السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ثوابت مصانة

المصدر: النهار
زيد الطهراوي
ثوابت مصانة
ثوابت مصانة
A+ A-

كان الشعر العربي القديم يعيش في حالة اعتدال في المفاهيم، إذ كان الناس يفهمون مفردات الشاعر ويرفضونها إن كانت تخالف تعاليم الدين الإسلامي.

واستمر الأمر على هذا الوضوح إلى أن خرج الشعر الصوفي، فتمادى في مفردات يُحكم على ظاهرها بالخروج عن دين الله، ولكن يستمر الشاعر أو أصحابه بالدفاع المستميت عن هذا الشعر، وأنّ هناك معنى باطنياً وراء ما فهمه الناس.

أما موقف علماء الشريعة فهو واضح، وهو معاملة هذا الشعر على ظاهره، ومحاكمة الشاعر الذي كتب هذا الشعر ولم يتب ويتبرّأ مما كتب.

وهذا ينطبق على ما ابتلينا به من شعر جديد تأثر بالفكر الغريب كالفكر الماركسي، فأنتج رموزاً ومفردات لا يقرّها الدين الحنيف.

واتكاء هذا الشعر على دلالات المفردات له ما يبرره، فالطفل هو الحب الذي يموت بعد الإعراض، كما يموت الطفل بعد إعراض والديه عنه، والليل هو الاحتلال الذي يجثم على أصحاب الوطن الحقيقيين كما يجثم الليل على الناس فيذهب بياض نهارهم، والأمّ هي الأرض التي تشبه الأمّ بقوة العاطفة التي يختزنها الإبن نحوها، والظل هو اليأس أو خنق الحرية، والشمس هي الأمل.

كل هذه الرموز مقبولة ولكن المرفوض هو أن يتجرأ الشاعر فيتحدث عن بيئة أصابها بُعدٌ عن الدين فإذا به يرمز بلفظ الجلالة (الله) لهذا البُعد، فلا يقول غاب الدين عن هذه البيئة ولكنه يقول: غاب الله. وهنا يتألم الناس.

وبعيداً كل البعد عن إصدار أحكام شرعية بحق هذا الشاعر، فالأصل أن يجتنب الشاعر مثل هذه الرموز ويتكلم بوضوح، فالثوابت في عقيدة المسلم تبقى ثوابت لا يجوز المساس بها، والشاعر الفنان هو من يستطيع أن يبدع شعره دون أن يؤذي مشاعر المسلمين في معتقداتهم.

ويساند هذا ويؤيده أن هذا الشاعر مسلم ومحبّ لدينه ولكنه يقول بأن هذا الشعر الحرّ الجديد حمّال أوجه.

ولكن هذا لا يعطي العذر للشاعر، فالنفوس تتألم، والأحكام من المتسرعين تظهر. فلنعجّل بحسم هذا الأمر قبل حدوث ما لا تحمد عواقبه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم