمل الدرون وهل تُخطّط بمفردها؟
A+ A-

توجّهت الأنظار منذ فجر اليوم على التطوّر الأمني المتمثّل بسقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة وانفجار أخرى في ضاحية بيروت الجنوبية، مما أثار جوّاً من التوتّر.

وطُرحت علامات استفهام عدّة حول الطائرة المسيّرة، أو الدرون، وماهيتها، وما هي إمكاناتها والقدرات التي تنطوي عليها؟

ما هي "الدرون"؟

مع تطوّر التكنولوجيا وانتشار التقنيّات الإلكترونيّة بين الحكومات والميليشيات على حدّ سواء، دخلت الحروب الكلاسيكيّة وغير الكلاسيكيّة عصراً جديداً مع استخدام الطائرات بدون طيّار أو "درونز". ففي حين كانت تلك الأخيرة محصورة بالجيوش في بدايات اختراعها، عرفت في السنوات الأخيرة انتشاراً واسعاً بين مختلف الميليشيات المقاتلة على الأرض. ساعد في ذلك، تقلّص حجمها وانخفاض كلفتها وسهولة قيادتها.

تقسم الدرونز إلى مركبات جوّيّة مسلّحة (يوكايف) وأخرى غير مسلّحة (يوايف) فيما يقتصر تصنيع الأولى على أكثر الدول المتقدّمة تكنولوجيّاً. وتطوّرت أهداف استخدام هذه التقنية من المراقبة وجمع المعلومات أوّلاً (بدأت في حرب فيتنام) ثمّ إلى تنفيذ عمليّات اغتيال أو استهداف عسكريّ لاحقاً. ويسيّر الجنود هذه الدرونز من خلال الأقمار الاصطناعيّة.

آليّة عملها التقليديّة

بالعودة إلى الاستخدام العسكري، يشير موقع "درون وور" البريطاني إلى أنّ هذا النوع من الطائرات قادر على التحليق لعدّة ساعات، كما فعلت طائرة "زافير" البريطانيّة سنة 2010 حين حلّقت لمدّة 82 ساعة متواصلة كاسرة الرقم القياسيّ حينها. ويدير شخص عمليّة التسيير عن بعد فيما يقوم آخر بتحليل وتركيز الكاميرات والمجسّات الإلكترونيّة. وفي نفس الوقت، يتواصل شخص ثالث مع الجنود على أرض المعركة الذين طلبوا مساعدة تلك الطائرات. واستُخدِمت الدرونز المسلّحة لأوّل مرّة في حرب البلقان قبل أن تبدأ بالانتشار سريعاً في أفغانستان والعراق والحرب غير المعلنة لوكالة المخابرات المركزيّة "سي آي أي" في باكستان. ويُعتبر اغتيال القادة الإرهابيّين من أهمّ أهداف تلك العمليّات.

لمحة عن المستقبل

تكتب بيرينيس بايكر، باحثة في شؤون الدفاع، ضمن موقع "آرمي تكنولوجي" أنّ مستقبل الدرونز يقسّم إلى ثلاث خانات: التحليق على ارتفاعات عليا والقتال في الحروب والتجسّس بواسطة الطائرات المصغّرة الحجم. وستستطيع هذه الطائرات التحليق لأسابيع وربّما لأشهر. أمّا الدرونز التي ستحلّق على ارتفاعات عالية قد تصل إلى أكثر من ستّة كيلومترات فستكون قادرة على إعطاء صورة بقطر 3000 كيلومتر وأكثر. كما تكتب أيضاً عن كون المصنّعين يستوحون من الطبيعة تصميمهم لطائرات التجسّس الصغيرة التي أصبح بعضها بحجم كفّ اليد وأصغر، على شكل عصافير وحشرات مثلاً، فيما تتمتّع بمرونة كبرى لجمع المعلومات. أمّا الدولة الثانية خلف الولايات المتّحدة في مجال هذه الصناعة فهي الصين، لكن يفصلها جيل كامل عن التكنولوجيا التي تملكها واشنطن.



تحدّيات جدّية

في مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" الأميركيّة، يشير مدير "برنامج الأمن القوميّ والتكنولوجي" بول شارّي إلى أنّ أكثر من 90 دولة تملك الدرونز إضافة إلى منظّمات أخرى.

وعن الهجوم الذي استهدف الضاحية، يقول مدير الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن الدكتور هشام جابر أنّ هناك أنواعاً عديدة من الدرون، منها يُستعمل للاستطلاع، ومنها أنواع انتحارية، بحيث تحمل كمية من المتفجرات ويتم تسييرها نحو هدف معيّن، تفجّر نفسها فيه، كما أنّ هناك أنواعاً من الدرون تحمل صوايخ دقيقة، إضافة إلى أنواع تعمل الكترونياً لقطع الاتصال والتشويش عليها".

ويقول في اتصال مع "النهار": "الطائراتان اللتان سقطتا في الضاحية هما من النوع الصغير، يراوح حجمهما بين متر ومترين نصف المتر، ويمكن تحميلهما كمية قليلة جداً من المتفجرات"، لافتاً إلى أنّ "هذه الأنواع من السهل اكتشافها، وهي لا تحتاج الى رادارات حديثة، حتى أنّها لا تحتاج الى رادارات، ويمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، كما أنّ إسقطاها لا يحتاج الى عملية معقّدة ويمكن ان تسقط بسهولة وبأي سلاح عادي".

ويستبعد جابر أن تكون طائرتا الضاحية قد أُطلقا من شمال فلسطين المحتلة، مرجّحاً أن تكونا أُطلقتا من البحر مقابل الاوزاعي، من بارجة حربية أو من زورق حربيّ إسرائيلي بمسافة تراوح ما بين 3 الى 5 كلم، بالتالي من المؤكد أنّهما أُطلقتا من المياه الإقليمية اللبنانية".

ويشرح: "تقنياً، الطائرة الاولى التي سقطت في الضاحية لا علاقة لها بالثانية. فالأولى معدّة للتصوير وجمع المعلومات، وتحديد الهدف، أما الثانية فهي انتحارية، وتحمل متفجّرات، ويبدو أنّ هدفها مركز العلاقات الإعلامية في "حزب الله"، وهي ربما أخطأت هدفها بحوالى 30 متراً، وهذه الأخطاء شائعة بالنسبة إلى مستعملي الدرون، فدائماً يكون لديها هامش خطأ بين 10 و30 متراً من هدفها".

لا ينفي جابر إمكان أن يكون الحزب قد أسقط احدى الطائرتين، لأنّ إسقاطها سهل، مستبعداً في الوقت عينه، أن يكون قد سيطر عليها الكترونياً، كما أُشيع، لأنّ الاختراق الالكتروني معقد نوعاً ما ويحتاج وقتاً اطول".

وعن نفي "الحزب" عملية السقوط، يلفت الى أنّه ربما بالفعل لم يسقطهما، وفي حال أسقط أحدهما، فليس لديه المصلحة أن يعلن ما لديه من امكانات وخصوصاً على صعيد الدفاع الجوّي، كما أنّ اسرائيل مهتمة جداً بمحاولة معرفة قدرات الحزب على هذا الصعيد بالذات، كما لا يمكن استبعاد نظرية أن تكون هكذا عمليات لجسّ النبض حول قدرات حزب الله".

في المقابل يشير خبراء عسكريين مقربون من "حزب الله" إلى أنّ "اسرائيل اعتمدت أسلوباً جديداً في التعاطي، وهو أسلوب خطير ومعقّد جداً وسيفتح الابواب على طرق جديدة في الرد".

ويرّدون التوقيت الى "الحشر" الانتخابي الذي يعانيه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو يسعى من أيام الى ايهام الداخل الاسرائيلي الذي لم يعد يصدّقه أنّه بإمكانه تعديل قواعد الاشتباك مع الحزب عبر عمليات عسكرية في لبنان وسوريا".

ويوضحون أنّ لعبة التكنولوجيا يمكن أن ترتّد عليهم في أي لحظة، فهي أصبحت متاحة بيد الجميع، مشدّدين على أنّه سواء كان "حزب الله" يمتلك التكنولوجيا الرادعة لهذه العملية، أو لا يمتلكها، فإسرائيل قد فشلت فشلاً ذريعاً في أولى عملياتها".

يُعتبر دخول الدرونز إلى عالم الحروب عاملاً مساعداً للدول في تفادي خسارة الأرواح في صفوف جنودها. لكن مع ذلك، هو يؤشّر إلى إضافة المزيد من عناصر التعقيد إلى تلك الحروب، بما قد يلغي منافع حماية الجنود بسبب تصاعد التوتّر إلى نزاع شامل بسبب استخدام في غير محلّه لتلك التكنولوجيا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم